توقيت القاهرة المحلي 01:59:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -
عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية
أخبار عاجلة

تخيلى أنهم عاشوا دون تباعد؟

  مصر اليوم -

تخيلى أنهم عاشوا دون تباعد

بقلم :تمارا الرفاعي

يقال إن العينين مرآة الروح. يقال إن فى العيون سحرا وكلاما. يقال يبدو أن ثمة حوارات كاملة بالنظرات لا يتخللها الكلام. فى عالم الكورونا، أنا محاطة بعيون تعكس القلق، تظهر من فوق أقنعة تخفى الأنوف والأفواه. هكذا وخلال شهور قليلة، اختفت الابتسامات، تم حذفها من قاموس التعبير، غابت الأنوف خلف الستار وأخذت معها القدرة على الإحساس بالأشياء قبل رؤيتها. خلال شهور قليلة لم تعد حاستى الشم والتذوق من الحواس الأساسية فى الحياة اليومية.
***
ضحكت مرة حين قالت صديقتى إنها بحاجة إلى النظارة حتى تسمع ما أقول، فهى تسمعنى وتنظر أيضا إلى وجهى لتقرأ شعورى من خلال تعابيرى التى تتغير مع مسار القصة التى أحكيها. هى بحاجة لرؤية كلماتى وهى تخرج من فمى فتقرأ الشفاة حين يتعذر عليها أن تسمع كلمة تهرب منى بسرعة فلا تلتقطها.
***
بكيت مرارا بسبب رائحة وصلتنى دون استئذان ففتحت فى قلبى طاقة من الحنين إلى خباز الحارة أو ليالى الصيف البعيد، يشعر أنفى بالشىء قبل أن أراه ويرسل رسائل فورية إلى قلبى فترانى أتحول قبل أن أفهم شعورا يجتاحنى لكنى سرعان ما أرى السبب، يكون أنفى قد التقطه قبل عينى.
***
القناع يمنع عنى حاستين، يجبرنى على إرهاق عينى، يأخذ منى متعة المشى خلف رائحة أعرف أنها تسحبنى نحو الطفولة ومطبخ قديم. القناع يمنعنى من قراءة من أمامى، إذ لا يكفينى سحر العيون ولا مرآة روحها. يخيفنى التلثم ويزعجنى أننى قد أخطئ فى قراءة من أمامى حتى إن نظرت فى العينين. أحاول أن أبتسم من خلف القناع لكنى لا أعرف إن التقط من بقربى محاولتى بالتودد.
***
يزعجنى هذا العالم الذى بات بينى وبينه قناع وقفازان، العالم الذى صرت أستغرب فيه أشياء كانت تلقائية. تربكنى المسافة التى أتركها بينى وبين من حولى، ويربكنى التباعد الذى أصبح قاعدة فى الأماكن العامة بعد حياة كاملة أمضيتها أبحث عن بعض المسافة. أتخيل موقفا قد يعيشه أولادى بعد سنوات كثيرة حين يبحثون فى بيتى عن شىء فيعثرون على ملفات صور التقطتها فى طفولتهم. يستغرب أولادى من جلوسى بين أصدقاء وصديقات على كنبة فى مناسبة اجتماعية كبيرة. لا يفهمون أصلا كيف اجتمع عدد كهذا من الناس فى إطار واحد. أتخيلهم يكبرون مع مفهوم التباعد الجسدى والاجتماعى ثم يرون دليلا على أننى عشت حياة مختلفة لا يعرفونها، حياة تشاركت فيها الطعام مع أصدقاء بمناسبة ودون مناسبة، اجتمعنا فى الأفراح وفى الأحزان. كيف لا، فما أنا دون من أحب من حولى، أستمع لقصص الناس وأعلق، أمد يدى إلى طبق لأذوق ما فيه وأعطى الباقى لمن يجلس بقربى؟
***
سوف تستغرب الأجيال القادمة استهتارنا بصحتنا وسوف يذكرون من بقى منا على قيد الحياة بمواقف شهدوها عن لقاءات جماعية ومناسبات احتفالية، وسوف يلحقون تذكرهم للمواقف بسؤالنا «هل حقا لم تعوا حينها بخطورة ما كنتم تقومون به؟»
***
سوف أحكى لهم عن ليالٍ قضيتها فى أحاديث لا تنتهى عن السياسة والثقافة وسط مجموعات لا تنتهى من الأصدقاء. سوف أصف لهم بدقة تفاصيل تحضير حفلة استضفت فيها أكثر من عشرين شخصا بمناسبة عيد ميلاد أو الحصول على شهادة جامعية. سوف أتجاهل نظراتهم حين يسمعون أننا كنا نرص الكراسى بشكل يساعدنا أن نتشارك الحديث فى مجموعة كبيرة فنكاد أن نلصق الكراسى كلها مع بعض حتى لا تفوتنا كلمة بسبب بعدنا عمن يتحدث.
***
أما حين أحدثهم عن عدد من كان يجلس حول مائدة الطعام هذه، نعم هذه، فهى شاهدة على سنوات طويلة من الصداقات والنقاشات، فلن يستوعب أولادى فى المستقبل أننا كنا نمضى ليالى فى غرفة الطعام نناقش قضية الساعة. هناك تغيير خطير يبدو أنه يجتاح العلاقات الإنسانية بسبب القيود التى تفرضها إجراءات الوقاية من الجائحة، رغم عدم التزام الكثيرين بالإجراءات. أنا أتوقف قبل أن أدخل إلى مكان، أتساءل إن كنت سأمد يدى أم لا للمصافحة، هل سوف أقف على مسافة من أمى وأبى حين أراهما أخيرا بعد شهور من الشوق تفاديا لتعريضها إلى خطر صحى؟ وماذا عن أولادى حين يقومون بزيارتى بعد سنوات طويلة، فى عالم لا تلامس فيه، هل ستجلس ابنتى على كنبة أمامى دون أن تلتصق بى كما تفعل الآن؟ حين أذكرها أنها كانت تختبئ تحت ثوبى حتى تتأكد أننى لن أغادر البيت هل ستصدقنى؟ أراها من تحت القناع تمعن النظر بى، أمها المتقدمة بالسن، وتستمع إلى قصص أحكيها عن حياة عشتها قبل التباعد وقبل الأقنعة. سوف تخرج ابنتى من الزيارة وهى تعدل القناع على وجهها ثم تتصل بإحدى صديقاتها وتقول «اليوم حكت لى أمى عن طريقة حياة لا أفهم كيف عاشها جيلها دون تفكير. تخيلى أنها كانت تقيم دعوات للعشاء فى بيتنا تضم أكثر من عشرين شخصا؟ تخيلى أنهم عاشوا دون تباعد؟»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تخيلى أنهم عاشوا دون تباعد تخيلى أنهم عاشوا دون تباعد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt