توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرص التمويل الذاتى للصحة

  مصر اليوم -

فرص التمويل الذاتى للصحة

بقلم - محمد صلاح البدرى

لا يمكن الحديث حول تطوير الرعاية الصحية دون أن يتطرق النقاش إلى ملف الإنفاق على القطاع الصحى.. فهو حجر الأساس لأى محاولة لتحسين الخدمة وتطويرها.. وأى محاولة لرفع مستوى الخدمة دون النظر بعين الاهتمام إلى المخصّصات المالية للصحة لن تصبح ذات فائدة تُذكر فى اعتقادى.. اللهم إلا بعض محاولات تحسين جودة الخدمة ذاتها.. ولكن بالسعة المنخفضة نفسها التى تعانى منها منذ زمن بعيد.

والثابت أن هناك طفرة واضحة فى الإنفاق على القطاع الصحى من الحكومة المصرية، خاصة بعد أزمة كوفيد التى اجتاحت العالم خلال العامين الماضيين.. فمشروع موازنة العام المالى ٢٠٢٢ - ٢٠٢٣ يرصد زيادة قدرها ١٩.٣ مليار جنيه من الإنفاق المباشر على القطاع الصحى، مقارنة بالعام الماضى، وفقاً للتقسيم الوظيفى للموازنة.. وهو ما يمثل زيادة بنسبة تقترب من ١٨٪ عن الموازنة الماضية.. وهو فى رأيى -وفى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية- يعد إنجازاً ينبغى تثمينه.

أسوأ ما يواجه فكرة الإنفاق فى مجال الرعاية الصحية هو عدم وجود عائد اقتصادى له يمكن قياسه مقارنة بالخدمات الأخرى.. فالعائد فى هذه الحالة إنسانى فى المقام الأول.. وقيمته لا يتم رصدها إلا بعد سنوات طويلة وبمعايير مختلفة.

فبنظرة اقتصادية مجردة إلى ما يتم إنفاقه فى مجال الصحة فهى أموال بلا عائد يمكن قياسه أو تقييمه بشكل واضح.. ولكن النظرة الأكثر شمولاً تكشف أن الإنفاق فى هذا الملف أكثر جدوى بكثير من معظم القطاعات الأخرى.. فأزمة فيروس كوفيد أثبتت للعالم كله قيمة وجود نظام صحى ثابت وقوى.. وعبّرت بشكل واضح عن أهمية ما يتم إنفاقه فى مجال الصحة من الحكومات المختلفة.

المشكلة الأساسية أن جزءاً كبيراً من الإنفاق الصحى المباشر يذهب إلى توفير الاحتياجات من الأدوية والأجهزة الطبية والمستهلكات.. الأمر الذى يحول هذا الإنفاق فى الدول التى تعتمد على توفير احتياجاتها الطبية من الخارج مثل مصر إلى مبالغ مخصّصة للاستيراد بشكل أساسى وليس للإنفاق الداخلى.

كل دول العالم الأول نجحت فى أن تنتج نسبة كبيرة من احتياجاتها الصحية والطبية.. الولايات المتحدة الأمريكية ومعها معظم الدول الأوروبية تنتج الدواء والأجهزة الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية التى تحتاجها بالكامل محلياً.. بل وتصدّرها إلى الكثير من دول العالم.. لم يتوقف الأمر عند ذلك.. فقد تبعتها الهند التى تعتبر قد نجحت فى تحقيق طفرة فى هذا المجال.. وهذا هو بيت القصيد.

لم يحاول أحد أن يقر خطة استثمارية واضحة لإنتاج المستلزمات الصحية والطبية محلياً بالشكل الذى يعمل على خفض فاتورة الاستيراد إلى الحد الأدنى.. لم يفكر أحد حتى الآن أن يجعل التصنيع فى القطاع الطبى من أجهزة وأدوية أولوية قصوى، باعتبار أن توفير تلك السلع هدف استراتيجى لا يمكن الاستغناء عنه، وفى الوقت نفسه يحمّل الموازنة العامة مبالغ يمكن توفيرها لو توفر بديل محلى مناسب.

إن خطة بهذا الشكل ستنجح فى إعادة جزء كبير من الإنفاق الذى يحدث فى مجال الرعاية الطبية إلى المجتمع مرة أخرى فى صور مختلفة.. ستنجح فى تشغيل مصانع وأيدٍ عاملة مصرية.. ستتمكن خطة واضحة فى هذا الإطار من تحقيق منظومة متكاملة أكثر ثباتاً أمام المتغيرات العالمية.. بل ربما تصبح هى ذاتها مصدراً مهماً وأساسياً لتمويل القطاع الصحى بأكمله فى حال اكتفاء السوق المحلية ومن ثم التصدير.

نحتاج إلى خطة متكاملة لتطوير قطاع الدواء وصناعة الأجهزة الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية على أرض هذا الوطن.. نحتاج لإنتاج بعض أو ربما كل ما نستهلكه فى هذا المجال.. على الأقل لتكتمل الدورة الاقتصادية بشكلها التقليدى.. ونكتشف مصدراً للتمويل الذاتى لم يُكتشف بعد.. أو هكذا أعتقد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرص التمويل الذاتى للصحة فرص التمويل الذاتى للصحة



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt