توقيت القاهرة المحلي 08:38:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صوت الجماهير

  مصر اليوم -

صوت الجماهير

بقلم: داليا شمس

تفرحني ضحكة الجمهور من حولي، لكن أحاول أن أفهم سببها. طبعا الأذواق تختلف وتحترم، لكن العجيب أنه لا أحد يتوقف لدراستها. لا أحد يحلل صعود أسماء بذاتها أو ظواهر كوميدية بعينها رغم فجاجتها أحيانا. الفنون وعلى رأسها المسرح، بحكم طبيعته التفاعلية المباشرة وعراقته وشكله الذي ارتبط بالحلبة السياسية، توصف دائما بأنها مرآة المجتمع، أليس لديكم فضولا لمعرفة ما حدث من خلال متابعتها؟
ليس من باب التعالي لكن رغبة في الفهم، ربما أيضا بدافع الملل من أن أظل الوحيدة أو من القلائل الذين لا يضحكون في القاعة، بل يتأففون من طول العرض وعدم إشباعه للمتعة بداخلي. لماذا يهلل الناس لشيء ما، ويقبلون عليه لأشهر، ثم تذهب لرؤيته فتصاب بخيبة الأمل؟
***
أسعار بعض التذاكر التي تتراوح بين الألف والألفي جنيه للتذكرة الواحدة، وتعلن العروض كامل العدد أو تنفذ الأماكن فور فتح باب الحجز، رغم أن العرض مسرحي كلاسيكي أو أن الحفلات الغنائية مكررة لا تحمل جديدا، فقط لأنها تشمل بعض الأسماء الكبرى والرنانة.. أليست جديرة بأن تستوقفنا؟ هل يضحك الناس لأنهم قرروا الخروج والانبساط؟ هل لأن الضحك "عدوى"؟ هل لأنهم بحاجة ماسة إليه؟ هل لأن لم ينسجم من العرض يفضل ألا يجاهر برأيه فيخالف القطيع؟ هل هناك طبقة تسعى فقط إلى أن تتفاخر بأنها كانت بالأمس في حفلة فلان أو حضرت المسرحية الفلانية فتتظاهر بالثقافة وتعلن أنها كانت في قلب الحدث؟ هل هناك جماهير مختلفة تتكون على أطراف العاصمة القاهرة سواء في العشوائيات أو في الكومباوند، وهي تفرض أجندتها حاليا وتؤكد وجودها؟ هل انتهت في مصر فكرة الفن الذي يسعى لتغيير رؤية الفرد للعالم من حوله وتحفيزه على التفكير واكتشاف الجديد؟ هل الجهات التي تمولها الدولة صارت أدوارها لا تختلف كثيرا عن أخرى تجارية بحتة؟ ما تأثير عصر الرقمنة على جماهير المنتج الثقافي؟ كيف غيرت وسائل التواصل الاجتماعي في تركيبة جمهور فنان بعينه فلم يعد قاصرا على أوساط المثقفين؟ وكيف تفرز الميديا الجديدة فنانين مختلفين؟
***
الأسئلة تتدافع إلى ذهني، ولكي أصل لأجوبة شافية أحتاج إلى أرقام وإحصائيات توفر بعض المؤشرات والمعطيات، وهي لا توجد بشكل مرضي في مصر والعالم العربي. في حين منذ أوائل القرن الماضي وعلماء الاجتماع في الغرب يعكفون على تحليل الممارسات الثقافية للجماهير وصار هناك منذ فترة ليست بالقصيرة ما يسمى بدراسات التلقي ودراسات الاستهلاك الثقافي، ونحن عن هذا وذاك غائبون. ومنذ بداية الألفية الثانية حاول الباحثون، أيضا في الغرب، أن يجيبوا على التساؤلات الخاصة بتغير أنماط الاستهلاك الثقافي في ظل جلوس الأفراد لفترات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر، ورأوا أنه في مكان ما لم يؤثر سلبا على وتيرة تردد الجماهير على أماكن الترفيه التقليدية كالمسرح والسينما، فهو لم يستقطع من وقتها.
وبالطبع عندما نسعى لرسم بورتريه للجماهير الحالية، لا يتم ذلك بمعزل عن طبيعة الأماكن التي يترددون عليها والمنتج الذي يجتمعون حوله. أيضا تهتم دراسات التلقي بردود الأفعال المتباينة تجاه العمل الواحد وما الذي تصنعه بها الجماهير المختلفة؟ ففي بعض الأحيان يحولها الجمهور عن مسارها، وتكون المفاجآت. الدراسات المعمقة للجماهير وتاريخها وتطورها تمكننا من سماع صوتها وتسمح بوجود بنية ثقافية حقيقية ورسم سياسات واضحة في هذا المجال، كما في غيره أيضا. لطيف أن يدرس طلبة علوم الاجتماع والإعلام نشأة المسرح والصحافة على أيدي الشوام، ويقارنون البيئات المختلفة، لكن من المهم أيضا تحليل الظواهر الحالية بعمق، في محاولة للفهم. لأننا مثلا لو حاولنا في مصر تطبيق مقولات سائدة مفادها أن التقدم الذي طال أثينا قديما، والتخلف الذي طال إسبرطة، كان بفعل الحضور الواسع للمسرح الأثيني، فضلا عن بقية الأعمال الفنية والأدبية التي برع فيها الأثينيون، ستكون النتيجة كارثة مدوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت الجماهير صوت الجماهير



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt