توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا.. مخاطر التصعيد بانتظار التسوية

  مصر اليوم -

أوكرانيا مخاطر التصعيد بانتظار التسوية

بقلم :ناصيف حتّي*

قرار روسيا الاتحادية ضم مناطق أربع من أوكرانيا إليها، وهى لوجانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، فى استفتاء تم فى خضم الحرب القائمة وباعتبار أن لهذه المناطق علاقات تاريخية خاصة مع روسيا، شكل خطوة تصعيدية كبيرة فى الحرب الدائرة. حصل ذلك بعد أن شعرت موسكو أنها آخذة فى الغرق فى الرمال المتحركة الأوكرانية وفى حرب استنزاف يقودها الحلف الأطلسى ضدها بواسطة كييف ومن خلال توفير جميع أنواع الدعم العسكرى الكمى والنوعى لأوكرانيا. ردت كييف بطلب تسريع الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسى. وكان الحلف قد رحب بانضمام أوكرانيا خلال مؤتمره فى جورجيا عام ٢٠٠٨. ولكن بين التهديد بقبول أوكرانيا فى الحلف الأطلسى وتنفيذ ذلك القرار على الصعيد الفعلى مسافة شاسعة. ويرى الكثيرون فى الغرب أنه من غير الممكن قطعها، إذ إن حصولها يدخل الحلف الغربى فى صراع مفتوح مع موسكو لا تعرف أدواته وأبعاده ونتائجه. ولا يمكن أن تقبل روسيا بنشر صواريخ حاملة لرءوس نووية على حدودها الطويلة مع أوكرانيا. الأمر الذى يشكل تهديدا خطيرا وكبيرا للأمن القومى الروسى. ورد الرئيس الروسى فى كلمة/رسالة إلى الغرب ألقاها فى الكرملين جاء فيها أن بلاده تعمل لإقامة نظام متعدد الأقطاب على حساب نظام الأحادية الغربية الذى تقوده واشنطن. وللتذكير فإن الدول التى كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى أو من حلف وارسو وانضمت إلى الحلف الأطلسى بعد نهاية الحرب الباردة قامت بذلك فى «لحظة الأحادية الأمريكية» التى طبعت النظام الدولى غداة نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتى. لحظة انتهت مع عودة روسيا الاتحادية للعب دور القطب الدولى أيا كانت طبيعة التوازنات التى تحكم علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى جانب بالطبع القطب الدولى الآخر؛ الصين الشعبية.

مجمل الدول الصديقة لموسكو التى عبرت عن موقفها القريب من موسكو أو المحايد من الأزمة الأوكرانية لم تؤيد عملية الضم، رغم تفهمها لمخاوف روسيا من السياسة الأوكرانية الحالية ومن الاستراتيجية الغربية التى تحتضنها. وقد دعت إلى حل سياسى للأزمة وفى طليعة هذه الدول الصين الشعبية.
فالحلول يجب أن تبقى فى إطار الحفاظ على الوحدة الترابية للدول القائمة وليس عبر التقسيم أو عبر اقتطاع جزء من دولة معينة، وهى إحدى القواعد المعمول بها دوليا، والخوف من تكريس أو تعزيز سياسة التقسيم أو الضم أيا كانت التبريرات التى تحملها. فالنظام الدولى بأطرافه المختلفة لا يذهب فى هذا الاتجاه، سواء تعلق الأمر بالتقسيم أو بالضم إذ إن حصول ذلك يؤدى إلى فوضى عالمية ذات تداعيات مختلفة وخطيرة على الجميع. وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى جمهورية شمال قبرص التركية التى ولدت رسميا عام ١٩٨٣، وكذلك جمهورية أوسيتيا الجنوبية وإقليم أبخازيا (المنفصلتان عن جورجيا) ولم تحظ بالاعتراف الدولى.
إن «لعبة» التصعيد المتبادل فى أى صراع لا يعنى البتة عدم التراجع عن موقف معين والذهاب فى طريق اللاعودة، بل قد يكون هذا الموقف فى حالات كثيرة بمثابة ممارسة ضغط على الطرف الآخر أو ما يعرف بـ«عض الأصابع» لرفع السعر المطلوب من الخصم عبر التفاوض على الأرض قبل التفاوض حول طاولة المفاوضات.
قد تستمر الحرب لفترة طويلة ويتكرس الوضع القائم، وتصبح حربا ممتدة فيها تصعيد وتخفيض للأعمال العسكرية فى لعبة الصراع فى أوكرانيا وحول أوكرانيا. وتحمل تداعيات مكلفة ومختلفة على جميع اللاعبين المشاركين بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أن يأتى يوم التسوية التى لن تكون بالضرورة فى القريب العاجل، مما يزيد من تعقيداتها وتكلفتها. تسوية يجرى الحديث عن بعض عناصرها ومرتكزاتها.
تسوية تقوم على الحفاظ على الوحدة الترابية لأوكرانيا من خلال التراجع عن ضم المناطق الأربع مقابل منح هذه المناطق وضعية خاصة (علاقات خاصة مع موسكو)، وضمانات بعدم انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسى وإقامة نوع من الحياد السياسى، كما كانت فنلندا خلال الحرب الباردة. حياد ينعكس فى علاقات متوازنة مع روسيا الاتحادية واحتمال انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى عندما تستوفى الشروط المطلوبة أوروبيا لهذا الانضمام.
وإلى أن يحين موعد التسوية تجد أوروبا نفسها أمام جدار برلين جديد وتعود أوروبا لتكون فى قلب لعبة صدام استراتيجيات الكبار فى العالم.
وزير خارجية لبنان الأسبق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا مخاطر التصعيد بانتظار التسوية أوكرانيا مخاطر التصعيد بانتظار التسوية



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt