توقيت القاهرة المحلي 12:11:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إستقالة منتصف الليل!

  مصر اليوم -

إستقالة منتصف الليل

بقلم -نبيل هيثم

أخرجت «القوات اللبنانية» نفسها من حكومة سعد الحريري. لا شك أنّ خطوة استقالتها ستلقى تفهُّما لدى جمهور «القوات» على وجه الخصوص، الذي يماشيها في أي موقف تتخذه، اياً كان هذا الموقف، مثله مثل جمهور أي من القوى السياسية التي تتقاسم السلطة في لبنان.
بديهي القول، حيال هذه الاستقالة، انّ «القوات» ترصد ردود الفعل حيال خطوتها، وتفاعُل القوى السياسية معها، إن من ناحية تفهّم اسبابها ودوافعها، او من ناحية تقييمها كخطوة سلبية غبر مبررة لا في الزمان ولا في المكان، وكذلك رصد ارتداداتها وحجم تأثيرها على الجسم الحكومي الذي قرّرت «القوات» ان تغادره.

ليست خافية في هذا السياق، «العاطفة المتبادلة» بين التيار الوطني الحر و»القوات»، ولا بينها وبين «حزب الله» وسائر القوى السياسية وعلى وجه التحديد القوى الممثلة في الحكومة، ومن بينها بالتأكيد تلك القوى التي كانت تربطها بها قرابة سياسية من زمن «14 آذار».

وتبعاً لذلك، فإنّ خطوة الاستقالة، ستجد من بين الاطراف السياسية من يرحّب بها سرًّاً او علناً، ومن بين هذه الاطراف من قد يشكر «القوات» في سرّه، باعتبارها ازاحت من امامه الثقل الذي يمثله وجود «القوات» الى جانبه في الحكومة. وهي في الأصل، أي هذه الاطراف، تتمنى لو انها لم تكن موجودة!
وبمعزل عمّا اذا كانت «القوات» قد أصابت أو أخطات في اختيار التوقيت المناسب لإعلان استقالتها، في وقت يحجب الشارع ومحاولات احتوائه بحلول واوراق اصلاحية، كل ما عداهما، مهما كانت اهميته. فالشارع وما يجري فيه، ومن حوله، احتل صدارة الخبر، فيما بدت الإستقالة كحدث ثانوي لا أكثر.

على انّ القوى السياسية مجتمعة، تقرأ استقالة «القوات» من زاوية عدم تأثيرها على الحكومة، حتى في ظل الوضع الحكومي المأزوم، وكان يمكن لهذه الاستقالة ان تكون مؤثرة ولها صداها، لو أنّها جاءت في «التوقيت المناسب»، ولو أنّها تزامنت مع استقالة وزراء الحزب التقدّمي الاشتراكي. هنا كان يمكن ان يشكّل خروج «القوات» من الحكومة، ضربة موجعة للحكومة المشكو منها ورئيسها، إلّا انّها بطابعها المنفرد، لم تكن سوى حاجة قواتية، في توقيت قواتي، ولهدف قواتي.

وبمعزل عن الاسباب الموجبة التي اوردها رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، حينما اعلن «استقالة منتصف الليل»، والاساس فيها انّ البلد لا يمكن ان تقوم له قائمة الّا من خلال ذهاب الحكومة الحالية وقيام حكومة اختصاصيين تنقذ الوضع، فثمة من يقرأ في طياتها هدفاً آخر، قد يكون اساسياً ايضاً، حدّدته «دراسة جدوى» البقاء في الحكومة وعدمه، والاساس فيه الحد من الخسائر، ومحاولة تعديل الميزان القواتي، بعدما «طبشت» دفة خسائر «القوات» المتتالية بشكل واضح داخل الحكومة، وكل الربح الذي راهنت على ان تجنيه من خلال مشاركتها فيها قد تبخّر، ولم تجنِ منه شيئاً.

والامثلة اكثر من ان تحصى ضمن مسلسل «خسارات القوات» الذي بدأت تتتالى حلقاته منذ تفاهم معراب وسقوط الالتزام بالمناصفة «الموقعة»، التي قضت بتقاسم الوزارات والتعيينات بين التيار الوطني الحر و»القوات». وتمّت ترجمته من طرف واحد وتحديداً فريق رئيس الجمهورية، اولاً في الحكومة الحالية لحظة تشكيلها ومعركة الاحجام، وثمة كلام واضح صدر آنذاك «إن لم يقبلوا فليس ما يمنع ان تُشَكَّل الحكومة من دونهم»، ثم في معركة الحقائب وإبعاد «القوات» عن الحقائب السيادية، ثم في التعيينات والوظائف التي لم تنل منها «القوات» حتى الفتات ولو على مستوى عضو مجلس ادارة، مقابل ما يحصّله التيار الوطني الحر، وصولاً الى التحكّم بالقرار وابراز عدم قدرة «القوات» على التأثير فيه.

امام هذا الواقع، وبحسب هذه القراءة، فإنّ استقالة «القوات» ليست في وجه الحريري، الذي تعلم انه يفضّل لها ان تبقى في الحكومة، بل هي في وجه العهد، وبدرجة متساوية في وجه التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، الذي تتهمه «القوات» بشن حرب الغاء سياسية عليها. من هنا جاءت الاستقالة على قاعدة:

- انّ بقاء «القوات» في الحكومة في ظل هذا المنحى، معناه الاستسلام له، واكثر من ذلك يعدّ بمثابة تغطية لكل هذا المنحى.
- انّ بقاء «القوات» في حكومة، لم تحقق من خلال مشاركتها فيها اي مكسب طمحت له، معناه انّها تصرف من رصيدها السياسي لصالح اطراف اخرى مزاحمة لها في شارعها.
- قد ترتب استقالة «القوات» من الحكومة خسارة لها، جرّاء خروجها من السلطة، لكن هذه الخسارة، هي خسارة آنية ومفاعيلها محدودة، لانّها في الاساس لم تحصّل شيئاً من وجودها فيها، وبالتالي تبقى هذه الخسارة اقل بكثير من الخسارة التي يمكن ان ترتد عليها في ما لو استمرت في الحكومة، وربما يمكّنها خروجها من تحقيق مكسب من خلال العودة الى جمهورها، بما قد يجعلها تعوّض مسلسل الخسارات التي مُنيت بها، وبالتالي يمكنها من اعادة ترميم الذات وبناء تحصينات ودعائم جماهيرية، تشكّل ذخيرتها الفاعلة التي تستثمر عليها في الانتخابات النيابية المقبلة.
- انّ استقالة «القوات» من الحكومة تبدو مبنية على اعتقاد، يشبه الجزم، بأنّ الحكومة الحالية، قد فشلت، وسقطت سياسياً وشعبياً، وانّها حتى ولو اكملت من دون «القوات» لن يتأتى منها شيء، لأنّها في نهاية المطاف ستكون هدفاً للناس، والناس ستواجهها وتُسقطها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إستقالة منتصف الليل إستقالة منتصف الليل



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon