توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اغتيال الطبطبائي يفتتح مرحلة جديدة

  مصر اليوم -

اغتيال الطبطبائي يفتتح مرحلة جديدة

بقلم : نديم قطيش

لنتفق أولاً على أن هيثم علي الطبطبائي الذي اغتالته إسرائيل مساء الأحد، في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، هو الرجل الأول عملياً في «حزب الله»، وليس الثاني حسب ترتيبه التنظيمي. فهو القائد العسكري الأكثر تأثيراً في الحزب بعد التدمير شبه الكامل لهيكله العسكري، في حين أن الأمين العام نعيم قاسم ليس أكثر من واجهة أملتها الضرورة. فالطبطبائي هو مهندس «إعادة إعمار حزب الله عسكرياً»، بدءاً من تنظيم الوحدات، إلى إصلاح القيادة والسيطرة، وصولاً إلى التنسيق مع إيران والحوثيين، وإدارة إعادة تسليح وتجديد بنية الحزب في الجنوب اللبناني.

وعليه، يستكمل اغتيال الطبطبائي الإجهاز على البنية الاستراتيجية لـ«حزب الله» برمتها. ووفق توجُّه إسرائيلي واضح، لن يُسمح بتعافي الحزب، ولا باستنساخ أي قيادة قادرة على إعادة إنتاج القوة التي فُقدت في حرب 2024.

كذلك يكشف الاغتيال أن التقارير عن أن الحزب يحاول إعادة بناء نفسه، ليست مجرد دعاية؛ بل هي واقع ميداني يُحرج الدولة اللبنانية، ويفضح قصور معالجاتها لما يسمى حصر السلاح.

والحال، ليس من المبالغة القول إن قتل الطبطبائي نقطة تحول في سياق عملية الضغط الإسرائيلية المستمرة منذ وقف إطلاق النار، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

تهدف العملية إلى إعادة تركيب التوازن اللبناني بالقوة الصلبة. فمنذ انتهاء حرب 2024، دخل لبنان حقبة انتقالية غير مكتملة بفعل هزيمة «حزب الله». انتُخب جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتشكَّلت حكومة نواف سلام، ما أعطى انطباعاً أولياً بأن النظام السياسي يتحرك أخيراً بعيداً من الهيمنة الثقيلة للحزب. بيد أن هذا التوازن الجديد، فقد كثيراً من الزخم، وثبت أن التلاعب السياسي اللبناني لم يُسمح له بأن يترسخ كنقطة تحول داخلية لبنانية مستدامة.

مع مرور الوقت، عاد الحزب لبناء شبكاته، وترميم قياداته، والانتشار جنوباً، بموازاة مساعيه لاستعادة نفوذه الرمزي في الداخل عبر فعاليَّات ضخمة (عراضة صخرة الروشة واحتفالية كشافة المهدي) صُممت لإثبات أن الهوية الشيعية السياسية كما صاغها «حزب الله» ما زالت قادرة على فرض هيمنتها.

قتل الطبطبائي هو تعبير عن قرار إسرائيلي استراتيجي بتعطيل مسار التعافي، والانتقال من احتواء بقايا «حزب الله» إلى تجفيف مقومات النهوض قبل أن تنضج من جديد. كما أنه إشارة حاسمة للبنان وللمعنيين بلبنان في الخارج، بأن القوى المناهضة لـ«حزب الله»، ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش، غير جادة تماماً في فرض مسار حقيقي لنزع السلاح أو الحد من نفوذ الحزب.

من خلال اغتيال الطبطبائي، تُعيد إسرائيل تنشيط هذا المسار الذي يفرض على الدولة اللبنانية سؤالاً حرجاً: هل ستستفيد من الفرصة وتتجرأ بشكل حاسم على «حزب الله»؟ أم سيعود النظام اللبناني إلى توازناته العضوية القديمة التي تسمح للحزب بأن يتمدَّد من جديد؟

التطور الأخير الذي شهدته الضاحية، ليس مجرد حلقة جديدة في مسلسل الاغتيالات، ولا استمراراً لحرب الظل فقط؛ بل ضربة مؤسسة لمرحلة جديدة تريد فيها إسرائيل -بدعم أميركي واضح- تثبيت توازن لبناني يتهرب الداخل من إنتاجه وتثبيته. توازن عنوانه: دولة أقوى من حزب، أو حزب ودولة يُستنزَفان بلا نهاية.

لا يغيب أيضاً أن الاغتيال يتجاوز حدود لبنان. فهو قد أعاد التذكير بحجم الانكشاف الاستراتيجي الذي تعانيه إيران. بنَت طهران نفوذها على شبكة «حلقة النار» لتجد نفسها اليوم أمام وكلاء متعَبين، وطرق إمداد مغلقة بفعل سقوط نظام الأسد، وقدرة محدودة جداً على الرد. هذا الافتضاح للشلل الاستراتيجي الذي يعانيه المركز والأذرع يفاقم حال الضعف التي تعتري «حزب الله»، ويوسع هامش إسرائيل لإعادة تركيب المشهد الإقليمي واللبناني.

ليس سؤال الرد على الاغتيال هو الأكثر خطورة؛ بل سؤال البديل الذي يفترض أن يملأ الفراغ القيادي الفادح الذي يعيشه الحزب. الطبطبائي يعد نموذجاً أكثر عسكرة مما سبقه من قيادات لطالما ترافق وجودها مع الحضور السياسي لحسن نصر الله. والآن يُخشى أن يُملأ الفراغ القادم بشخصية أكثر راديكالية أو أقل احترافاً، ما قد يدفع الحزب إلى خيارات انتحارية أو ردود متسرعة. وفي المقابل، ثمة من يراهن على ظهور قيادة أكثر براغماتية، كامتداد لتحولات الداخل الإيراني، تدرك حدود القوة، وتبحث عن إعادة تموضع.

الأكيد أن إسرائيل لن تنتظر تبلور الجواب من تلقاء نفسه؛ بل ستكون حاضرة على خط الصياغة. فهل يحضر لبنان الرسمي؟ أم يسلم أموره للمقادير وحدها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتيال الطبطبائي يفتتح مرحلة جديدة اغتيال الطبطبائي يفتتح مرحلة جديدة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt