توقيت القاهرة المحلي 02:31:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -
الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال
أخبار عاجلة

الشرق الأوسط ومعضلة الاستقرار

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط ومعضلة الاستقرار

بقلم : يوسف الديني

في مشهد الشرق الأوسط المعاصر، لا يمكن الحديث عن أي تحول استراتيجي حاسم من دون التطرق إلى معضلة الاستقرار المزمنة التي تعصف بالمنطقة. فكل محاولة لـ«إعادة ترتيب البيت» بعد الأزمات الكبرى، من غزة إلى دمشق، تصطدم بجدار اللاحسم: لا حسم في مواجهة العبثية الإسرائيلية والوحشية المتكررة في غزة، والتعدي على السيادة في باقي ملفات المنطقة المفتوحة برسم فوضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ما نشهده اليوم في المنطقة غير مسبوق، ولا يُعبر عن غياب حلول، بل تعليقها وتعليق الحلول، سياسياً، لا يعني تجميد الأزمة بل تحويلها إلى مستودع دائم للتطرف من نشوء وصعود المجتمعات الأصولية الغاضبة التي ترحّل أزماتها في البحث عن الاستقرار إلى محاولة فرضه على طريقة الغنيمة، والحق يقال بعيداً عن كل المفاهمات السياسية التي تجترحها دول المنطقة رغبة منها في عدم فتح أزمات جديدة لمنطقة لم تحتمل الفوضى، إلا أننا إزاء مشهد يشي بمعمل مفتوح ومتجدد لإعادة إنتاج الفوضى. فالبيئة الرمادية التي تُركت فيها مناطق التوتر من دون رؤية واضحة أو استراتيجية «المابعد»، فضلاً عن أبجديات بناء عقد اجتماعي يشمل جميع المكونات، لن يفرز ذلك إلا مزيداً من العنف والتجنيد العقائدي والطائفي، ولن يؤدي بالضرورة والحتمية التاريخية إلا إلى هشاشة الاستقرار ما بعد فترات النزاع.

وفي التفاصيل وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة في بيروت تبدي إرادة سياسية واضحة وجادة لتفكيك نفوذ «حزب الله»، ومع ذلك فإنها تُترك وحيدة من قِبل المجتمع الدولي والدول الكبرى في مواجهة تركة ثقيلة من اقتصاد منهار وسلاح خارج الدولة ومؤسسات مخترقة. وفي سوريا، تحاول الحكومة المؤقتة على الأقل في تصريحاتها المعلنة التأسيس لمرحلة سياسية جديدة، بعد أن نالت دعم جميع جيرانها ومحيطها، لكنها تواجه بدورها بيئة دولية باردة، وعقوبات خانقة، وانعداماً للثقة الغربية لأسباب تتطلب رؤية للخروج من النفق الذي لا يمكن أن يحدث من دون أن يولد الحل في الداخل السوري وبمساهمة كل المكونات، وأيضاً بمساعدة دول الاعتدال لتجسير الهوة التي تتفاقم حول أسئلة لا يمكن تأجيلها من المقاتلين الأجانب، وصولاً إلى التمثيل العادل. وفي اليمن فإن مواجهة الحوثي من قبل الولايات المتحدة أو حتى إسرائيل بعد حادثة استهداف المطار ومن دون التفكير في دور للشرعية اليمنية ودول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية، هي إعادة إنتاج لمعضلة الحل على طريقة الوجبات السريعة وردود الأفعال، التي يعرف الخبراء نتائجها منذ أفغانستان ومروراً بالعراق.

مرحلة «الاستقرار» حتى في المفهوم الكلاسيكي للعقيدة العسكرية الأميركية هي الأكثر حساسية بعد العمليات الحربية، لأنَّها تُعنى بإعادة الأمن، وإنعاش الاقتصاد، وترميم العقد الاجتماعي. لكنها اليوم المرحلة التي يُغيب عنها الفعل السياسي الدولي لصالح التكتيكات العسكرية القصيرة المدى، ولذلك فإن أي استراتيجية من دون تدخل مدني منظم، واستثمار دولي في إعادة البناء السياسي والمؤسسي، فإن أي نصر عسكري سرعان ما يتحول إلى عبء أمني جديد.

هذا الفراغ الكبير الذي يتعاظم في الشرق الأوسط لا يمكن أن يمر من دون تكلفة باهظة الثمن، وما يزيد المشهد تعقيداً هو أن قوى أصولية باتت قادرة على «ترتيب نفسها»، والتحول إلى مجتمعات ضاغطة، عبر تحالفات ظرفية مع بعض القوى المتنافسة معها أو سلطات الأمر الواقع، أو من خلال إعلاء خطابات سياسية شكلانية للإعلام والاستهلاك الدولي وممارسات متطرفة على مستوى الحياة اليومية يخفي وراءه نيات للقوى الفاعلة لمشروع لا يمكن أن يبنى على المواطنة مع حضور اللغة العقائدية والطائفية، لأنه مشروع ببساطة، قائم على معضلة تاريخية لهذه المنطقة «فكرة الغنيمة لا الدولة، والاستحواذ لا المشاركة».

هناك كثير من التشاؤم تجاه مقاربة ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثانية، حيث لا يزال مأخوذاً بفكرة الضغط القصوى من دون تقديم بدائل واقعية. فالعقوبات التي تُشدد على اللاعبين المحليين غالباً ما تُضعف المجتمعات لا الأنظمة، وتترك الباب مفتوحاً أمام القوى غير النظامية لتعويض غياب الدولة يعيد تدوير الأزمات بدل حلّها.

المفارقة أن بعض الأنظمة، خصوصاً تلك التي نشأت في فراغات ما بعد الحرب، تجد نفسها عالقة بين متطلبات الاستقرار الذي تريده الدول الكبرى، وبين ضغط جمهور تحالف معها على أسس مناهضة لمنطق الدولة ذاته. هذه الأنظمة عاجزة عن الحسم لأنَّها رهينة لتفاهمات هشّة بين سلاح غير شرعي ودعم خارجي غير مشروط، بينما تخسر تدريجياً شرعيتها الداخلية.

إن الاستقرار في الشرق الأوسط لن يُنتَج من غرف العمليات العسكرية ولا عبر العقوبات الاقتصادية فقط، بل هو مشروع طويل الأمد يتطلب مقاربة شاملة تُدمج فيها التنمية مع السيادة، والدبلوماسية مع الأمن، والمصالحة مع العدالة الانتقالية. وهي معادلة صعبة لكنها ليست مستحيلة.

في الختام، تقف المنطقة اليوم بين نموذجين متناقضين: نموذج تنموي يراهن على الإنسان والمواطنة والازدهار بقيادة السعودية، ونموذج أصولي يحاول إعادة بناء السلطة السياسية عبر شبكات ما قبل الدولة، قائم على الغنيمة والتعبئة الآيديولوجية. بين هذين الخيارين، تبرز معضلة الاستقرار كأهم تحدٍ استراتيجي في الشرق الأوسط. فإما استثمار هذه اللحظة المفصلية لبناء شرق أوسط جديد، وإما ترك الأزمات معلقة، فتتحول إلى قنابل موقوتة تنفجر في وجه الجميع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط ومعضلة الاستقرار الشرق الأوسط ومعضلة الاستقرار



GMT 01:59 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريشته وتوقيعه

GMT 01:56 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

قرارات بشار الغريبة

GMT 01:53 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

... تصنيف «الإخوان» مرة أخرى

GMT 01:50 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

مرحلة الازدواج الانتقالي ودور أميركا المطلوب

GMT 01:46 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والعراق... والصعود الإسرائيلي

GMT 01:39 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

رسالة الرئيس بوتين إلى أوروبا

GMT 01:35 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميزانية بريطانيا: حقيقية أم «فبركة»؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt