توقيت القاهرة المحلي 22:48:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التصافي الخليجي خطوة على طريق التصافي العربي

  مصر اليوم -

التصافي الخليجي خطوة على طريق التصافي العربي

بقلم: فـــؤاد مطـــر

تتأمل في إشراقة اليوم الأول من عام 2021 فتشكر الله - سبحانه وتعالى - على أنك لم تسقط فاقداً حياتك بجائحة «كورونا». فقد أمضيت ثلاثمائة وستين يوماً، كما الملايين في العالم المجتاح، تعيش في حالة المرشح لأن تصيبك الجائحة، حالك حال هؤلاء الذين يتساقطون يومياً. ثم تأتي تباشير اللقاح فتجد نفسك تواقة إلى نصيبك منه، عسى ولعل يقيك في العام الجديد وما تليه من أعوام من اجتياحه لبدنك، ومن أذى جائحة تفتك بحاسة الشم عندك، واحتباس الأنفاس، ثم بتوابع من الضنك، ومن الرأس حتى القدمين.
وإذا أحاطك المولى - عز وجل – بعنايته، وبقيت على قيد الحياة فإنك ستمضي العمر أسير شبح الجائحة، ماثلاً أمامك، بحيث إن سعالاً عادياً سيكون مؤشراً إلى الإصابة، وإن حالة من تعب الجسم الذي من الطبيعي الشعور به بعد يوم من العمل، هي أيضاً مؤشر إلى أن الجائحة شقت طريقها إلى بدنك، وإن ارتفاع حرارة الجسم درجة أو اثنتين مؤشر أيضاً إلى أن الخطر الكوروني داهم، مع أن هذا الارتفاع في درجة حرارة الجسم أمر مألوف، وكنت لا تعيره الاهتمام من قبل، وكانت الحرارة تعود إلى درجتها العادية.
وستتعامل مع الكمامة كما لو أنها ساعة اليد التي تحرص صباح كل يوم على وضعها في معصمك، وكما النظارات على عينيك، وستفقد شيئاً فشيئاً بهجة زيارة أحبائك، وتمضية الوقت مع الأبناء والأحفاد.
وتتأمل مع إشراقة اليوم الأول من العام الوارث كل أنواع الصدمات والخيبات والانتفاضات تعصف بكيانات من أمتك، وارتفع الرقم في عداد الرهانات، وتحول الجار الفارسي وبعده الجار العثماني (المسلمان) إلى شاهر كل منهما تدخلاته، بهدف إيقاع الأذى المباشر بأخيه العربي، أو من خلال وكلاء فقدوا وجوب تقديس المبدئية والولاء للوطن، وتحولوا إلى أدوات يستعملها ذلك الأخ الجار من أجل استنزاف قوتك وثروتك، وإنهاك خاصية الأواصر. ثم يفاجئك جار مسلم آخر يلتحف كما الأول بسلاح المذهبية وأحلام السطوة على كيانات، ومحاولة وضع اليد على حقوق في البحر والبر، مبرراً أفعاله الشريرة هذه بأنها - كما تبرير الآخر - من أجل خير الأمة. ومتى كان الشر من خلال ورقة تجنيد المرتزقة وتكديس السلاح لأطراف لا تسلك طريق الهداية، خيراً للأمة؟!
ويحتار أمرك في هذا الذي يحدث، ولا رادع لمقترفي هذه التدخلات أصحاب المشروعات الناشئة عن أحلام طاووسية، غير مبالين بأحوال شعوبهم. وتتأمل في انتظار ما يبدل الحال نحو الشفاء النفسي بالقول الكريم: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون».
ثم ترى في تباشير مفرحة ما يخفف وطأة الأثقال الضاغطة على النفس الحزينة. ومن الطبيعي عندما ترى النقلة النوعية من أقسى درجات الخلاف الذي ألقى بظلاله على النفس العربية، إلى التلاقي في الملتقى الأخوي في رحاب الملك سلمان بن عبد العزيز مبتكر الصيغ الخلاقة للتصافي، فإنك تستعيد الطمأنينة التي افتقدتها النفس على ما أصاب الأمة التي كان الرابح السلبي من الخصومات فيها هو الطرف العابث من خلال تدخلاته على أنواعها. ويحدو المواطن العربي الذي بدأ الحزن يتلاشى بالتدرج من نفسه، وهو يتابع مشهد التلاقي في العلا - الأرض، الأمل بأن يتطور ليأخذ مكانه في العلا - المكانة وتثبيت الاستقرار، وأن تشكل القمة التي استضافها الملك سلمان إتباع التصافي الخليجي بإنجاز خطوة على طريق التصافي العربي، وبحيث يتم انتشال الشقيق السوري من الجب الإيراني الذي وقع فيه، وهذا واجب نخوي كما الواجب الذي بذله أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، واعتبره شقيقه الأمير نواف وصية، فأكمل الواجب الوطني والقومي الذي أثمر بمباركة خادم الحرمين الشريفين له.
هذا الذي واكبه أبناء الأمة يوم الثلاثاء 5 يناير (كانون الثاني) 2021، لم يقتصر على أنه تجربة رائدة على صعيد استبدال وفاق راسخ بالشقاق العابر، يذكرنا بما قام به الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، خلال قمة اقتصادية استضيفت من حُسْن الاختيار في الكويت، وإنما هو إنعاش للنفس العربية الحزينة من كثرة الصدمات. وعندما سيكتمل تثبيت القرار الوطني في كل من العراق ولبنان، ويستعيد اليمن النصف المصادر من كيانه الوطني، ويتوحد الصف الفلسطيني، فإن خواطر المواطن العربي لا تعود على الحزن الذي استحكم في نفسيته من قبْل أن تحل الجائحة التي زادت النفس حزناً، وجاءت صيغة استعادة التصافي في العلا، والتوجه نحو التوافق بمثابة اللقاح السياسي الذي تفرزه الإرادات، ويتكفل باستبدال ما يوحد الصف بما سبق وحدث وأضر... وهدياً بقول الرسول: «المرء كثير بأخيه. عليكم بالجماعة، فإن الذئب إنما يصيب من الغنم الشاردة».
ولقد عاش الخليج سنوات في مواجهة ذئبين وليس ذئباً واحداً. وها هي روح ملتقى العلا تؤكد أنه سيكون أشد عزيمة أمام الأفواه الذئبية وأنيابها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصافي الخليجي خطوة على طريق التصافي العربي التصافي الخليجي خطوة على طريق التصافي العربي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 01:23 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

فيرستابن يحسم سباق كندا ويعزز صدارته للفورمولا 1

GMT 08:47 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"Calvin Klein" أبرز الدور التي طرحت حذاء "الكاو بوي" المميّز

GMT 09:14 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الثور

GMT 13:19 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

مراقبين من المسابقات لمباراة القمة بين الأهلي والزمالك

GMT 10:15 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رفع فيلم "أخضر يابس" من دور العرض السينمائية بعد أسبوعين عرض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon