توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روعة الأسف

  مصر اليوم -

روعة الأسف

بقلم : أمينة خيرى

«آسف»!، كلمة تبدو عابرة، لكن لها مفعول السحر. يقولها أحدهم، فتهدأ الأجواء المحتقنة، وتلين القلوب الغاضبة، وتخفت حدة المشاعر السلبية. أفتقد الكلمة كثيرا. أشعر أنها ضمن ضحايا الحداثة والمعاصرة. درجة فقدانها تختلف من مكان لآخر، لكن أكثر ما يزعجنى هو الربط بين اختفائها وبين صعوبة المعيشة، وتعثر الاقتصاد، وانتشار المعاناة الاجتماعية.

منذ عقود طويلة، يفرض السؤال عن العلاقة بين أن يكون أحدهم متعبا أو فقيرا أو مضغوطا وبين أن يسمح لنفسه ويسمح له الآخرون بأن يكون غليظا فظا مفتقدا الذوق وبديهيات التعامل مع الآخرين.

قبل نحو 20 عامًا، كتبت مقالا عبرت فيه عن افتقادى وحنينى لتبادل الكلمات والعبارات التى تدل على اعتذار أحدهم لآخر فى الشارع، إن داس على قدمه، أو خبط فيه بحقيبة يحملها، أو ارتطم به دون قصد فى وسيلة مواصلات عامة أو ما شابه. وقتها قال لى أحدهم: «الناس غلابة وتعبانين، كيف نتوقع منهم أن يعتذروا لآخرين عن سوء تصرف بدر منهم؟!» وقال لى آخر: «إحنا فى إيه ولا فى إيه؟!» وكأن ظروف المعيشة الصعبة تتناقض وألف باء الذوق! أو كأن كلمة الاعتذار ستزيد من أحمالهم وتفاقم أحزانهم.

التربية على ثقافة الاعتذار عن خطأ مقترف، سواء كان مقصودا أو غير مقصود، أمر عظيم. وأرى أن هذا النوع من التربية تضاءل وتوارى بشكل شبه كامل لدينا. الاعتبار المفرط أو دون داعٍ مرفوض، لكن الاعتذار فى محله يدل على رقى صاحبه وثقته فى نفسه، والأهم من هذا وذاك أنه يعنى أنه «إنسان».

يقولون إن البريطانيين يعتذرون أكثر من اللازم، لكن ضمن أسباب سعادتى للعودة إلى بريطانيا أننى أسمع كلمة «آسف» كثيرا لا سيما فى المواصلات المزدحمة أو طوابير المشتريات وغيرها. كما أننى لا أشعر أننى «زومبى» حين أقول الكلمة التى باتت نادرة النطق فى شوارعنا ووسائل مواصلاتنا ومحالنا.

وأزيد من الشعر بيتا، إذ إن بعض الأهالى يربون أبناءهم على أن الاعتذار هو سمة الضعفاء، ومن مفردات الذل والهوان، وأنه يبعث برسالة للآخرين قوامها أن الشخص الذى يعتذر جبان وبلا قيمة. وأضيف إلى البيت شطرا مفاده أن من الأهل – وبعضهم متعلم ويقول عن نفسه إنه متدين- إن الرجل الحقيقى لا يعتذر، لأن الرجولة ثبات على المبدأ (حتى لو كان خربا) وتصميما على الموقف (حتى لو كان مثيرا للغثيان).

أدعو جبهة رفض الأسف إلى إجراء تجربة معملية قصيرة لن تخدش مكانتهم العظيمة، أو تجرح كرامتهم العتيدة. المرة القادمة حين تكون ماشيا فى الشارع وترتطم بأحدهم، قف ثانية وقل له فى ثانية أخرى «آسف»، ولاحظ الأثر. والمرة القادمة حين تكون داخلا محلا تجاريا أو مصعدا، وتهجم كعادتك لتمر قبل الخارجين أو تثبت سموك وعظمتك بأن تزيح من هم فى طريقك، قل لهم كلمة «آسف»، وأخبرنا عن الأثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روعة الأسف روعة الأسف



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt