توقيت القاهرة المحلي 14:01:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

‎الحريات تقتل الشائعات

  مصر اليوم -

‎الحريات تقتل الشائعات

بقلم : عماد الدين حسين

يوم الخميس قبل الماضى دعتنى جامعة الإسكندرية للحديث إلى طلابها عن «الشائعات فى العصر الرقمى.. التحديات وسبل المواجهة».
‎الدعوة جاءت من كلية الآداب عبر الصديق الدكتور أحمد فؤاد أنور أستاذ اللغة العبرية والكاتب المتخصص فى الشئون الإسرائيلية.
‎وتشرفت أننى كنت بصحبة أحد أصدقاء العمر الكاتب الصحفى أكرم القصاص رئيس مجلس إدارة اليوم السابع، وقبل بداية الندوة قدم لنا الدكتور هانى خميس عبده عميد كلية الآداب دروع التكريم.
‎تحمست لتلبية الدعوة للنقاش مع طلاب الجامعات لمعرفة كيف يفكرون ورؤيتهم للواقع.
‎اللقاء الذى استمر ساعتين وأداره باقتدار الدكتور أحمد فؤاد ضم طلاب عدد كبير من كليات الجامعة المختلفة وليس فقط من كلية الآداب وبعض الأساتذة.
‎ وخلال النقاش اكتشفت ارتفاع مستوى الوعى لدى غالبية الطلاب، لكنه كشف أيضا أن بعض الطلاب غارقون إما فى نظرية المؤامرة الكونية، أو التفكير النمطى.
‎فى كلمتى الأولية قلت إن الشائعات موجودة منذ بداية الخلق وسوف تستمر حتى قيام الساعة، فى كل بلدان العالم، لكن بدرجات متفاوتة، والمؤكد أن وسائل الإعلام الرقمية لعبت دورا رئيسيا فى زيادة حجم وتأثير الشائعات، وصار بإمكان شخص واحد مدرب جيدا أن يؤثر فى بلد بأكمله، عبر جهاز موبايل صغير.
‎ليست تلك هي المرة الأولى التى أتحدث فيها عن الشائعات سواء مع طلاب جامعات أو فى برامج تليفزيونية متنوعة.
‎ورأيى الذى أكرره دائما أنه لا يمكن لأى دولة أن تمنع الشائعات بنسبة مائة فى المائة.
‎لكن كلما كان هناك هامش حرية حقيقى فإنه يمكن مواجهة هذه الشائعات وتكذيبها أولا بأول.
‎رأيى الواضح أيضا أن الشائعات تنتشر فى الأجواء والبيئات المغلقة، وبالتالى فإن وجود الحريات أو القدر الأكبر منها هو أفضل علاج لمرض الشائعات.
‎وفى الماضى وقبل انفجار وسائل الإعلام الرقمية كانت دول كثيرة لا ترد على الشائعات حتى لا تزيد من انتشارها، لكن هذا الطريق لم يعد مفيدا، بل هو شديد الضرر، ويقود إلى زيادة حجم الشائعات بل يجعل المستهدفين يتعاملون معها وكأنها حقيقة.
‎الإحصائيات تقول إن الشائعة تنتشر ست مرات أكثر من الأخبار الحقيقية. وكلما كان الوعى غائبا والتعليم متدهورا والاقتصاد مأزومًا زاد انتشار الشائعات، وبالتالى فإن على وسائل الإعلام أن تحرص على تطبيق القواعد المهنية بكل صرامة، خصوصا فى التأكد من صحة ودقة الأخبار قبل نشرها. فى حين أن المواطن أو القارئ عليه مسئولية أساسية فى التأكد من صحة أى خبر يقرؤه والاعتماد على وسائل الإعلام الكبرى والموثوقة، وليس على وسائل إعلام لا تتمتع بالمصداقية أو وسائل تواصل اجتماعى، والأخيرة ليست مصدرا للأخبار الصحيحة، لكن دورها يزيد ويصبح أكثر تأثيرا فى حالة تراجع دور وسائل الإعلام التقليدية ونقص هامش الحريات.
‎هل وجود تعليم جيد واقتصاد قوى يمنع انتشار الشائعات والقدرة على التأثير على الناس؟
‎الإجابة هى لا، والدليل هو ما يحدث فى مناطق كثيرة فى العالم وسوف اختار مثالين على صلة بما يحدث فى منطقتنا.
‎الأول من أمريكا أقوى دولة فى العالم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ولديها أفضل الجامعات والمعاهد البحثية وتتمتع بقدر وافر من الحريات. لكن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نجح فى إقناع غالبية مواطنى هذه الدولة بأفكار وسياسات غاية فى التطرف. وظنى أن ذلك يكشف عن القدرة على التأثير على عقول مجتمع كامل بأفكار وسياسات غريبة.
‎المثال الثانى هو إسرائيل التى تدعى أنها «واحة الاستقرار والديمقراطية فى صحراء الديكتاتورية العربية الجرداء»، لكننا اكتشفنا أيضا وهى تنفذ أكبر مجزرة فى تاريخ الإنسانية ضد قطاع غزة، أنها تمارس أكبر قدر من الشائعات، وآخرها ما كشفه وزير الدفاع السابق يوآف جالانت بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو هو من اخترع شائعة غير صحيحة، بوجود نفق لتهريب الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة، حتى يتهرب من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
‎وبالتالى فالشائعات ليست حكرا فقط على الأغنياء أو المتعلمين، بل تنتشر فى كل الأجواء، وكلما كانت هناك حريات ورأى آخر ومحتوى جذاب ومصارحة الناس بالحقائق أولا بأول، تراجعت الشائعات.
‎شكرا لجامعة الإسكندرية ولطلابها وأساتذتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

‎الحريات تقتل الشائعات ‎الحريات تقتل الشائعات



GMT 08:31 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 08:29 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 08:28 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 08:27 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 08:26 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فتنة الأهرامات المصرية!

GMT 08:25 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 08:24 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 08:23 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

زميلنا الرئيس السادات

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:01 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مصر ترسل قافلة مساعدات شتوية تزن نحو 5900 طن إلى غزة
  مصر اليوم - مصر ترسل قافلة مساعدات شتوية تزن نحو 5900 طن إلى غزة

GMT 09:39 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامية ناردين فرج تقدم برنامج "ذا فويس كيدز" 2017

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

حافظ على صحة قلبك والجهاز الهضمى بالعدس

GMT 10:43 2017 الإثنين ,22 أيار / مايو

أفكار وأكسسوارات مميزة لمطبخ رمضان الكريم

GMT 06:16 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة إيطالية حديثة تؤكّد أنّ "سرعة القذف" حالة نفسية

GMT 16:22 2017 الإثنين ,20 آذار/ مارس

10 نصائح لاختيار صندوق طعام طفلك المدرسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt