توقيت القاهرة المحلي 11:05:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نوبل للنبيل الأفريقي

  مصر اليوم -

نوبل للنبيل الأفريقي

بقلم: حمد الماجد

لو كنت عضواً في جائزة نوبل للسلام لجعلت المبرر الأول لاستحقاق الزعيم الإثيوبي آبي أحمد علي جائزة نوبل للسلام ليست جهوده في «تحقيق السلام والتعاون الدولي» فحسب، مع اتفاقي على أهميتها الكبرى، بل إنجازه اللافت، وفي مدة قياسية تقل عن السنتين، في تحقيق مصالحة «نسبية» وطنية كبرى لشعب تنخره الصراعات السياسية والعرقية والحزبية والمذهبية والدينية والقبلية، وتنهك اقتصاده الوطني نزاعات عدمية مع الجار الإريتري، وقدرته المذهلة في محاربة الفساد ولجم نفوذ العسكر في اقتصاد البلاد، لأن النظم الاستبدادية العسكرية في دول العالم النامي تقايض الأمن والاستقرار بالقبضة الأمنية الحديدية، فانصرفت للقمع ووجهت إليه معظم جهودها وخططها، وأغفلت السلم المجتمعي والنهضة التنموية، وهذا ما أثبت بطلانه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي، كما استطاع هذا الزعيم الأفريقي الصاعد في سلم السياسة العالمي كالصاروخ، أن يثبت أن النزاهة المالية والنظافة السياسية والتحليق فوق جاذبية التيارات والصراعات الدينية والحزبية والعرقية والقبلية والمذهبية والوطنية الحقة لا التشدق بها وامتحان المواطنين بها، هي الخلطة السحرية للإنجاز السريع الذي لا يعترف بالمرحلية الزمنية الطويلة المملة.
الهاجس الأمني والاستقرار لم يمنع هذا الزعيم النوبلي النبيل من أن يفك الاحتقانات التي تدافع عنها الأنظمة العسكرية الاستبدادية في العالم بعناد وصلف؛ فألغى فور توليه السلطة حالة الطوارئ، وأفرج عن المعتقلين السياسيين، وأقر بشجاعة القائد السياسي المخلص لوطنه بوقائع التعذيب وأدانها، وأفرج عن الصحافيين المعتقلين، وشن حرباً على الإقصاء والتخوين، فعقد حواراً مع قوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني لبحث سبل الإصلاح السياسي، ودعا المعارضين المقيمين في الخارج إلى العودة للبلاد، وأحدث إصلاحات في قطاعات الأمن والمخابرات والقضاء، وأسقط وصف «إرهابية» عن حركات معارضة مسلحة ورحب بعودة قياداتها من المنفى، واعترف بالانتهاكات التي وقعت في الماضي، كما أجرى مصالحات بين القوميات والشعوب في الأقاليم المختلفة في إثيوبيا ووضع نظام محاسبة للمخالفين، هذا ناهيك بإصلاحاته ومصالحاته الخارجية، فهو الذي نجح فيما أخفق فيه زعماء إثيوبيون سابقون فاشلون، فأنهى صراعاً عدمياً دامياً مع إريتريا مستنزفاً للبشر والاقتصاد دام أكثر من عشرين عاماً، كانت زعامات إثيوبية من قبله تستغله للهياط الإعلامي ورفع الشعارات الوطنية بإذكاء جذوة الصراع مع الجيران، فراح ضحية هذا الصراع العدمي نحو 80 ألف شخص، غير نصف مليون من النازحين والمهجرين على الجانبين، ثم أراد أن يثبت أن السياسي الوطني النزيه كالغيث أينما حلَّ نفع، فطار إلى السودان وأسهم بقوة في الإمساك بالسودان من أن ينزلق نحو الفوضى، فصالح بين قوى المعارضة والعسكر الذين يقودون الحكومة المؤقتة.
تصوروا، كل هذه الإنجازات والمبادرات في مدة تقل عن السنتين، وليس هذا فحسب، فهو من طبَّق عملياً قاعدة «دع الأفعال تتحدث»، ولم يسمح للدعايات الإعلامية أن تسبق إنجازاته، فنال في سنتين، جائزة نوبل للسلام، ما عجز عنه آخرون في عشرات السنين، فأثبت أن الإنجازات المشرّفة تستخفّ بالتسويف وتسخر بالتعلل بالصعوبات وتهزأ بدعوى الحاجة إلى سنين طويلة لحلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوبل للنبيل الأفريقي نوبل للنبيل الأفريقي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 12:05 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«تلايا الليل» تضيء مسرح المجمع الثقافي

GMT 09:21 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

طريقة إعداد وتحضيركيك الأكلير بالشوكولاتة

GMT 12:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

إيمري يرفض التفريط في هدف سان جيرمان

GMT 10:35 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

ديكورات مطابخ عصرية باستخدام الخشب مع اللون الأسود

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تدرس استخدام "الثلج الناري" لحلّ أزمة الطاقة

GMT 16:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يؤكّد أن إجراءات التحقيق مع "تشيلسي" مازالت مُستمرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon