توقيت القاهرة المحلي 10:57:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أدهم» فى الثقب الأسود

  مصر اليوم -

«أدهم» فى الثقب الأسود

بقلم: د. محمود خليل

أبرم السادات اتفاقية «كامب ديفيد» مع إسرائيل عام 1978، وبعدها بعام وقَّع على اتفاقية السلام التى نصت على انسحاب إسرائيل من سيناء، وأصبح الإعلام يُلقبه بـ«بطل الحرب والسلام».

كان لهذه الخطوة صدى كبير على الداخل المصرى والخارج العربى، دعنا نبحر أولاً فى الداخل لنقترب من رد فعل الأداهم على الخطوات الخطيرة التى اتخذها السادات. قلت لك إن قطاعاً من المصريين رحَّب بالسلام مع إسرائيل بسبب ما عاناه من مشكلات وما قدمه من تضحيات فى الحروب المتعاقبة معها منذ حرب 1948 وحتى نصر 1973، فى وقت هاجم فيه الشباب السادات وجهّلوا الكبار وأصروا على أن «الرخاء» الذى يعد به «السادات» ويربطه بالسلام لا يعدو الوهم.

فعوائد السلام -مثلها مثل عوائد نصر أكتوبر- سوف تصب فى يد الحفنة القليلة من المنتفعين من المحيطين بالسادات.

كان «السادات» يعلم حجم المعاناة والمشكلات التى تواجه الأداهم، وكان يعلقها باستمرار فى رقبة الحرب التى استنزفت القدرات الاقتصادية لمصر وأرهقت ميزانيتها وأعجزتها عن توفير الحياة الكريمة لأبنائها. وردد أيضاً أنه تسلم البلد وهو خرابة من جمال عبدالناصر، تماماً مثلما كان يردد عبدالناصر أنه تسلمها خرابة من الملك، ومثلما ردد «مبارك» بعد أن تسلمها من «السادات»، وكأن ذلك دأب كل مَن يحكم الأداهم. ربما كان هذا الكلام يعكس جزءاً من الواقع، لكنه بحال لا يعبِّر عن الواقع ككل، ولا يعدو أن يكون نوعاً من التبرير للتوجهات الاقتصادية المختلفة التى سينتهجها الوالى الجديد والتى سوف يشكل من خلالها خريطة المعيشة الأدهمية.

لم يحدث جديد على مستوى معيشة الأداهم بعد السلام، وظلوا على ما هم عليه من أحلام بالعلاوة القادمة أو منحة عيد العمال أو أى زيادة فى الأجور كانت تبتلع فى الثقب الأسود للغلاء.

انتقلت العقارات من سوق الإيجار إلى دنيا التمليك مما ألهب أسعارها، وأصبح الحصول على شقة لا يقل أسطورية عن أحلام ألف ليلة وليلة بالنسبة لقطاع كبير من شباب الأداهم.

وبدلاً من أسلوب الصدمة الذى انتهجته الحكومة الأدهمية عام 1977 وأدى إلى انتفاضة الخبز ظهرت سياسة جديدة تعتمد على زيادة الأسعار بسياسة «الخطوة - خطوة»، تماماً مثلما كانت أمور السلام تسير بالسياسة الكسنجرية نفسها.

لم يستفِد من الأوضاع الجديدة التى ترتبت على السلام سوى الحفنة المحيطة بالحكم، فازدادت القطط السمان بدانة. وعبارة «القطط السمان» نحتها الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين فى وصف أثرياء الانفتاح والمستفيدين من الحالة الجديدة التى أوجدها السلام مع إسرائيل. توجه السادات إلى إنشاء مدن جديدة ومد طرق وجسور وشرع فى إيجاد علاج للمشكلات المزمنة فى خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحى، وقد أنجز على هذا المستوى إنجازات ذات قيمة، لكن الحياة اليومية للأداهم كانت مرهقة للغاية.

لم تفوِّت أحزاب المعارضة وكذا التيارات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان فرصة المعاناة المعيشية فاستثمرتها وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من أجندة اهتمامات ما تصدره من جرائد ومجلات، وكان هذا الأمر يغضب السادات للغاية، واقترن الهجوم على الأوضاع المعيشية بهجوم موازٍ على ارتماء السادات فى أحضان الأمريكان وكذا على الخطوة التى اتخذها بعقد اتفاق سلام مع إسرائيل، الأمر الذى دفع الرئيس فى النهاية إلى تهديد المعارضة بأن «للديمقراطية أنياباً أشرس من أنياب الديكتاتورية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أدهم» فى الثقب الأسود «أدهم» فى الثقب الأسود



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:23 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

إيمي سمير غانم تستعد للعودة الى التمثيل
  مصر اليوم - إيمي سمير غانم تستعد للعودة الى التمثيل

GMT 13:37 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

السيول تُغرق جدة والكارثة تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 20:00 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أرقى أنواع السلطات

GMT 22:00 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرنسي جريزمان يحلم باللعب مع نيمار ومبابي

GMT 23:24 2015 الإثنين ,26 كانون الثاني / يناير

حديقة الحيوانات في العين تضم زواحف جديدة

GMT 22:29 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

شركات البترول تتخلص من 90% من مخلفاتها دون تدوير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon