توقيت القاهرة المحلي 00:19:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محمد شطح... أخضر كأنه الآن

  مصر اليوم -

محمد شطح أخضر كأنه الآن

بقلم: نديم قطيش

مما ينطوي عليه الاغتيال، إسقاط حق المقتول في الكلام، أو فرض الرقابة المطلقة على نصه السياسي. لم يصلح هذا تماماً في حالة الوزير المقتول غيلة، منذ ست سنوات، محمد شطح. فمن سوء حظ لبنان أن نصاً كنص شطح ما زال طازجاً كأنه مكتوب للبنان اليوم وأزماته الثابتة في عمقها وعمق أسبابها وإن اتخذت لنفسها مظاهر مختلفة وترجمات متنوعة.
قُتل محمد شطح، الاقتصادي والوزير والمستشار السياسي رفيع المستوى، في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2013، في واحدة من أكثر لحظات السياسة اللبنانية تعقداً، إبان سقوط حكومة «حزب الله» التي كان يترأسها يومها الرئيس نجيب ميقاتي، وفي ذروة الانخراط العلني لـ«حزب الله» في الحرب السورية.
في تغريدته الأخيرة التي كتبها وهو في طريقه إلى حتفه ذلك الصباح، ما يفصح كثيراً عن موقعه السياسي في صلب المعركة مع ميليشيا «حزب الله»، كما عن طبيعة اللحظة السياسية في حينها كما اللحظة السياسية اليوم.
يقول شطح في تغريدته: «(حزب الله) يهول ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عاماً: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية».
مع كل ذكرى للوزير شطح يستعيد ناشطون وسياسيون هذه التغريدة، التي لم تفقد راهنيتها، رغم الشكل الاقتصادي، وليس الأمني أو السياسي، الذي تتخذه أزمة انهيار لبنان في فصلها الأحدث، وهي المستمرة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، المقتول هو الآخر، في سياق المشروع الإيراني الذي اندفع في المنطقة بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003.
ومما يستعاد من نص شطح السياسي، وإنْ على نحو أضيق من انتشار تغريدته، الرسالة المفتوحة التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» بعد اغتياله بيومين، وكان وجهها شطح للرئيس الإيراني المنتخب حديثاً حسن روحاني. المفارقة أن هذه الرسالة ما كانت لترى النور على الأرجح لولا اغتيال كاتبها. فهي أعدت لتكون رسالة موجهة لروحاني من ممثلي الشعب اللبناني المنتخبين عن فريق «تيار المستقبل» الذي يقوده الرئيس سعد الحريري، ومن قادة ما كان يعرف بتحالف «14 آذار»، إلا أن الرأي استقر بعد مناقشات على، أو هو كان ينضج باتجاه، عدم إرسالها. وما أعرفه أن الرسالة وجدت طريقها إلى النشر عبر نجله الذي ما أراد لصوت أبيه أن يدفن معه، وحسناً فعل للراحل ولنا ولتاريخ هذا البلد الصعب.
مقالة «وول ستريت جورنال» لا تزال تصلح لأن تكون «مانيفستو» لما كان يسميه محمد في أيامه الأخيرة «قضية لبنان»، والتي كان يصر على أن مصيرها لا يتوقف فقط على ما يتخذه لبنان من خيارات، بل على تلك الخيارات التي سيتخذها قادة إيران، بشأن دور بلدهم وأدوار الميليشيات غير الإيرانية، مثل «حزب الله»، المنخرطة في خدمة الدور الإيراني.
في تلك الرسالة المفتوحة، يحدد شطح أربعة مرتكزات لاستراتيجية خدمة «قضية لبنان»:
1 - التزام معلن من قبل جميع الدول الأخرى، بما فيها إيران، بتحييد لبنان على النحو المتفق عليه في إعلان بعبدا. (وهنا لا بد من ملاحظة الفارق بين العمق الاستراتيجي للتحييد كما فهمه شطح، وكما مارسته لاحقاً القوى السياسية اللبنانية تحت عنوان باهت وبلا مضمون واقعي هو «النأي بالنفس»).
2 - إنهاء كل مشاركة عسكرية للجماعات والأحزاب اللبنانية في النزاع السوري، بما في ذلك «حزب الله».
3 - فرض سيطرة فعالة من قبل الجيش اللبناني وقوات الأمن اللبنانية على الحدود مع سوريا، بدعم من الأمم المتحدة إذا لزم الأمر على النحو المتاح بموجب قرار مجلس الأمن رقم «1701».
4 - مطالبة مجلس الأمن ببدء الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ قراره رقم «1701»، بهدف نقل لبنان من وضع «وقف مؤقت للأعمال القتالية» مع إسرائيل، إلى «وقف دائم لإطلاق النار».
«قضية لبنان» بهذا المعنى العملي الذي خطر لشطح أن يخاطب به الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً حسن روحاني، هي في الواقع وكما وصفها هو نفسه، ليست سوى «الحقوق الطبيعية الأساسية لأي دولة تسعى لأن تكون حرة ومستقلة».
من المؤلم أن تكون الحاجة ازدادت لمثل هذا النص السياسي ولم تنقص، في ضوء السياسات الإيرانية المتمادية في الاستفزاز والعدوان على أمن لبنان والمنطقة. فها هو الرئيس العراقي برهم صالح يلوح بالاستقالة في مواجهة محاولة إيران فرض رئيس حكومة على الشعب العراقي يرفضه الشارع المنتفض والمذبوح من ميليشيات إيران. وكانت إيران سعت قبل ذلك لمنع استقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي. وها هو الشعب اللبناني في انتظار إفراج «حزب الله» عن حكومته بشروط الناس وأمنهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لا بشروط الصراع الاستراتيجي الذي تخوضه إيران. وهم إذ ترفض غالبيتهم المنتفضة ترشيح السيد حسان دياب يرد عليها مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي بقوله: «المظاهرات المتواصلة في لبنان بعد تكليف حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة تتم بتحريض من قبل السعودية وإسرائيل».
وها هم الإيرانيون أنفسهم يحرقون صور الخميني في شوارع مدن إيرانية عدة منذ بدء الاحتجاجات والتي لم يجد المرشد علي خامنئي ما يقوله عنها إلا ما قاله لحرسه وجنوده ونقلته وكالة «رويترز»: «افعلوا ما يلزم لوضع حد لها»!!
محمد شطح من الطيبة لأن تبقى ذكراه في نفوس محبيه، لكن من مآسي لبنان أن يظل نصه أخضر كأن شيئاً لا يتغير!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد شطح أخضر كأنه الآن محمد شطح أخضر كأنه الآن



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

نانسي عجرم بإطلالة رقيقة في حفل لـ "Tiffany and co"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:14 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

إطلالات أنثوية لياسمين صبري باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنثوية لياسمين صبري باللون الأحمر

GMT 14:58 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

الفنانة شيرين رضا تعلن اعتزال الفن
  مصر اليوم - الفنانة شيرين رضا تعلن اعتزال الفن

GMT 22:12 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

ضبط 186 قطعة أثرية بحوزة عاطل في بني سويف

GMT 03:40 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء يؤكّدون أنّ تغيّر المناخ قد يسمّم أنهار الأرض

GMT 10:46 2015 الخميس ,09 إبريل / نيسان

صبري فواز ينشر صورة تجمعه بالفنانة منة شلبي

GMT 22:23 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

حمادة طلبة غاضب من جاهل تكريمه بعد التأهل إلى المونديال

GMT 10:35 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة السيدة الأولى الأميركية السابقة ميلانيا ترامب

GMT 15:20 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

"Miss Dior Eau de Parfum" عطر تفوح منه رائحة الحبّ

GMT 07:42 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

التفاصيل الكاملة لحفل حسن شاكوش القادم

GMT 09:19 2021 الخميس ,03 حزيران / يونيو

"كعب القطة" موضة أحذية النساء في صيف 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon