توقيت القاهرة المحلي 20:20:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد؟

  مصر اليوم -

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد

بقلم : د.محمد الرميحى

تعددت وجهات نظر المراقبين في الكويت في قراءة نتائج الانتخابات التي أجريت يوم 4 نيسان (أبريل). قيّم بعضهم هذا المجلس الجديد (القديم) تقييماً متفائلاً، وبعضهم متشائم، وقد يكون كلا التقييمين يحملان بعض الصحة.

امتنع، لأسباب مختلفة، جزء غير يسير ممن يحق لهم التصويت عن المشاركة، وتنقسم هذه الشريحة الكبيرة (أكثر من الثلث بقليل ممن يحق لهم الاقتراع) إلى شرائح داخلية متعددة، وكل له أسبابه المختلفة، فقد كان الإقبال على التصويت بنسبة 61% من حجم الناخبين، وهذا يعني أن ثلث المواطنين لم يشاركوا!

عاد من المجلس السابق (مجلس عام 2023) 39 نائباً بمن فيهم السيدة الوحيدة التي كانت في المجلس السابق واحتفظت بمقعدها في الحالي، وأيضاً عاد ثلاثة من النواب السابقين لانتخابات عام 2023، أي هناك أغلبية من أعضاء المجالس المنحلة في السابق وصلوا إلى المجلس الجديد الذي من المتوقع أن تعقد أولى جلساته في 17 الجاري، ما يؤشر إلى أن الأجندات ربما تعود كما هي في السابق أو على الأكثر معظمها. أما الوجوه الجديدة كلياً فهي ثمانية أعضاء متعددي المشارب السياسية، أي أن التغيير الحقيقي أقل من عشرة في المئة. والظاهرة التي لازمت معظم الانتخابات منذ قانون الصوت الواحد الذي حصنته المحكمة الدستورية قبل حوالي عشر سنوات (في 16 حزيران/يونيو 2013) وهي ظاهرة الفرق الواسع بين عدد أصوات الأول في الدائرة الواحدة، وعدد أصوات الأخير حيث لا تشكل أصوات الأخير في مجموعها ربع أصوات الأول، ما يؤشر إلى عوار في التمثيل. أما إذا قسنا النسبة إلى عدد الأصوات في الدائرة الواحدة، فإن نصف الناجحين (على الأقل) في الدائرة الواحدة، لا يمثلون إلا أقلية في دائرتهم.

أما المرأة الكويتية فهي مهضومة الحقوق على المستوى الاجتماعي، ومن الغريب أن تكون هي الأغلبية في عدد من يحق لهم التصويت، ومع ذلك لا تمثل إلا في النادر، من هنا وجب العمل على وضع كوتا للمرأة لتمكينها من المشاركة، وهي فكرة لن تجد لها مناصرين كثراً في هذا المجلس!

وكما كان في السابق، لعب المال السياسي والتحشيد القبلي والطائفي والفئوي والعائلي دوراً مؤثراً في الانتخابات، كما لعبت المشاعر الشعبوية والدينية دوراً مماثلاً في شد العصب الانتخابي، وفي هذه الانتخابات تدخلت بعض قرارات البيروقراطية في فتح الفرص للخطاب المتشدد السياسي الذي ألهب مشاعر قطاع من الجمهور ودفعه إلى تفضيل بعض المرشحين على غيرهم، إلى درجة حصول تراجع في المراكز لبعض القامات السياسية القديمة والتاريخية، ليحل محلها في الأولوية مرشحون آخرون.

ذلك لا يعني أن المجلس الجديد يخلو من الطاقات التي أعلنت برامجها التنموية التي تشمل التوجه إلى الخير العام، إلا أن تلك الأصوات قليلة في التركيبة الحديدة، وأيضاً غير متجانسة لتشكل رافعة تنموية أو كتلة متماسكة يعتمد عليها وتُعنى بتجويد التعليم والتدريب والسير في طريق الفرص الاقتصادية الجديدة، للتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، أو إعادة تفعيل القوة الناعمة الكويتية التي يمكن أن تغير من ثقافة المجتمع، وتصبح أيضاً قيمة اقتصادية مضافة، وتطوير الخدمات والتحول إلى الرقمنة، أي باختصار، المجموعة التنموية قليلة في المجلس، وغير منسجمة.

أما المجوعة الأكبر فهي في الغالب تقدم السياسي على التنموي، وتعلي من أهمية التوزيع على الإنتاج، لذلك هي تضع العربة أمام الحصان، أي السياسة قبل الاقتصاد، ما يعوق تطور المجتمع، كما يحمل بعضها ثارات قديمة أو جديدة، وبعضها شخصي، تُلبس خطاباته في الغالب لباس المصلحة الوطنية، ولكن هي أبعد ما تكون عن ذلك.

لهذا من المرجح أن يفلت عقال النقاش في المجلس الجديد من العام إلى الخاص ومن التنموي إلى الشخصي، ويطلق عنان السباق على الشعبوية في توزيع المغانم، ما يذيب هوامش التوافق ويزيد الثارات، وأيضاً يتراجع المجتمع المدني الذي بدأ يتآكل في السنوات الأخيرة، وتضعف وشائج الوحدة الوطنية.

من غير المتوقع أن يطرح مثلاً إصلاح الآلية الانتخابية التي ثبت عوارها بما لا يدع مجالاً للشك، ومن غير المتوقع أن يهتم بمرفق التعليم، إلا من زاوية التساهل والتسيب، لا من زاوية التجويد والضبط، ولا من زاوية تقليل البيروقراطية التي عطلت وتعطل العمل العام وتثقل كاهله بغير المتخصصين.

لذلك من المتوقع أن يحدث الخلاف مبكراً في هذا المجلس، إلّا، وهي شرط مسبق، أن ينتبه الجميع أو أكثرية وازنة إلى المخاطر التي تحدق بالوطن، من جهة، وبعملية المشاركة الشعبية، من جهة أخرى، وما تسببه المحاباة السياسية أو القرابية من ضرر، والتفرغ للتصدي للمشكلات التنموية الملحة التي توجه الوطن وينتظرها المواطن، وبخاصة العمل على الحفاظ على الوحدة الوطنية، لأنها من صلب الحفاظ على الوطن.

ومن جهة أخرى، فحسن اختيار رجال التشكيل الوزاري القادم ونسائه، والمطلوب دستورياً الموصوفون بالكفاءة وأصحاب الأجندة التنموية المتناغمون في ما بينهم، قد يسهل عملية الإقلاع المرادة.

المخاطر أن لا يلتفت كثيرون إلى نمو وعي المواطن الكويتي، وبخاصة قطاع الشباب، فهم جيل مختلف عن سابق، له مطالب مختلفة، ومتجاوز الكثير من التحيزات التقليدية، بدليل وصول بعض النواب الذين فهموا ذلك التطور، وخاطبوه في برامجهم، وهو العابر لكل التحيزات الاجتماعية، ذلك الوعي يحتاج أن يفهمه النادي السياسي القائم بشقيه التشريعي والتنفيذي، ليس بالتمنيات والحدس، ولكن بالفهم الصحيح والقائم على دراسات علمية رصينة، تفتقدها المؤسسة التشريعية حتى الساعة وربما المؤسسات التنفيذية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد



GMT 19:49 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:48 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

طه حسين كمان وكمان

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

GMT 19:13 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

دورتموند نصف الدراما وكل الحظ؟!

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أسرق.. وبعدين أتصالح!!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:11 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد
  مصر اليوم - ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد

GMT 00:46 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات طبيعية للشعر بمفعول الكيراتين

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإفتاء المصرية تؤكد أن إنفاق المرأة فضل منها

GMT 14:21 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فلنتعلم من الطبيعة

GMT 22:24 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف حسم ريال مدريد صفقة ديفيد ألابا مجانًا

GMT 05:05 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بدء طرح كراسات شروط الإسكان الاجتماعي في مصر الأحد

GMT 18:08 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

رسميًا واتفورد يقيل فلوريس سانشيز من تدريب الفريق

GMT 15:07 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

أحدث موديلات فساتين السهرة للمحجبات في 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon