توقيت القاهرة المحلي 08:30:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وعي عالمي يُعاد تشكيله

  مصر اليوم -

وعي عالمي يُعاد تشكيله

بقلم : عبد اللطيف المناوي

وما زال الخبر الأبرز فى معظم النشرات يدور حول عودة جثامين القتلى من الأسرى الإسرائيليين من غزة. كم أعيدوا، وكم الباقى، أحد الجثامين ليس لأسير، وفقرة عن تأثير فترة الأسر على النظام الغذائى للأسرى العائدين بعد عامين من الأسر. ولا اعتراض لى على ذلك، ولكن يحدث كل هذا فى حين التعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم مجرد أعداد يموت منهم سبعون ألفا، وآلاف أخرى تحت الأنقاض، وأكثر من مائة ألف جريح لا تراهم وسائل الإعلام الغربية!! عكس الرأى العام الذى بدأ استفاقة يجب العمل على دعمها وتغذيتها.

فى تغطيات عملية التبادل الأخيرة، امتلأت الصحف البريطانية والأمريكية والفرنسية بعبارات التمجيد لجهود واشنطن وتل أبيب، فى حين تجاهلت السؤال الأهم: كيف يمكن لديمقراطيةٍ غربيةٍ أن تصمت على اعتقال آلاف المدنيين الفلسطينيين لعقود دون محاكمة؟ وكيف يمكنها أن تبرر التعذيب، والإهمال الطبى، والانتهاكات التى وثّقتها منظمات حقوقية غربية نفسها؟

لا تزال المؤسسات الإعلامية الكبرى، من «بى بى سى» إلى «سى إن إن» و«نيويورك تايمز»، تتعامل مع الفلسطينيين كمجرّد أرقامٍ بلا أسماء. فهى تُعدّ لوائح تفصيلية بأسماء الرهائن الإسرائيليين، وتخصص الصفحات لرواياتهم، لكنها لا تذكر حتى اسم امرأة فلسطينية خرجت من السجن بعد عشرين عامًا. بل إن بعض القنوات الغربية، حين تناولت مشاهد الفرح فى غزة والضفة الغربية عقب الإفراج عن الأسرى، وصفتها بأنها “احتفالاتٌ تحريضية”، فى الوقت الذى وصفت فيه استقبال الرهائن الإسرائيليين بأنه “مشهد إنسانى يفيض بالحب والأمل”.

هذه ليست أخطاء لغوية أو عفوية؛ إنها رواية مقصودة. الإعلام الغربى لا يزال أسير المنظور الإسرائيلى، يعيد إنتاجه بمفرداتٍ جديدة، ويُخضع المفاهيم الإنسانية نفسها لمعايير الهوية والجغرافيا.

فالحرية جميلة حين ينالها إسرائيلى، ومشبوهة حين ينالها فلسطينى. والمعاناة مأساة إن وقعت فى تل أبيب، و”جزء من الواقع” إن حدثت فى غزة أو نابلس أو جنين.

ورغم ذلك، هناك ما يدعو إلى الأمل. فبينما يُصرّ الإعلام على تكرار صورته الموروثة، بدأ جمهورُه يتحرّر منها. الجامعات، والكنائس، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدنى فى الغرب، تشهد اليوم تحولاتٍ حقيقية فى الوعى، وبدأت رواية الفلسطينى تصل إلى الناس بعيدًا عن وسطاء الشاشات. إنها عملية بطيئة لكنها عميقة، تشبه عودة الأسرى أنفسهم من خلف الأسوار.

فى نهاية الأمر، ليست القضية مجرد مفرداتٍ تُستبدل فى العناوين، بل وعى عالمى يُعاد تشكيله.

فالصفقة الأخيرة لم تكن مجرد تبادل بين “رهائن وسجناء”، بل لحظة كشفت عن مأزقٍ أخلاقى فى الخطاب الغربى كله: مأزقٌ يتحدث عن القيم حين تكون الضحية إسرائيلية، ويصمت عنها حين تكون فلسطينية.

حتى الآن، لم يتعلم الإعلام الغربى أن يرى الضحايا جميعًا بعيْنٍ واحدة.

ولعل اليوم الذى يُنصَف فيه الفلسطينى فى اللغة، يكون بدايةَ إنصافه فى الواقع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعي عالمي يُعاد تشكيله وعي عالمي يُعاد تشكيله



GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt