توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تكون الإبادة «تعليمية»!

  مصر اليوم -

حين تكون الإبادة «تعليمية»

بقلم:منار الشوربجي

الجمعية الأمريكية للتاريخ قامت، فى اجتماع العمل الذى انعقد أثناء مؤتمرها السنوى، بالتصويت بأغلبية كاسحة لتبنى مشروع قرار يدين «الإبادة التعليمية» التى ترتكبها إسرائيل فى غزة.

فحرب الإبادة الجماعية الدائرة منذ أكثر من عام فى غزة ليست فقط إبادة للبشر وإنما إبادة لكل ملامح الحياة ومتطلباتها الأساسية، فالذى ينجو من الموت بالقصف المباشر وتحت الأنقاض، يواجه الموت عبر إبادة عمدية للنظام الصحى بقصف المستشفيات وقتل الأطقم الطبية واعتقال أفرادها، والذى ينجو من هذا وذاك، ينتظره فقدان للذاكرة التاريخية ومحو للحضارة والثقافة.. ينتظره مستقبل تُبيده إسرائيل بإبادة النظام التعليمى، عبر القصف العمدى للمدارس والجامعات والمكتبات والمتاحف.

والجمعية الأمريكية للتاريخ أقدم الجمعيات الأكاديمية بالولايات المتحدة، فهى نشأت فى نهاية القرن التاسع عشر، وتضم ما يقرب من ١١ ألفًا من المؤرخين والأكاديميين المتخصصين فى التاريخ. وقد تبنت الجمعية بواقع ٤٢٨: ٨٨ صوتًا مشروع قرار يدين الحملة المنظمة التى تقوم بها إسرائيل لإبادة النظام التعليمى فى غزة. والقرار ذكر فى حيثياته تعريفًا محددًا «لإبادة النظام التعليمى»، إذ يقع فى القلب منه تعمد الإبادة. ووُثق القرار بالأرقام، ما يجعل ما ترتكبه إسرائيل «إبادة تعليمية»، فهو وثق مثلًا «اغتيال ٢٦١ مدرسًا و٩٥ أكاديميًّا»، وتدمير «أكثر من ٨٠٪ من مدارس غزة، ما حرم أكثر من ٦٢٥ ألف طفل من التعليم». وذكر قيام الجيش الإسرائيلى «بتدمير ١٢ جامعة»، فضلًا عن أنه لم يترك متحفًا ولا مكتبة ولا مركزًا ثقافيًّا ولا دارًا للوثائق والأرشيف إلا وقصفه. كما دمر «أكثر من ١٩٥ موقعًا تاريخيًّا»، الأمر الذى يصعب معه «تدريس التاريخ الفلسطينى». ولم ينسَ القرار فى حيثياته أن يذكر دور الحكومة الأمريكية فى «توفير السلاح الذى ارتُكبت به الإبادة التعليمية». باختصار، محو الذاكرة الجمعية الفلسطينية وتفشى الجهل هدف إسرائيل.
وبناء على ما تقدم، نص مشروع القرار على أن الجمعية الأمريكية التاريخية، «التى تدعم حق كل الشعوب فى تدريس التاريخ وتعلّمه، تدين تقويض العنف الإسرائيلى فى غزة لهذا الحق». غير أن الأهم من ذلك أن القرار، بعد أن طالب بالوقف الفورى لإطلاق النار، أعلن تشكيل الجمعية لجنة يُناط بها «مد يد العون لإعادة تشييد البنية التحتية للنظام التعليمى فى غزة».

والحقيقة أن مشروع القرار يمثل نقطة تحول مهمة فى تاريخ الجمعية، فهى اتسمت خلال أغلب مراحل تاريخها بطابع محافظ، خصوصًا فى رؤيتها لدورها، فطالما اعتبرت نفسها ذات طابع أكاديمى ضيق وبعيدة عن اتخاذ مواقف «سياسية»، حتى إنها رفضت إدانة حرب فيتنام. لكن الجمعية راحت تبتعد تدريجيًّا عن تلك النظرة الضيقة، إذ صار أعضاؤها على قناعة بالتأثير السلبى للأحداث الداخلية الأمريكية والدولية على قدرتهم على إجراء بحوثهم، بل ما تمثله من خطورة على حياة الأكاديميين أنفسهم. وقد كان غزو العراق عام ٢٠٠٣ الانطلاقة الأولى فى تغيير مسار الجمعية، إذ أدانت الجمعية الغزو وما تبعه من جرائم ارتُكبت فى العراق.

ووفق دستور الجمعية، صار مشروع القرار الآن أمام مجلسها التنفيذى ليتخذ قراره إما بالموافقة أو استخدام الفيتو أو طرح الموضوع للتصويت بالجمعية العمومية. وقد بدأ المجلس بالفعل «حوارًا عميقًا ويتسم بالحيوية»، كما يقول الموقع الرسمى الجمعية. ورغم أنه يصعب على ذلك المجلس استخدام الفيتو على مشروع قرار حظى بذلك التأييد الكاسح، فإن مصير المشروع لا يزال غامضًا. لكن أيًّا كانت النتيجة، يظل المشروع حلقة فى سلسلة التحولات الكبرى داخل أمريكا بخصوص فلسطين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تكون الإبادة «تعليمية» حين تكون الإبادة «تعليمية»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt