توقيت القاهرة المحلي 05:05:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن لا خُلق له.. فلا دين له

  مصر اليوم -

مَن لا خُلق له فلا دين له

بقلم: نشوى الحوفى

«خيركم فى الجاهلية، خيركم فى الإسلام». هكذا حسمها من بُعث ليتمم مكارم الأخلاق صلوات ربى وسلامه عليه. وعنى بها أن خير المؤمنين بدين الله مَن كان خيرهم خُلقاً وهو كافر به. وهو إيجاز صحيح لمعنى وتأثير الدين فى حياة البشرية. فصاحب الأخلاق أفضل المنتسبين للدين بعد الإيمان، والعكس ليس بصحيح. فمن لا خُلق له، لا إيمان ولا دين له.

المتأمل فى حال المجتمع اليوم يدرك طغيان مظاهر الدين على الحياة من أبواب عدة، غابت عنها الأخلاق. غاب الاحترام والصدق والإيثار والانتماء والتواضع والأمانة والنظافة والمسئولية والضمير. باتت المسألة فجة ومزعجة ومحزنة فى ذات الوقت، بل ومخيفة أيضاً. فما نبنيه اليوم من نهضة تحتاج، إلى جانب الاستمرارية والإمكانيات، آدميين يدركون معنى البناء والطموح والنهضة وحماية الأوطان. وإلا ضاع منا ما نقوم ببنائه وانهار.

لن أعدد نماذج محزنة ارتأيناها جميعاً على مدى الشهور الماضية، ولكن دعونى أذكركم ببعضها كفتاة العياط التى لم تتجاوز خمسة عشر عاماً وقتلت سائقاً خطفها وحاول الاعتداء عليها، قضية راجح الصبى الذى لم يعبر سنوات طفولته ولكنه متهم بالبلطجة والتحرش والقتل أيضاًّ. حادثة إيتاى البارود وكسر خط بترول وسرقة البنزين من قبل الأهالى ومقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين فى أسوأ توصيف لكلمة بنى آدم. وأخيراً انقلاب سيارة نقل كانت محملة بالبطاطس وسرقة الأهالى لما على العربة؟! ناهيكم عن جرائم الخيانة والرشوة والقتل.

نعم، الجريمة خُلقت مع الإنسانية، فقتل قابيل هابيل إفساداً فى الأرض، كما أن الجريمة موجودة فى كل العالم على اختلاف مناحيه، أضف إلى ذلك أن السيئ من يسلط عليه الضوء أكثر فى أى مجتمع، ولكن نحن من يردد كل لحظة أننا شعب متدين بطبعه وأننا شعب الشهامة والجدعنة والرجولة وغيرها من الصفات. وتلك الصفات الأخيرة لا تتماشى وما بتنا نعيشه ووجبت علينا. وأولى مراحلها مواجهة النفس بما آل إليه حالنا لتغييره وتطويره.

ولذا فخطابى اليوم لأصحاب العمائم فى الأزهر والأوقاف والوعاظ والراهبات والقساوسة وخدام الكنائس، يا سادة من لا خُلق له فلا دين له. وما من مجتمع اشتكى ناسه من غياب الخلق إلا هلكوا. فلترفعوا راية الأخلاق فى عظاتكم وخطبكم وندواتكم وزياراتكم وصلواتكم فى المسجد والكنيسة. اتركوا الحديث عن مظاهر الدين وعلموا الناس المعنى الحقيقى للتدين. فأنا لا يعنينى معرفة ما تؤمن به من عقيدة، ولكن يعنينى رؤية سماحة ما تؤمن به. دينك لله وخلقك للناس. وخلقك أكبر سفير لما تؤمن به.

يا سادة، علموا الناس معنى المال العام وحرمة انتهاكه، علموا الناس أن اتباع الله ورسله فى شرائع العبادات والأخلاق والتحلى بصفاتهم، وكذلك فى احترام القانون حتى لو كان فى إشارة مرور أو عبور طريق. علموهم أن الإيمان لو كان بضعاً وستين أو بضعاً وسبعين شعبة، فأدناها نظافة الطريق ورفع الأذى عنه، وأن الخجل والحياء من شعب الإيمان أيضاً. اتركوا الحديث عن مظاهر الدين التى لم تمنحنا بشراً سوياً، وركزوا عملكم فى تعليم أسسه التى بُعث من أجلها الرسل للسمو بالبشرية. فما حمله نبى الله موسى من وصايا عشر، وما أوصى به المسيح أتباعه، وما أعلن المصطفى صلوات ربى وسلامه عليهم أجمعين..كانت الأخلاق يا سادة لتنجح العبادة. علموهم أن الله يسامح فى حقوقه، ولكنه لا يسامح فى حقوق العباد. فعلمونا كيف نكون شعباً خلوقاً بطبعه.. أما التدين فاتركوه لنا كعلاقة شخصية بيننا وبين الله.

وقد يهمك أيضًا:

أنا استفدت إيه؟

وللاستبداد بين الناس مذاهب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن لا خُلق له فلا دين له مَن لا خُلق له فلا دين له



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon