توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة في المشهد الليبي المأزوم

  مصر اليوم -

قراءة في المشهد الليبي المأزوم

بقلم: جبريل العبيدي

هل تصلح دبلوماسية الأساطيل للمشهد الليبي الذي أفسدته النخب السياسية وأصبح مأزوماً داخلياً بشخوص تحركها أيدٍ خارجية؟ وهو الأمر الذي يعد حقيقة رغم القفز عليه في جميع محاولات الأمم المتحدة للحل في ليبيا، إلا أن الواقع السياسي يؤكد أن الأزمة في ليبيا هي في أصلها خلاف دولي قبل أن يكون خلاف فرقاء ليبيين يمكن جمعهم في جلسة واحدة بعيداً عن الوكلاء الخارجيين الذين فشلوا في خريطة برلين، حيث اللقاءات خلال مؤتمري برلين عامي 2020 و2021.

ولهذا ظهرت فكرة إحياء خريطة الطريق في «برلين واحد» و«برلين اثنين»، ولكنها فشلت في جمع المتصارعين على الكعكة الليبية، حيث أبدت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه ترحيبها بالفكرة، مع تأكيدها على ضرورة تطوير الخريطة بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة في المنطقة، بمعنى آخر مراعاة التحالفات الجديدة، وتشكُّل خريطة سياسية جديدة بعد مضي سنوات على خريطة برلين حول الكعكة الليبية المتنازع عليها.

التحركات الأميركية الأخيرة ليست الوحيدة في المشهد الليبي، فقد أعلن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس أن «الإدارة الأميركية تعمل على تطوير رؤية متكاملة لحل الأزمة الليبية، تستند إلى مقاربة عملية ومتوازنة تهدف إلى استعادة الاستقرار السياسي والأمني في البلاد». وأكد بولس أن «الجمود الحالي لا يمكن أن يستمر، وأن الإدارة الأميركية حريصة على دعم استقرار ليبيا بما يخدم مصلحة شعبها».

جدية الولايات المتحدة للحل في ليبيا، تحكم عليها المخرجات؛ لأنه سبق أن تحدثت الإدارة الأميركية عن خطة استراتيجية للحل، ولكنها سرعان ما تبخرت، حيث قال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند إن «الاستراتيجية العشرية الجديدة تعتمد على الشراكات البناءة والبرامج المجتمعية التي تدعم تطلع الشعب الليبي إلى الاستقرار والمساءلة والحوكمة»، ولكن يومها سمعنا جعجعة ولم نرَ طحيناً، وبالتالي سيكون الحكم على جدية المبادرة وخريطة الطريق الأميركية من خلال المُخرجات والنتائج على الأرض، وليس تصريحات السفراء والمبعوثين حتى وإن كانت على ظهر الأساطيل العسكرية.

الكل أدرك أن الركود السياسي الحادث لن يقود البلاد إلا للانقسام بصورة كاملة، وهو ما قد يمتد إلى البرلمان أيضاً، فليبيا من ضمن ضحايا فوضى «الربيع العربي»، ولكن أزمتها طالت وتطاولت لدرجة التهديد بالانقسام الجغرافي للبلاد وليس فقط الانقسام السياسي، في ظل حلول مختلفة وجميعها تساوي بين الجلاد والضحية، ولا تخدم سوى استمرار التشظي والحديث عن تقسيم ليبيا لـ7 مناطق عسكرية، واستحداث مجلس عسكري يحكم ليبيا برعاية قوى عظمى منها الولايات المتحدة الأميركية، ضمن خطة إدارة ترمب لتسوية الأزمة الليبية بمشاركة طرفي الصراع بشرق وغرب ليبيا، ولعل استقبال البارجة الأميركية في ميناء طرابلس وميناء بنغازي يؤكد رؤية الحل، وكان الحديث على ظهر البوارج والأساطيل الأميركية على دمج بعض القوى في القيادة العامة، مع قوى نظامية في المنطقة الغربية، ضمن رؤية الحل في ليبيا ليس سياسياً فقط، بل يجب أن يكون عسكرياً وأمنياً، ولكن الخلاف حول رغبة الأطراف في غرب ليبيا استحداث منطقة عسكرية ثامنة، لأنه حالياً هناك 4 مناطق عسكرية للقيادة العامة و3 مناطق لحكومة الوحدة منتهية الولاية، ولهذا تريد خلق توازن في عدد المناطق العسكرية.

تيار الإسلام السياسي هو الطرف الوحيد الرافض للتوافقات شرقاً وغرباً، ويرفض حتى المصالحة، بل ويقرع طبول الحرب من حين لآخر. أزمة ليبيا أنها دولة من دون رئيس، وتحتاج رئيساً للدولة، في ظل تنافس الدور الإقليمي للاستحواذ على الكعكة الليبية، فتركيا لا تريد الخروج من المشهد الليبي خاسرة، وهي تجري محادثات مع المخابرات الأميركية والروسية بشأن الوضع في البلاد، للحصول على أكبر دور من النفوذ في ليبيا المقبلة.

الملف الليبي بالنسبة لتركيا بوصفها متدخلاً إقليمياً بقوى عسكرية غير قانونية يأتي في المرتبة الثانية بعد الملف السوري، وأحياناً تستخدمه تركيا ورقة تفاوض في ملفات أخرى منها سوريا والبلقان، وبالتالي على حلفاء تركيا ووكلائها في ليبيا معرفة أن تركيا لا تدعمهم بالمطلق بصك مفتوح، بل هم مجرد ورقة يمكن رميها في أي لحظة على طاولة الرهان السياسية، لذلك يجب أن تكون هناك مبادرة ليبية - ليبية داخلية للحل، حتى يُجبر المجتمع الدولي للاستماع إليها، وإلا سنبقى جميعاً رهائن طاولة الرهان السياسية بين اللاعبين الدوليين في الأزمة الليبية.

بعض القوى الفاعلة في المشهد الليبي يحاولون الآن تطبيق فكرة استحداث مجلس عسكري مدني يحكم ليبيا، وهو ما تركز الحديث عنه على ظهر البوارج الأميركية التي رست في طرابلس وبنغازي توالياً.

الواقعية السياسية تؤكد أن الحل بليبيا أمني بالدرجة الأولى، ويكمن في تمكين الجيش الوطني الليبي من استعادة الدولة أولاً، والشروع في انتخابات برلمانية رئاسية بإشراف مباشر من الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في المشهد الليبي المأزوم قراءة في المشهد الليبي المأزوم



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt