توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ترمبتشوف» ومفاجآت 2025

  مصر اليوم -

«ترمبتشوف» ومفاجآت 2025

بقلم : يوسف الديني

بعيداً عن القناع الذي بدا فيه تحالف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الثانية مع دهاقنة «السيليكون فالي» الذي جعله أقرب إلى المطوّر العقاري منه إلى زعيم أقوى دولة، فإننا أمام نسخة جديدة مركبة وهجينة لا يمكن تبسيطها عبر خطابه أو لغته أو تصريحاته التي لا تمت إلى عالم السياسة.

ترمب 2025 وفي أقل من شهر أصبح حديث الداخل الأميركي كما الخارج ومحط أنظار المحللين والخبراء ومراكز الأبحاث وخزانات التفكير وبشكل لافت، وذلك بسبب أدواته الشعبوية وتقلباته السياسية حتى بات معضلة تحليلية تكاد تعجز أدوات الفهم التقليدية عن استيعابها.

تكرار المفاجآت التي يصنعها كل يوم عبر تصريحاته النارية أو تحركاته القانونية والسياسية حوّله إلى شخصية إشكالية بامتياز في الداخل الأميركي وعلى الصعيد الدولي.

وبما أن السياقات من هذا النوع تقود إلى محاولة قراءة الشبه، يتم طرح اليوم ما يعنيه ترمب (2025)، هل هو دينغ الصيني (1978) أو غورباتشوف الاتحاد السوفياتي (1991)، باعتبارهما نماذج ثورية تحاول تغيير تشكل عالمنا وموازين القوى فيه بحسب ورقة نشرها قبل أيام رين مولرسون الخبير والرئيس السابق لمعهد القانون الدولي في جنيف.

ربما كانت أوجه الشبه بين ترمب وميخائيل غورباتشوف، آخر زعماء الاتحاد السوفياتي، أكثر من أي نموذجين على الرغم من المسافة الكبيرة وربما التباين بينهما على مستوى الآيديولوجيا والخلفية الفكرية، ترمب يميني شعبوي يرفع شعار إعادة أميركا عظيمة مجدداً وغورباتشوف «البطل التراجيدي» كما يحلو للأستاذ حازم صاغية وصفه به حيث حاول إنقاذ إمبراطورية مترنحة عبر «البيريسترويكا: إعادة الهيكلة»، ومع ذلك كانت المفاجآت غير المتوقعة أكثر أوجه الشبه بين الشخصيتين من دون قصدية، فغورباتشوف ما كان ينوي تفكيك الاتحاد السوفياتي على النحو الذي آلت إليه الأمور، أمّا ترمب، وهو ينحو صوب استعادة العظمة، فيمضي قدماً في تغيير المألوف والمعتاد في طبيعة المقاربات والاستراتيجيات الأميركية، وربما امتد ذلك إلى بنية النظام من المحاكمات المتلاحقة إلى استقطاب وتقوية الكتلة الصلبة من اليمين المحافظ وتحويلها إلى قوة وازنة قد تعيد تشكيل الحزب الجمهوري نفسه، بل والديمقراطية الأميركية ذاتها والأكيد أننا أمام سردية ترمبية جديدة غير التي يعرفها العالم عن الولايات المتحدة.

مفاجآت 2025 لا تخصّ الشرق الأوسط أو حتى غزة، بل هي تحولات في مقاربة العلاقات الدولية من «الناتو» إلى صعود المخاوف الأوروبية، فضلاً عن ارتباك الدول المتاخمة لأميركا من حالة الاستعداء وأجواء الحرب الاقتصادية، وهو ما سيعزز في كل هذه المناطق توجهات حثيثة لبناء رؤية مستقلة وتغليب مسائل السيادة والأمن الوطني، والسعي إلى بناء تكتلات وتأجيل الخلافات والتمايزات لبناء موقف موحد ومتجانس ضد حالة التجريب التي لا تحتملها معطيات الواقع وبشكل أخص في منطقة ملتهبة ومعقدة تمر بمنعطفات حرجة كالشرق الأوسط.

هل «الترمبتشوفية» حالة مؤقتة تعكس روح «فن الصفقة» في الذهاب بعيداً في المطالبات وتوقع الأقل، أم أنها بداية لتحول حقيقي في السياسة الأميركية؟ لا أحد يملك الإجابة لكن التاريخ علمنا أن الشخصيات القلقة وفقاً لتوصيف الفيلسوف العربي الكبير عبد الرحمن بدوي من أبرز سماتها أنها تخلق حالة استقطاب كبير قد تمهد لتحولات كبرى حادة، وربما كان ملف «تهجير» سكان غزة ومقاربة مأساة الفلسطينيين أحد أهم الاختبارات التي تواجهها منطقتنا أمام موجة ترمب الصاخبة، وما يدعو للتفاؤل هذا الموقف المشرف والمبدئي والأخلاقي الذي تقوده السعودية والدول العربية وشرفاء العالم للوقوف بصلابة ضد صلف الكيان الإسرائيلي ومن وراءه مقترحات ترمب غير الواقعية، لكنه أيضاً تحدٍّ يجب أن يقال وبصوت عالٍ يفتقر رغم كل الظروف إلى وحدة فلسطينية بالدرجة الأولى حيث اللحظة مواتية لفرصة تاريخية وقد تكون أخيرة للخروج من حالة الاختلاف والاحتراب الفلسطيني - الفلسطيني.

ذات مرة، قال سيوران الفيلسوف التشاؤمي معلقاً على مقولة «ماذا ينفع الإنسان إذا ربح العالم وخسر ذاته»، بقوله: «أنا خسرتهما معاً»، وهذا ما لا يتمناه أحد للنخبة الفلسطينية في هذه اللحظة المفصلية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترمبتشوف» ومفاجآت 2025 «ترمبتشوف» ومفاجآت 2025



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt