توقيت القاهرة المحلي 19:36:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»!

  مصر اليوم -

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»

بقلم - طارق الشناوي

السينما العربية فى المجمل بخير، رغم تراجع الاهتمام الرسمى، وهبوط سقف المسموح، وحالة الرقابة التى لا تكف عن التوجس حتى فى المسلمات، رقابة تبحث عن (إن)، ترى أن أى عمل، خاصة لو سافر خارج الحدود، فهو فى النهاية كانت لديه (إن) أدت لحماس المهرجان الدولى لعرضه رسميًا، ولا تعترف أبدًا بأن الفن الجميل يفرض نفسه بكل لغات العالم، ولا توجد بالضرورة (إن) الساكنة دومًا فى أعماق الرقيب.

ودعنا قبل 48 ساعة مهرجان (مالمو)، بالسويد، فى دورته الرابعة عشرة، المخرج محمد قبلاوى، رئيس ومؤسس المهرجان، حريص باختياراته على أن يصبح هو (مهرجان المهرجانات للسينما العربية)، لم يلجأ مثلًا إلى لجنة اختيار لكى يرشح هذا الفيلم أو يستبعد الآخر، فقط وقع اختياره على الفيلم العربى الذى تمكن من الحصول على جائزة عالمية، أو شارك فى مهرجان معترفًا به، وفى النهاية هناك عين سوف تختار الأجمل- أقصد لجنة التحكيم.

كثيًرا ما أتعرض لهذا السؤال، ما هى دلائل نجاح العمل الفنى؟، أول الأسرار أن تجد نفسك مدفوعًا لكى تشاهده مجددًا، ولا تكتفى أبدًا برؤية واحدة، وهذا هو بالضبط ما حدث لى مع الفيلم الأردنى (إن شاء الله ولد)، إخراج أمجد الرشيد، بعد انتهاء عرضه لأول مرة بمهرجان (كان)، فى قسم (أسبوع النقاد)، وجدت نفسى أبحث- برغم ضيق الوقت- عن الموعد الثانى للعرض، المهرجان متخم بعشرات من الأفلام المهمة، إلا أن هناك العديد من التفاصيل فى المعالجة السينمائية التى يحملها الشريط، تدفعك للتفكير فى المعضلة التى يتصدى لها، فهى تثير بقوة العديد من القضايا الملحة اجتماعيًا، كما أنها تنير لنا أيضًا الطريق للتأمل. رغم كل المعوقات التى تواجه السينما العربية، مع اختلاف الدرجة، إلا أن هناك عددًا من المبدعين، صاروا قادرين على إثارة الدهشة فى العالم، من خلال مشاركتهم فى كبرى المهرجانات، لا يكتفون فقط بشرف الحضور، ولكن كثيرًا ما يتم تتويج الفيلم بأكثر من جائزة، تكتشف أن عددًا من الجوائز نالها أيضًا وهو مجرد مشروع سينمائى، على الورق، وعن طريق هذا الدعم المسبق للشريط استطاع المخرج إنجاز الفيلم، تتعدد فى العالم مصادر التمويل، والمبدع يستطيع من خلال موهبته أن يجد من يحيل حلمه إلى فيلم.

(إن شاء الله ولد)، نال جائزتين (جان فونديشن)، والثانية (ريل دور)، بعد مشاركته فى قسم (أسبوع النقاد) بمهرجان (كان) السينمائى، وانطلق بعدها لأكثر من مهرجان عربى وعالمى، حتى وصل إلى (مالمو) وتوج بدائزة أفضل ممثلة (منى حوا).

الشريط السينمائى به مساهمات إنتاجية من صناديق عربية، مثل: ملتقى القاهرة السينمائى، ومهرجان البحر الأحمر، ومؤسسة الدوحة، وتلك أصبحت واحدة من ملامح الإنتاج فى العالم كله، تتعدد المساهمات المالية، مثل (مركز السينما العربية) للباحث السينمائى علاء كركوتى، كما أن هناك مشاركة إنتاجية مصرية من شاهيناز العقاد، بينما مونتاج الفيلم لأحمد حافظ، ومدير التصوير كانيمى اونا ياما، الذى حصد فيلمه (كل شىء كل مكان فى نفس اللحظة) على جائزة الأوسكار. الفيلم يتناول بنعومة وذكاء وأيضًا إبداع موقف الشريعة الإسلامية من الزوجة التى تعول ابنة بعد رحيل زوجها، وحق العم الذى ينازعها الميراث- لا يتجاوز شقة الزوجية- بحجة أنه يتكفل برعاية ابنة أخيه، رأيناه لا يعنيه شيئًا فى الدنيا سوى حقه فى الشقة، حتى لو طرد أرملة أخيه وابنتها إلى الشارع. محاور متعددة قدمها المخرج أمجد الرشيد، المشارك فى كتابة السيناريو، بما فيها علاقتها الملتبسة مع الزوج، ونظرة المجتمع للمطلقة، السيناريو يفتح العديد من الأقواس ويتركها، ثم يعود إليها ليغلقها، ليفتح أقواسًا جديدة، وحتى نهاية أحداث الفيلم، لم يغلق كل الأقواس. لا توجد أحداث مجانية، بما فيها تسلل الفأر للمطبخ الذى ينتهى بالتخلص منه، تأجيل الحسم يشبه تمامًا ما حدث للبطلة فى مواجهة أبسط الأشياء التى تتعرض لها، فهى أيضًا كانت مترددة تؤجل الحسم. شاهدنا الزوج فقط فى المشهد الأول، والزوجة التى أدت دورها بإبداع «منى حوا» تطلب منه المعاشرة بعد أن أخبرها الطبيب بأن اختيار التوقيت فى أيام محددة (التبويض) يزيد من فرص الحمل، كانت تريد شقيقًا أو شقيقة للبنت، أقرب إلى تأدية واجب بغرض محدد الإنجاب. الفيلم يقدم الموت ببساطة، ليستطيع أن يناقش مباشرة قضيته، ولم يستغرق كثيرًا فى طقوس الحزن، قدم ما هو متعارف عليه كموقف متزمت للأرملة، من خلال نظرة تتدثر عنوة بالدين، البساطة فى تقديم مراسم الموت، والقفز بسرعة على أحزان الطفلة، كان المقصود به تهيئة كل الأطراف لمناقشة القضية الرئيسة. موقف الشريعة، ليس فى الحقيقة موقفًا قاطعًا للشريعة، بقدر ما هو تفسير قاصر لها. وهذا يجيب عن سؤال: لماذا صفق الناس فى دار العرض عندما اكتشفوا دراميًا أن البطلة حامل، وكأنهم يقولون معها (إن شاء الله ولد) حتى تنتهى مشكلة الميراث، رغم أننا فى بعض الأعمال الدرامية تابعنا أن إنجاب الولد لا يكفى لإغلاق تلك الصفحة؟.

الفيلم يقترب من المرأة حتى فى ضعفها البشرى بعد رحيل الزوج، كما أنه يقدم عائلة مسيحية تشارك البطلة كمعالج طبيعى للجدة العجوز، ونرى العكس، الزوجة المسيحية تسعى للإجهاض، لأنها لا تريد أن يربطها طفل بزوجها (زير النساء)، وتأخذها بطلة الفيلم إلى طبيب يجرى عملية الإجهاض، وعلى باب العيادة نرى يافطة (مغلق للصلاة)، بينما هو يجرى عمليات الإجهاض المخالفة قطعًا للشريعة، أراد المخرج فضح هذا التناقض، مع من يعتبرون الدين مجرد حالة طقسية.

المخرج الموهوب أمجد الرشيد فى بناء السيناريو ينتقل بسلاسة من واقعة الموت إلى المعاناة، وأيضًا اكتشافها أن الزوج كان يستخدم أحيانًا واقيًا ذكريًا وجدته بين ملابسه. الرقابة الأردنية وافقت على السيناريو والشريط السينمائى ممثلًا للمملكة فى (كان) وفى كل المهرجانات المماثلة، وهذا ما يؤكد على سعة الأفق، رغم هذه الجرأة التى حملها الفيلم، والتى يناصبها العداء قطعًا كل التيارات الإسلامية المتعصبة. تميز المخرج بقدرته على ضبط الإيقاع، كما أنه عرض قضيته الشائكة بإمتاع وخفة ظل، بعيدًا عن (الكليشيهات) المتعارف عليها، لتكتب السينما الأردنية صفحة مشرقة فى تاريخها، عندما اتحد الجمهور مع بطلة الفيلم فى المشهد الأخير (إن شاء الله ولد)!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو» «إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»



GMT 09:13 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مبروك للأبيض.. عقبال الأحمر

GMT 09:11 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

ماذا بعد رئيسى؟

GMT 08:04 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

فى تكريم الزعيم

GMT 08:01 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

زواج الملياردير الأمريكى فى مصر!

GMT 08:00 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

حتى لا تستمر مصر مهيضة الجناح فى 2025!

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الإشكالية الفلسطينية الكبرى

GMT 07:56 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تل أبيب تغسل يديها

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الاعتدال الذى تكرهه إسرائيل

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 12:24 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 08:45 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

برج الجوزاء تبدو ساحرا ومنفتحا

GMT 14:27 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تفسدوا فرحة ”الديربي“

GMT 18:30 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

قمة نارية بين ميلان ضد يوفنتوس في الدوري الإيطالي الأربعاء

GMT 11:36 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بارتوميو يعلن مشاركة برشلونة في بطولة كبيرة قبل استقالته

GMT 23:41 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

تطبيق جديد تستخدمه المرأة الحامل للعثور على مكان في المترو

GMT 03:22 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أسعار البيض في الأسواق المصرية الإثنين

GMT 06:41 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا تنشر صورتها بملابس السيدة العذراء

GMT 21:57 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

رمضان صبحي يفوز بجائزة لاعب الشهر في بيراميدز

GMT 09:39 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

يورغن كلوب يحسم الجدل حول مستقبل صلاح

GMT 10:53 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شوبير يعلق على هزيمة منتخب مصر لكرة اليد من السويد

GMT 14:26 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

إدارة الملوثات العضوية الثابتة بالبيئة المصرية تعلن حصاد 2020

GMT 12:51 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

طريقة تحضير لسان العصفور بالخضار
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon