توقيت القاهرة المحلي 08:55:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المقاربة السعودية ومنطق الدولة!

  مصر اليوم -

المقاربة السعودية ومنطق الدولة

بقلم : يوسف الديني

في قلب صفحات «تايم أوف إسرائيل»، كما هو حال كبريات منصات الأخبار والصحف، يتصدر مانشيت: «السعودية تدعو إلى احترام سيادة لبنان»، وهو جزء من بيان مهم يعكس ملامح من المقاربة السعودية لأزمات المنطقة يمكن اختزالها في جملة واحدة تهم كل الأطراف: «العودة إلى منطق الدولة».

الرسالة السعودية هي للمجتمع الدولي بالدرجة الأولى عبرت فيها المملكة العربية السعودية بلغة واضحة وصريحة متجاوزة الأسماء والصفات والأحزاب والتقسيمات لتصل إلى قلب الأزمة، وهو تهشم مفهوم الدولة ضمن المشاريع التقويضية المتصارعة في المنطقة، لذلك كان التعبير شديد الحساسية والدقة حين وصف «الأحداث الجارية في الجمهورية اللبنانية الشقيقة»، وتابع: «ضرورة المحافظة على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية»، وأكد «وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق». وهي رسائل شديدة الأهمية ينظمها معطى أساسي: العودة إلى منطق الدولة. وهي تقليد عريق في بيت الحكم السعودي ومرتكزات السياسة الخارجية التي شهدنا نظائرها في أكثر من مناسبة في غزو العراق ومعالجة ملف اليمن بشكل مرتجل... إلخ.

هذه المقاربة اليوم تحظى بتقدير كبير بين المفكرين الاستراتيجيين في العالم والباحثين في مراكز صناعة الرأي وخزانات التفكير، ويمكن التأكيد على ذلك بمثال من ضمن أمثلة متعددة نُشرت في الفترة الماضية، هذا المثال الكاشف كتبه متخصص من طراز رفيع هو مايكل نايتس من معهد واشنطن المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، ومؤسس منصة «الأضواء الكاشفة للميليشيات»؛ إذ أكد على خطأ مقاربة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في مسألة الحوثي، وأن السعودية ودول الخليج كانت محقة. ويؤكد: «ما الذي علمتنا السنوات العشر الماضية التي تمثلت باحتلال الحوثيين لشمال اليمن المكتظ بالسكان؟ أولاً، أن الوقاية دائماً أرخص بكثير من العلاج عندما يتعلق الأمر بسيطرة متطرفين عنيفين على الدول. فإزالة الحوثيين من السلطة ستتطلب الآن جهداً جديداً قد يستغرق سنوات عدة أو حتى عقوداً من الزمن، وربما يشمل العودة إلى الحرب داخل اليمن».

ويضيف: «اليوم، تجني الولايات المتحدة بجدارة ما زرعته في البحر الأحمر... إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه الولايات المتحدة واضح: لا تشتكي من قيام حلفائك بالمزيد مما هو ضروري لضمان أمنهم الخاص، ثم تلقي باللوم عليهم عندما يفعلون بالضبط ما أردت. على الولايات المتحدة إما أن توفر الأمن أو تبقى بعيداً عن الطريق في حين تتولى الدول الإقليمية القيام بذلك بنفسها!».

واليوم يتكرر الموقف ذاته حين تعلي السعودية ما أسمته لاحقاً «التسامي السياسي»، وتعيد صياغة موقفها وفق ضرورات المرحلة وليس ردود الفعل أو الارتباك والفوضى، وعلى رأس ذلك كله التدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كما حدث في إعلان الدعم والمساعدة والإغاثة لفلسطين ولبنان، ومن دون بروباغندا أو ضجيج، وفي نفس الوقت التأكيد بحزم على ضرورة احترام السيادة وعدم التصعيد وإيقاف الحرب؛ لأنها جزء من معالجة الجذور كموقف مبدئي وليس الارتهان للتفاصيل التي عادة ما تكون انعكاساً لمواقف آيديولوجية أو استغلالاً لشعارات وبروباغندا حربية، وصولاً لتحشيد واستقطاب المتطرفين واليمينيين، وهو الحال الذي لا يمكن للطرفين الخروج منه.

هناك حالة انكشاف كبيرة وتصدعات لا يمكن رأبها بمجرد البحث عن تسويات مؤقتة ومحدودة مع الإسرائيلي، حتى مع الاستناد للدعم الأميركي والإسناد الغربي العام، فحالة الانسداد السياسي لا يمكن معها إلا التفكير في الصورة الكاملة حتى لا نضطر لتكرار ما حدث في العراق وأفغانستان واليمن، لا أقل من تثمين ما أطلقه وزير الخارجية السعودي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، المتضمن مبادرة التحالف الدولي لتنفيذ «حل الدولتين» بقيادة السعودية ودول الاعتدال وعدد من الدول العربية والإسلامية وشركاء أوروبيين.

وبنفس مفهوم التسامي السياسي ربط وزير الخارجية الحالة الحرجة اليوم بجذورها، مشيراً إلى التصعيد ضد لبنان، وبحسب عبارته: «نشهد في هذه الأيام تصعيداً إقليمياً خطيراً يطال الجمهورية اللبنانية الشقيقة، ويقودنا إلى خطر اندلاع حرب إقليمية تهدّد منطقتَنا والعالمَ أجمع».

الرياض اليوم هي قلب الأمل للشرق الأوسط، والسعودية هي بوصلة المشاعر الإيجابية لمستقبل أفضل. وبعيداً عن مشاريع الميليشيات وخداع الأوهام الشمولية الكبيرة، أو انتهازية الآيديولوجيات الضيقة، هي مصدر للاستقرار الإقليمي. خلاصة القول: هناك فرصة كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من منطق الدولة، وهو يتطلب التحرك السريع من عقلاء العالم قبل الندم وفوات الأوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاربة السعودية ومنطق الدولة المقاربة السعودية ومنطق الدولة



GMT 03:45 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحمايتان

GMT 03:44 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كيف نربّي مناعة حيال إسرائيل؟

GMT 03:41 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

وسط الغموض المقلق... اللبناني يبحث عن وطن!

GMT 03:39 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

ليبيا... ارتداد إلى العصور الوسطى

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 03:31 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مئوية رياض البندك

GMT 03:27 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

على ساسة لبنان الحذر

GMT 03:25 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نجاحات مغربية... و يقظة ضرورية

درة تكشف عن إطلاق علامتها التجارية وأسرارها في عالم الموضة

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 16:59 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مفضلة لعشاق الطقس الدافئ خلال الشتاء
  مصر اليوم - وجهات سياحية مفضلة لعشاق الطقس الدافئ خلال الشتاء

GMT 17:05 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الدارجة للأثاث المنزلي المودرن في 2025
  مصر اليوم - الألوان الدارجة للأثاث المنزلي المودرن في 2025

GMT 08:44 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

20 مصاباً في حادث تصام قطارين بمحافظة المنيا في مصر
  مصر اليوم - 20 مصاباً في حادث تصام قطارين بمحافظة المنيا في مصر

GMT 22:39 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تأمر بإخلاء المزيد من قرى جنوب لبنان
  مصر اليوم - إسرائيل تأمر بإخلاء المزيد من قرى جنوب لبنان

GMT 07:27 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر
  مصر اليوم - تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

المصمم إيلي صعب يقدم فستان زفاف 2017 بإسلوب عصري

GMT 05:58 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

دودج تقرر وقف إنتاج جراند كارافان وجورني

GMT 12:47 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تعرف على موعد عودة تدريبات النادي الأهلي

GMT 05:19 2020 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

"فيسبوك" يتخذ إجراءات ضد حملة ترامب الانتخابية

GMT 01:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

حقيقة إنتاج جزء ثان من مسلسل النهاية

GMT 13:35 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

أسعار الخضروات في مصر اليوم الجمعة 22 مايو

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,17 آذار/ مارس

وفاة شخص وإصابة 15 آخرين في حادث تصادم في سوهاج

GMT 19:53 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

قائمة أسعار سكودا اليوم في مصر بعد تخفيض 2020

GMT 09:18 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

السيسي يوجّه بمواصلة إجراءات ضبط الأسواق وحماية المستهلك

GMT 01:16 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عبد الله وكنزي عمرو دياب يثيران الجدل بهذه الصور

GMT 01:00 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مميزة لتصميم كوشات أعراس مزينة بالورود

GMT 07:25 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل عطر رجالي فواح ورائحته ثابتة

GMT 05:30 2019 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

وفاة الطفلة جنة ضحية تعذيب جدتها في المنصورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon