توقيت القاهرة المحلي 22:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا لو عاد المسيح؟

  مصر اليوم -

ماذا لو عاد المسيح

بقلم - د. محمود خليل

فى كتابه «عبقرية المسيح» يطرح الكاتب الكبير عباس محمود العقاد هذا السؤال: ماذا لو عاد المسيح؟ وذلك عقب رحلة شيقة أبحر فيها عبر حياة المسيح، عليه السلام.

اقتبس «العقاد» السؤال من إحدى روايات الكاتب الروسى العظيم دستوفيسكى، يتخيل أحد أبطالها أن المسيح عاد إلى الأرض مرة ثانية فى زمن محاكم التفتيش فى الأندلس (إسبانيا حالياً)، فهرع إليه الحزانى والمستضعفون، فضمد جراحهم وواسى أحزانهم، وبينما هو كذلك، إذ برجال رئيس ديوان التفتيش يحيطون به، ويقبضون عليه ويسوقونه إلى ساحة المحكمة.

وقف المسيح أمام رئيس ديوان التفتيش، فسأله الأخير: لماذا جئت إلى هنا؟.. لماذا تعوقنا وتلقى فى طريقنا العثرات؟.. لقد كلفت الناس ما لا طاقة لهم به، كلفتهم حرية الضمير، ومهمة التمييز بين الخير والشر بأنفسهم، ويؤكد رئيس الديوان بعد ذلك أن هذا التكليف هو سر شقاء الناس، أما «ديوان التفتيش»، الذى بات يسيطر على الناس، فقد عرف مشكلتهم وشخّص داءهم، فأعفاهم من هذا التكليف، ووجههم إلى تنويم ضميرهم، وبات يختار بالنيابة عنهم، ولم يعد مطلوباً منهم إلا أن يسمعوا منه ويطيعوا.. فلماذا يعود المسيح من جديد ليحدِّث الناس بحديث الاختيار وحرية الضمير؟

رأى رئيس ديوان التفتيش أن الخير للناس أن يتنازلوا عن حقهم فى الاختيار، وأن ينوب عنهم غيرهم فى ذلك، وأن الأكثر راحة للإنسان أن يضع ضميره فى ثلاجة حتى يتجمد ويصبح عاجزاً عن تحريكه. فالناس لا تحب المسئولية التى تترتب على الحرية، وتريد أن تسلك فى الحياة بلا ضمير يؤنبها ويردعها ويقول لها فى لحظة إن هذا الطريق خطأ وعليهم التوقف عن السير فيه، وإن الطريق الصواب أحق بالسير فيه، ولو كان مفروشاً بالتعب والألم.. واختتم رئيس ديوان التفتيش حديثه قائلاً: «لماذا تريد من الإنسان أن يفتح عينيه من جديد وأن يتطلع إلى المعرفة وأن يختار لنفسه ما يشاء، وهو لا يعلم ما يشاء؟.. دع هذا الإنسان لنا وارجع من حيث أتيت، وإلا أسلمناك لهذا الإنسان غداً، وسلطناه عليك، وحاسبناك بآياتك، وأخذناك بمعجزاتك.. ولترين غداً هذا الشعب الذى لثم قدميك اليوم مقبلاً علينا مبتهلاً لنا أن نخلصه منك وأن ندينك كما ندين الضحايا من المعذبين والمحرقين».

يا لروعة «دستوفيسكى» إنه ببساطة يريد أن يقول إن المسيح، عليه السلام، يسكن قلب العبد المؤمن، وتجرى تعاليمه بداخله مجرى الدم من العروق، وتمسك الإنسان بهذه التعاليم هو ما يجعل المسيح يعود من جديد، أما تنازله طوعاً عن تعاليمه، وتخليه عن حقه فى الاختيار وحرية ضميره، فيعنى أنه قرر إخراج المسيح من قلبه، وأسلم روحه لمن يستعبدها ويسيطر عليها، ويلوثها، ويدفعها دفعاً إلى الهلاك.. وعندما ذكر رئيس ديوان التفتيش فى هذا الحوار المتخيل أن بإمكانه أن يسلم المسيح فى الغد لمن يلثمون قدميه اليوم، فيثورون عليه ويطالبون بمحاكمته، لم يكن بعيداً عن تلك الحقيقة.. فالنفس التى تثور على التعاليم هى نفس ثائرة ومتمردة على صاحب التعاليم ذاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو عاد المسيح ماذا لو عاد المسيح



GMT 22:17 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لا تراهنوا على خلافاتهم فكلهم صهاينة

GMT 22:16 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الزلزال الأوروبي والحضارة الجديدة

GMT 21:23 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

صفعة عمرو دياب!

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الذين يرفعون عيونهم إلى السماء!

GMT 21:20 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

حين يغيب الحوار

GMT 20:17 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

ماذا يفعل ترامب بالولايات المتحدة؟!

GMT 20:16 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

كعبة وجمل وسفينة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

«حلا شيحة»: أنا مش أنا

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 15:15 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اللّون الأحمر يتصدر إطلالات المشاهير هذا الصيف
  مصر اليوم - اللّون الأحمر يتصدر إطلالات المشاهير هذا الصيف

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

نصائح لتنظيف المنزل لعيد الأضحى بأقل مجهود
  مصر اليوم - نصائح لتنظيف المنزل لعيد الأضحى بأقل مجهود

GMT 15:53 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة المصري يعلن عن تعديل مواعيد بعض المباريات

GMT 18:26 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تسجل 1,158 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 09:31 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

تألُّق هيفاء وهبي خلال حفلة رأس السنة

GMT 20:21 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

يوفنتوس يخطط لصفقة شتوية من البريمييرليج

GMT 14:03 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سواريز يؤكّد رغبته في مواجهة فريقه السابق"ليفربول"

GMT 22:58 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرة الثقافة تشهد ختام الدورة ال27 لمهرجان الموسيقى العربية

GMT 09:55 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

"قناع القهوة" لشعر لامع وناعم بلا مشاكل

GMT 08:13 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

"غراى كى" تقنية متطورة لفتح بيانات هواتف "آي فون"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon