توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القدر.. علم أم جبر؟

  مصر اليوم -

القدر علم أم جبر

بقلم - د. محمود خليل

يقول الله تعالى في سورة القمر: «إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ». يقول «ابن كثير» في شرح هذه الآية إن الله تعالى قدر قدرا وهدى الخلائق إليه، فقدر الله تعالى سابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها.

فالقدر معناه «علم الله السابق للأشياء»، ومن أسماء الله الحسنى «العليم»، وعلم الله تعالى يحيط بكل شىء وكل إنسان، وهو علم أزلي أبدي، والآيات التي تؤكد على علم الله السابق للأشياء متعددة ومتنوعة، مثل قوله تعالى: «وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّره تَقْدِيرا»، فكل مخلوق فى هذه الحياة يقع تحت سلطان علم الله تعالى.. وقوله تعالى: «وَالَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى»، فالله تعالى بيّن للإنسان طريقي الخير والشر في الحياة، وأودع في قلبه بوصلة تمكنه من التمييز بين الطريقين.

وتأسيسا على ما سبق، يتوجب علينا أن نعيد النظر في مفهوم القدر كنوع من القهر أو الجبر المفروض على الإنسان ولا يملك الفكاك أو التملص منه، فالقدر يعني العلم المسبق المسجل عند الله حول مسيرة الإنسان في الحياة.. يقول الله تعالى: «قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ». فكل ما يصيب الإنسان في حياته مكتوب عند الله العليم القدير، لكنه هذا الذي يصيبه يكون من عمل الإنسان نفسه، والله تعالى يلطف بعباده المتوكلين عليه فيما يدهمهم من مصائب الحياة، لذا فقد دعا الله المؤمنين في ختام الآية الكريمة إلى التوكل عليه.. فعلم الله المسبق لا يتنافى مع إرادة الإنسان واختياره لأفعاله، والدليل على ذلك تجده في الآية الكريمة التي تقول: «وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ».

معنى القدر كإشارة إلى علم الله المسبق تجده حاضرا أيضا في الآية الكريمة التي تقول: «مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ». ويشير «ابن كثير» إلى أن الله يخبر فى الآية الكريمة عن قدره السابق في خلقه قبل أن يبرأ البرية فقال: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنفُسِكُمْ) أي: في الآفاق وفي نفوسكم (إِلَّا فِى كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا) أى: من قبل أن نخلق الخليقة ونبرأ النسمة.

الله تعالى قادر مقتدر على أن يسيّر حركة الحياة وحركة الإنسان على مسرح الحياة، وهو سبحانه أيضا عادل، فقد منح الإنسان القدرة على الاختيار وهيأه نفسيا وذهنيا للتمييز بين الصواب والخطأ، وبالتالي فعندما يسلك طريق الخير يكون باختياره، وحين يسلك طريق الشر فباختياره، والله تعالى يحاسبه في النهاية على اختياراته.. يقول الله تعالى: «إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرا وَإِمَّا كَفُورا».. ويقول: «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا».. ويقول: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ».

مفهوم القدر في القرآن الكريم يدل على «علم الله المسبق» أكثر مما يدل على القهر والجبر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القدر علم أم جبر القدر علم أم جبر



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt