توقيت القاهرة المحلي 02:31:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -
الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال
أخبار عاجلة

عينى ترى.. لا شىءَ اسمُه: «العمى»

  مصر اليوم -

عينى ترى لا شىءَ اسمُه «العمى»

بقلم: فاطمة ناعوت

بالأمس، كنتُ فى زيارة لصديقى طبيب العيون الأشهر، رفقةَ أصدقاء يرغبون فى فحص عيونهم. أحيانًا ما أتوسّط لأصدقائى لكى يراهم الطبيبُ المرموق دون قائمة انتظار، بحكم ما بيننا من صداقة قديمة. ورغم صداقتنا القوية، لم يحدث أن فحص عينىّ من قبل. وكلما سألنى أقولُ له: «أنا تمام!» لم أشأ أن أُثقِل عليه وأختلسَ لنفسى من وقته الثمين ما يستحقُه مرضاه.

ولكن، ولسبب ما وأنا أصافحه للانصراف، وجدتنى أبتسمُ وأقول له عابرًا: (من كام سنة كده، وأنا باعمل كشف نظارة، نبهنى أحد أصدقائى من الأطباء الكبار أن ضغط عينىّ مرتفع شويه، وأوصى بضرورة المتابعة دوريًّا، وحذّرنى لمخاطر الإهمال و...)، ولم أكمل كلامى، إذ وجدتُ ملامحَ القلق قد ارتسمت على وجه صديقى طبيب العيون، وجذبنى من يدى وأجلسنى أمام جهاز فحص العيون قائلا: (إزاى أول مرة أسمع الكلام ده؟! بتاخدى علاج إيه؟)، فضحكتُ وأكملتُ كلامى: (طبعًا نسيتُ الأمر ولم أتابع! مش بحب أشغلك يا صديقى!) راح يفحصُ عينى ورحتُ أقولُ لنفسى: (أتابع نفسى إزاى ووقتى كله لابنى «عمر»، وعملى ومشاغلى.. مادمتُ قادرة على القراءة والكتابة، يبقى خلاص و...!). أفقتُ من أفكارى على صوت صديقى يقول بقلق: (We have a Situation). ضغط العين أثّر على العصب البصرى! وجزع قلبى وأنا أتأمله يُدوّن فى الروشتة أسماء فحوصات يجب عملُها فورًا: (أشعة مقطعية للشبكية، فحص العصب البصرى، قياس مجال الرؤية). قال بحسم وشىء من الغضب بسبب إهمالى واستخفافى: (عاوز الأشعات دى فورًا. فورًا يعنى فورًا، تعمليها بكرة فى المستشفى، ومنتظرك بعد بكرة).

وأنا أغادرُ العيادة، قرأ ابنى المتوحد «عمر» على وجهى ملامحَ خوفٍ لم أستطع إخفاءها! فربّت على يدى كعادته حين يودُّ الاطمئنان! فطمأنتُه أن كل شىء جميل. لكننى لم أنم من الرعب! ماذا سيفعلُ ابنى إن فقدتُ البصرَ، وأنا عينُه التى يرى بها العالم؟! كيف أعيشُ والقراءةُ والكتابةُ كل حياتى؟!.

أكتبُ إليكم هذا المقال قبل توجّهى لإجراء الفحوصات المطلوبة. ولستُ أدرى ماذا ينتظرُنى فى مقبل الأيام. لكن ثقتى فى رحمة الله بابنى لا حدود لها. وثقتى فى عِلم صديقى طبيب العيون الكبير لا حدودَ لها، فقد رأيته بنفسى يصنع معجزاتٍ طبية لمرضاه، بارك الله فى علمه وحياته.

الآن، قررتُ أن ألجأ إلى الحيلة الذهنية التى تُنجينى وقت الخطر، وتجعلنى أرسمُ الواقعَ كما يروقى لى، لا كما هو. تلك الحيلة جعلتنى أرى «برج الكهرباء» نخلةً شاهقةً كاملة الأناقة، وجعلتنى أظنُّ أن تصدّعَ نافذة قطار قنصها حجرٌ مارق، لوحةٌ تشكيلية فنية مدهشة! حتى الحشرات المخيفة مثل الصرصار والخنفساء والبعوضة، نجحتُ أن أرى جمالَها كونها تشبه الفراشاتِ الجميلة «تشريحيًّا»، ولها نفس العبقرية فى التصميم من خالق الوجود المهندس الأعظم، سبحانه.

هذه الحيلة الذهنية «التحايلية» صنعها من قبل فنان تشكيلى بلجيكى مجنون اسمه «رينيه ماجريت». رسم تفاحةً، وكتب أسفلَها: «هذه ليست تفاحة!»، رسم غُليونا، وكتب تحته: «هذا ليس غليونا!» وأطلق على تلك اللوحات: «خيانةُ الصور». فالغليون المرسوم، ليس غليونًا حقيقيًّا من الخشب؛ بوسعك أن تحشوه تبغًا، وتدخن، كذلك ليس بوسعك أن تقضمَ التفاحةَ المرسومة! أما المعنى الفلسفى الأعمق الذى قصده الفنانُ هو الدعوة للنظر إلى عمق الأشياء، لا إلى ظاهرها. لأن «اسم» الشىء ليس الشىء نفسه، بل مجرد كلمة تشير إلى شىء. فكلمة «وردة»، لا تحمل لونَ الوردة ورائحتَها وجمالَها. هى كلمة أطلقها أحدُهم من قديم الزمان على هذا الكائن اللطيف؛ فورثنا الكلمةَ كدالٍّ على مدلولٍ: «الوردة»، وأورثناها لأولادنا وأحفادنا بالتبعية. لكن الدلالةَ والجمالَ والشكلَ والعطرَ فى «الوردة» ذاتها، لا فى «اسمها». فاللغةُ عاجزةٌ دائمًا عن كشف هُوية الشىء. لذا نجد «ماجريت» فى لوحة أخرى يرسمُ مجموعةً من الأشياء: حذاء، بيضة، شمعة، قبعة، مِطرقة، كوب؛ ثم يكتب جوار كلّ شىء اسمًا مخالفًا لاسمه المعروف: الحذاءُ= قمرٌ، البيضةُ= شجرةُ أكاسيا، الشمعةُ= سقفٌ، القبعةُ السوداء= ثلجٌ، المطرقةُ= صحراءُ، الكوبُ= رعدٌ. أعطى الفنان لنفسه الحقَّ فى إعادة تسمية الأشياء بأسماء جديدة. لماذا؟! هو حرٌّ. أليس الفنانُ حرًّا؟! نعم. للفنان نفس حق «المجنون»، وتلك أحد أسرار عبقرية الفن: الحرية.

الملامحُ البشرية مختفية فى أعمال «رينيه ماجريت» لأن فلسفته تقول إن التعيينَ والتحديدَ والشخصنة محضُ عبث. فمثلما أسماءُ الأشياء عبثٌ اعتباطى لا تصفها ولا تميزها، فالملامحُ كذلك لا تحدّد البشرَ ولا تميز جوهرهم.

سأستعيرُ فلسفةَ «رينيه ماجريت» وأقول لنفسى: (عيناى سليمتان... ولا شىء اسمه العمى)!، فكيف أقلقُ واللهُ والعلمُ حقيقتان أراهما كل يوم بعينىّ «المبصرتين»؟!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عينى ترى لا شىءَ اسمُه «العمى» عينى ترى لا شىءَ اسمُه «العمى»



GMT 01:59 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريشته وتوقيعه

GMT 01:56 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

قرارات بشار الغريبة

GMT 01:53 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

... تصنيف «الإخوان» مرة أخرى

GMT 01:50 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

مرحلة الازدواج الانتقالي ودور أميركا المطلوب

GMT 01:46 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والعراق... والصعود الإسرائيلي

GMT 01:39 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

رسالة الرئيس بوتين إلى أوروبا

GMT 01:35 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميزانية بريطانيا: حقيقية أم «فبركة»؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt