توقيت القاهرة المحلي 00:39:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود»

  مصر اليوم -

«وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود»

بقلم:محمود خليل

الآية الكريمة التى تقول: «وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود» جاءت فى وصف الفتية الذين ضرب الله على آذانهم فى الكهف سنين عدداً، ثم بعثهم بعد أكثر من 300 عام. أحياناً ما يعيش البعض حالة الكهف وهو يسعى خارجه، ويدب بقدميه فى دنيا الله. للمصريين مثلٌ لافت فى وصف هذه الحالة حين ينعتون شخصاً بأنه «ميت بالحياة»، ويقصدون به البشر الذين يتحولون إلى جثث وهم على قيد الحياة. مثل من يسير وهو نائم، ينظر إليه المرء فيحسبه يقظاً لكن لو دقق النظر فيه فسيجده يغط فى نوم عميق. أبرز ملمح لـ«السائرين نياماً» تجده فى حناجرهم التى تعشق ترديد الأكاذيب، أو فى آذانهم المولعة بسماعها. الصورة البديعة التى رسمتها الآية القرآنية من سورة الكهف لـ«الأيقاظ الرقود» لا تنطبق على أصحاب الكهف فقط، بل يصح أن تنسحب على غيرهم ممن تحسبهم أيقاظاً وهم رقود.

أداء نسبة لا بأس بها من زعماء العالم الإسلامى -وكذا قسم من شعوبه- ينطبق عليهم هذا الوصف. فعندما تنطلق الحناجر مهددة ومتوعدة عدواً يقتاتون على عطائه الحضارى وإبداعه التكنولوجى، فلا بد أنها تسكن أجساداً يحسبها الناظر فى حالة يقظة وحقيقة الأمر أنها ترقد فى بئر عميقة من السبات. لو أنك راجعت على سبيل المثال زخات التهديد والوعيد التى انطلق بها لسان السيد حسن نصر الله، ومن بعده الرئيس الإيرانى حسن روحانى للولايات المتحدة الأمريكية ولقواتها التى تسكن المنطقة العربية فستجد نماذج شاخصة على حالة «الأيقاظ الرقود». فالواقع على الأرض يقول إن إيران ردت رداً محسوباً على مقتل قاسم سليمانى، وأساس الحساب فيه عدم استفزاز «ترامب» -الذى لا يأمن أحد خطواته- للرد على الضربة. المسألة كانت واضحة والحناجر التى تردد غير ذلك تعبر عن بشر يعيشون تلك الصورة التى نسجها القرآن الكريم.

تعال بعد ذلك إلى رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، ومناصريه وستجد أنهم غارقون حتى آذانهم فى حالة «الأيقاظ الرقود». فالرجل -ومن يحذو حذوه- يتحرك بحلم يرقد فى متاحف التاريخ، ويداعب مخيلته ذكرى الراحلين من سلاطين بنى عثمان. يخطط «أردوغان» لسيطرة الترك على العرب، وإحياء ذكرى أجداده أرطغرل وسليم شاه وسليمان القانونى وبايزيد وغيرهم. إنه يبحث عن حلم ميت، وإذا كان يصدق نفسه أو يصدقه أحد. فإن هذا الجمع من البشر يصح بأن نصفه بـ«الأيقاظ الرقود».

لقد عشنا فى مصر أيضاً هذه الحالة قبل نكسة 1967 خلال الفترة التى بُحت فيها الحناجر متحدثة عما تمتلكه مصر وما يحوزه العرب من إمكانيات للقوة والردع وصدّق أغلب من عاصروا هذه المرحلة ما يقال، ثم كانت النتيجة كما نعلمها جميعاً. اختلف الأمر بعد ذلك عندما عشنا لحظة حياة حقيقية فى 6 أكتوبر عام 1973 عندما كانت اليقظة تلف كل شبر من تراب هذا البلد، وكانت أعين الناس مفتوحة عن آخرها ووعيهم فى أعلى درجات الحدة. وكانت لحظة اليقظة معادلة للحظة النصر، فالراقدون لا ينتصرون فى معارك الحياة، لأنهم يغردون -بأوهامهم- خارجها!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود» «وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon