توقيت القاهرة المحلي 09:04:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المشهد الأخير

  مصر اليوم -

المشهد الأخير

بقلم: د. محمود خليل

يحدث أن يصعد بعض الحمقى إلى سدة الحكم داخل دول كبرى، لكن ارتكان هذه الدول إلى مؤسسات حقيقية وثقافة سياسية عميقة سرعان ما يؤدى إلى تصحيح الأوضاع.

تمكن «ترامب» من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016 فى ظل مزاج شعبوى لم يكن لديه مانع من الانسجام مع بعض الأفكار الشاذة الداعية إلى الاعتماد على القوة القاهرة من أجل إملاء الإرادة على الآخرين، والتطرف فى الفكر والاعتقاد، ونفي الآخر، والتسخيف من الفكرة الديمقراطية واحتقار المؤسسات التي تعبر عنها، وتمجيد الحكم الفردي العائلي، والقفز على قيم ومبادئ حقوق الإنسان.

لم يمر على الأمريكان أكثر من 4 سنوات حتى أدركوا فساد هذا المزاج وعقم ما يطرحه من أفكار، وتنبهوا بسرعة إلى أن الاستسلام لما يطرحه الشعبويون سيؤدي بهم إلى الهلاك والانهيار.

لم يفارق العديد من السياسيين وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكي الحقيقة وهم يعلقون على مشهد اقتحام مبنى الكونجرس يوم 6 يناير الجاري، حين قالوا إن «ترامب» يريد تحويل الولايات المتحدة الأمريكية إلى واحدة من دول العالم الثالث، أو إلى جمهورية من جمهوريات الموز.

لقد صوَّر الخيال الشعبي لـ«ترامب» أن بإمكانه إيقاف عملية تصديق الكونجرس على فوز بايدن بالانتخابات عبر مجموعة من «الشبيحة» من جماعات اليمين المتطرف، لكن المؤسسة التشريعية تحدته وأصرت على مواصلة جلسة التصديق حتى تمت.

اليمين المتطرف ومن تحلَّق حوله من الأمريكيين العاديين تحركوا بدعوة صريحة واضحة وعلى الهواء مباشرة من دونالد ترامب الذي طلب منهم -دون مواربة- الذهاب إلى الكونجرس وإيقاف عملية سرقة الانتخابات.

الفرد الذي يظن أن بإمكانه مواجهة «إرادة شعبية» اختارت غيره هو شخص غارق في الوهم حتى أذنيه. وقدَر من يفكر بهذه الطريقة الخسارة تلو الأخرى.

خسر «ترامب» الانتخابات حين ركبت الشعبوية رأسه وهو يواجه مظاهرات الأمريكان ذوي الأصول الأفريقية ضد تفكيره العنصري، وبعد أن عجز عن تحريك مؤسسات الدولة، التي تحكم حركتها قوانين ونصوص دستورية صارمة، لقهر هذه المظاهرات، لجأ إلى جماعات اليمين المتطرف «الشبيحة» للتعامل مع المتظاهرين.

خسر «ترامب» الانتخابات أيضاً حين أساء إدارة ملف جائحة كورونا بطريقته الشعبوية العجيبة، ولم يحاول أن يتعلم من قيادة أوروبية مخضرمة وعقلانية، مثل أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا.

أكثر من 70 مليون أمريكي كانوا يفضلون استمرار «ترامب» كرئيس للولايات المتحدة لمدة ثانية. مؤكد أن بعضهم أصيب بالهلع من عقلية الرجل وهو يراقب مشهد اقتحام الكونجرس.

نواب جمهوريون كثر كانوا يخشون «ترامب» ويخافون على مستقبلهم السياسي من غضبه راجعوا أنفسهم أمام المشهد المزعج وأصروا على استكمال جلسة الكونجرس للتصديق على فوز «بايدن».

مؤكد أن «ترامب» أضاف المزيد من الخسائر إلى خسارته الكبرى للانتخابات. وهي خسائر تهدد مستقبله السياسي برمته.

مقربون من «ترامب» سبق أن أعلنوا أنه ينوي تدشين حملة جديدة للمنافسة على رئاسة الولايات لأمريكية عام 2024 في نفس يوم تنصيب «بايدن» (20 يناير الجاري)، ولك أن تحدثني عن فرص «ترامب» إذا قرر السير في هذا الطريق بعد مشهد اقتحام الكونجرس.

كتبت يوم 7 نوفمبر الماضي مقالاً بعنوان «سفينة الشعبوية الغارقة» وصفت فيه حال ترامب وهو يترنح في الانتخابات، وكيف سيشكل فشله فيها بداية النهاية لـ«الفكرة الشعبوية»، وقد أبى الرجل إلا أن يكمل المشهد حتى النهاية.

خلافاً للكثير من شعوب العالم يملك الشعب الأمريكي ثقافة تمكنه من القدرة على التعلم والتصحيح، ومؤسسات راسخة تمنع الفرد مهما كانت درجة شططه من جرّ المجموع إلى حافة الهاوية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد الأخير المشهد الأخير



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:38 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

سمير صبري يُطمئن الجمهور بعد تعرضه لحادث

GMT 16:11 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

آيس كريم الفانيلا

GMT 09:05 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على طقس الثلاثاء في مدن ومحافظات مصر

GMT 16:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

اليونايتد يرفض طلب مانشيتر سيتي قبل الديربي

GMT 03:55 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

خنازير البحر أبرز الأنواع المعرّضة إلى خطر الانقراض

GMT 22:56 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

رجل مقنّع يثير الرعب بين نساء مدينة بريطانية

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بعثة المنتخب تصل القاهرة بعد أداء مناسك العمرة الأربعاء

GMT 22:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ندوة "لا تغضب" عن الإعجاز العلمي في صيدلة الفيوم

GMT 04:18 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

المصمم اللبناني إيلي صعب يطرح مجموعته لربيع وصيف 2017
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon