توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من يقاوم «ترامب»؟!

  مصر اليوم -

من يقاوم «ترامب»

بقلم:منار الشوربجي

فى شهرين فقط، تخطى ترامب السقف الدستورى والقانونى المسموح به، دون تفويض شعبى ودون مقاومة تُذكر. ففوز ترامب لم يكن كاسحًا ليمثل تفويضًا شعبيًا. بل إن الكثيرين ممن منحوه أصواتهم فعلوا ليس لأنهم يوافقون بالضرورة على برنامجه وإنما بسبب إحباطهم المتكرر من تجاهل الديمقراطيين لمطالبهم. الديمقراطيون، إذن، شركاء فى المسؤولية عن الأزمة المستحكمة التى تعيشها أمريكا اليوم، ولن يكونوا الحل.

ورغم أن ترامب، الملياردير، خاطب بالأساس الطبقة العمالية البيضاء، فإنه لم يُعبّر يومًا عن مصالحها، وسياساته خير دليل. فهى تعبر عن مصلحة الشركات العملاقة فى تقويض كل القواعد والقيود الحكومية على حركتها، بما فيها القيود على الاحتجاجات ضدها. لذلك ليس مستغربًا أن يكون إيلون ماسك، أغنى رجل فى العالم، هو المسؤول بنفسه عن تقويض دور الحكومة الفيدرالية، لأنها التى تفرض القواعد المتعلقة بالبيئة وحقوق العمال ومعايير التوظيف التى تضمن عدم التمييز وتحقق الحد الأدنى من الحماية للقطاعات الأضعف فى المجتمع. واستخدام القسوة فى التعامل مع أنصار فلسطين، بما فى ذلك الطرد من الوظائف والجامعات، والوحشية فى التعامل مع المهاجرين، بما فى ذلك الترحيل لسجون سيئة السمعة، يحققان هدفين معًا، أى إنقاذ ما تبقى من الإمبراطورية وأذرعها وردع كل من تسول له نفسه استخدام الحريات الدستورية لحماية الحقوق المدنية والاجتماعية. ورغم أن كل تلك الإجراءات تمثل انتهاكات صارخة للدستور والقانون الأمريكى، فإن الهدف هو ضبط ذلك الانتهاك نفسه، أى القضاء على الردع. وهو السبب ذاته فى دعم إسرائيل اللا محدود وسط إبادة جماعية يجرمها القانون الدولى. فهو يقوض الردع عبر القانون الدولى أو المؤسسات الدولية، بما فيها بالمناسبة منظمة التجارة العالمية الغائبة بالمطلق عن الحرب التجارية التى فرضها ترامب على العالم.

والديمقراطيون لا يمكنهم الوقوف فى وجه ترامب لأسباب جوهرية، أهمها على الإطلاق أنهم ضالعون فى تبنى السياسات نفسها داخليًا وخارجيًا. ولأن الديمقراطيين باتوا يعتمدون على أموال الشركات الكبرى لتمويل حملاتهم الانتخابية فقد صاروا يتبنون سياسات النيوليبرالية الاقتصادية نفسها التى يتبناها الجمهوريون، بما تعنيه من اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وحماية الشركات الكبرى على حساب القطاعات التى ظلت تقليديًا القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطى. لذلك لم يكن مستغربًا أن يقدم الديمقراطيون لترامب الأصوات التى كان يستحيل دونها تمرير مشروعه للميزانية، الذى يمثل إضرارًا جسيمًا بمصالح تلك القطاعات. والحزب الديمقراطى، الذى باتت قياداته تتبنى السياسات الإمبراطورية ذاتها وتقمع جناح اليسار التقدمى بالحزب، لم يعد بإمكانه أن يتحدى ترامب حين يجعل تلك السياسات أكثر وقاحة وتوحشًا. الأخطر من ذلك أن الديمقراطيين لم يقوموا أبدًا طوال أربعة عقود حين كانوا بالسلطة فى الرئاسة والكونجرس بالإصلاحات الجوهرية التى تحمى ضد توحش الرأسمالية ودور المال فى السياسة، واللذين باتا، مع إيلون ماسك، يلتهمان صنع القرار السياسى ذاته. ولم يضعوا أبدًا الكوابح الضرورية للسيطرة على التوسع المطرد للرئاسة على حساب الكونجرس والقضاء.

والتغيير الجوهرى بأمريكا، طوال تاريخها، لم يكن أبدًا فوريًا، ولا كان يأتى من داخل المؤسسات السياسية وإنما من الحركات الاجتماعية، من حركتى العمال والحقوق المدنية، ومرورًا بالحركات المناهضة للحروب والحركة النسوية وحركة احتلوا «وول ستريت» ووصولًا لحركتى حياة السود مهمة ودعم غزة. ومن هنا، فإن السؤال الأهم اليوم هو ما إذا كانت كل تلك الحركات، وغيرها الكثير، قادرة على التنسيق وتنظيم صفوفها لمواجهة الخطر الداهم الذى يهدد الديمقراطية ومقدرات الغالبية الساحقة من الأمريكيين؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يقاوم «ترامب» من يقاوم «ترامب»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt