توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة.. من العام إلى الشخصي!

  مصر اليوم -

غزة من العام إلى الشخصي

بقلم:منار الشوربجي

كريستيان سمولز، المواطن الأمريكى الأسود، من القيادات العمالية البارزة. فهو الذى أنشأ اتحاد عمال شركة أمازون وقاد به حملة ناجحة ضد الشركة صنعت تاريخًا. وسمولز كان على متن السفينة «حنظلة» مع ٢٠ ناشطًا آخر من شتى أنحاء العالم ساعين للوصول لشواطئ غزة ومعهم بعض المواد الغذائية والطبية. ومثلهم مثل زملائهم فى سفن سبقتهم، كانوا على متن «حنظلة» يدركون جيدا أنهم يخاطرون بحياتهم، لا بمجرد الاعتقال. ففى عام ٢٠١٠، اقتحمت القوات الإسرائيلية سفينة سابقة وقتلت عشرة ناشطين كانوا على متنها. ولكن تضحيتهم كان هدفها نشر الوعى بالعالم والالتفاف حول الإعلام الغربى المتواطئ.

وسمولز كان الوحيد على متن السفينة من أصحاب البشرة السوداء، فنكلت به إسرائيل مثلما لم تنكل بزملائه، من الحبس الانفرادى والتجريد من الملابس. ثم ضربوه ضربا مبرحًا وسعوا لخنقه لمنعه من التنفس، تمامًا كما فعلت الشرطة الأمريكية بجورج فلويد الذى فجر قتله حركة «حياة السود مهمة».

والحقيقة أن قصة سمولز تنطوى على دلالات بالغة الأهمية. أولاها أنها فضحت أمام العالم عنصرية إسرائيل التى طالما سعت الآلة الدعائية لإخفائها. وهى عنصرية ليست جديدة ولا تمارس فقط ضد الفلسطينيين. فإسرائيل تمارسها ضد داكنى البشرة حتى من اليهود. فالإثيوبيون الذين هاجروا لإسرائيل أُخضعوا لعمليات تصيبهم عمدا بالعقم، ويتعرضون للفصل العنصرى والتمييز فى السكن والرعاية الصحية وبالمدارس والتوظيف. وطالبو اللجوء من اليهود الأفارقة يتم إيداعهم السجون ومراكز الاعتقال.

وثانى تلك الدلالات المهمة كان ما أشرت له الأسبوع الماضى، من تضامن حركات اجتماعية ذات أهداف مغايرة مع حركة مناصرة فلسطين. وها هو اتحاد عمال أمازون ينخرط فى مناصرة غزة. وسمولز من خلال اتحاده يقود حملة أخرى لإلغاء ما يسمى «بمشروع نيمبز» وهو عقد أبرمته أمازون مع الجيش الإسرائيلى يوفر بشكل مباشر أجهزة للتتبع والتنصت فضلا عن المعدات التى تُمكّن إسرائيل من الاستمرار فى سياسات الأبارتايد وطرد الفلسطينيين من أرضهم.

أما ثالث تلك الدلالات، فهى أن «حنظلة» كان على متنها لأول مرة سبعة أمريكيين من خلفيات متباينة. لكن حين اعتقلت إسرائيل أولئك المواطنين الأمريكيين وقادتهم لسجون غير آدمية، ران الصمت المطبق على السلطات الأمريكية. وفى حالة سمولز تحديدًا، كانت العنصرية الأمريكية هى العنوان. فلا الإدارة الأمريكية نطقت بحرف ولا سمعنا صوتا فى الكونجرس، باستثناء سامر لى، عضو مجلس النواب التقدمية السوداء، والتى يعمل لوبى إسرائيل جاهدا بالمناسبة ومنذ فترة لهزيمَتِها فى الانتخابات القادمة، مثلما فعل مع غيرها من مناصرى غزة. ولم يكن مستغربا أن السفارة الأمريكية لم ترسل من يستقبل سمولز لحظة الإفراج عنه، إذ وجد نفسه وحيدا على شواطئ الأردن فساعده فلسطينيون للاتصال بمنظمى «حنظلة»!

لكن كلمات سمولز كانت تكشف عما هو أهم. ففى عبارات قليلة قال ما هو أكثر بلاغة من الخطب العصماء. فبينما يدرك أن المساعدات التى حملوها على متن السفينة مجرد قطرة فى بحر ما تحتاجه غزة، قال سمولز «ولكنها رسالة.. فنحن نريد أن نطعمهم الأمل».

غير أن الأهم على الإطلاق فى القصة برمتها هو أنه حين سئل عن السبب وراء إقدامه على تلك المخاطرة بحياته، قال سمولز «أنا أب وأعشق أطفالى عشقا، ولا أريدهم أن يحيوا فى عالم كهذا. وكمواطن أمريكى نعم أخاطر بحياتى ولكن القضية ليست حنظلة ونحن وإنما القضية أهل غزة. القضية هى فلسطين. لقد طفح الكيل». باختصار، فلسطين صارت قضية شخصية، لا فقط قضية عامة عند الملايين حول العالم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة من العام إلى الشخصي غزة من العام إلى الشخصي



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt