توقيت القاهرة المحلي 08:24:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لو أن «مالكولم إكس» في غزة!

  مصر اليوم -

لو أن «مالكولم إكس» في غزة

بقلم:منار الشوربجي

الشهر الماضى، حلت الذكرى المئوية لميلاد «مالكولم إكس». ورغم حياته القصيرة، إذ اغتيل وعمره ٣٩ عامًا، إلا أن تأثيره لايزال طاغيًا حتى اليوم، ليس فقط فى بلاده وإنما حول العالم.

والحقيقة أننى كثيرًا ما سُئلت عن السبب الذى يجعلنى أمنح كل هذا الاهتمام لمالكولم إكس. ولا أخفى عن القارئ الكريم أننى بالفعل، منذ أن أخذت على عاتقى دراسة الولايات المتحدة، السياسة والمجتمع، لم أكف يومًا عن قراءة كل ما يقع تحت يدى عن إرث الرجل الفكرى والسياسى. والسبب هو نفسه الذى يجعل تأثيره طاغيًا حتى اليوم. فالمسألة لا تتعلق بالسياسة بقدر ما تتعلق بأنه مصدر إلهام حقيقى ليس لى فقط، على المستوى الشخصى والفكرى، وإنما لأجيال متعاقبة كثيرة حول العالم سياسيًا وفكريًا. والدروس الحياتية التى يتعلمها المرء من حياته وتاريخه وتطوره الفكرى ملهمة على مستويات عدة وليست كلها بالضرورة سياسية.

ولعل الدرس الأول يهم الأجيال الناشئة كما يهم الباحثين. فنقطة البدء فى حياتك لا تعنى بالمرة أن مصيرك بات محتومًا. فبيدك أن تغير مستقبلك للأفضل لو توفرت لديك الإرادة والعزيمة. فبسبب العنصرية قتلوا والده، رجل الدين المسيحى، ومزقوا جسده نصفين. ووقعت الأسرة فى براثن الفقر والقهر الاجتماعى. وبسبب العنصرية، ترك مالكولم المدرسة صغيرًا رغم تفوقه، وانخرط فى عالم الجريمة والمخدرات حتى عوقب بالسجن سبع سنوات. لكن مالكولم علّم نفسه بنفسه فى السجن بدءًا بتعلم اللغة الإنجليزية نفسها، ووصولًا للعلوم والآداب. فكنت تسمعه يتحدث فتتصور أنه خريج أرقى الجامعات. وفى السجن، اعتنق مالكولم الإسلام، كما كان يعلمه «إيلايجاه محمد» لأتباعه فى جمعية «أمة الإسلام» حتى صار الذراع اليمنى للرجل. ثم زار الأزهر وأدى فريضة الحج، فتغيرت أفكاره واعتنق الإسلام على مذهب السنة، وغيّر اسمه ليصبح «الحاج مالك شاباز». أما الدرس الثانى فهو قيمة الاعتماد على الذات والثقة بها، دون غرور. وهو ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالدرس الثالث، وهو أن التعليم عملية مستمرة لا تتوقف إلا بموت الإنسان. فكلما تعلم المرء أدرك أنه يجهل الكثير، وذلك الإدراك ذاته يدفع للتواضع. فالتطور الفكرى والسياسى لمالكولم إكس كان نتيجة تعليم نفسه وتثقيفها، وثقته فى قدراته، رغم شيطنته فى بلاده، بل وشجاعته فى تغيير أفكاره متى أدرك أنه كان يجهل الكثير.

وفكر مالكولم إكس تجده حاضرًا بوضوح فى حركة «حياة السود مهمة»، التى ظهرت بعد وفاته بنصف قرن. كما يظل حتى اليوم ملهمًا للكثيرين من المفكرين والمبدعين بل والفنانين من بيونسيه لموسيقى الراب.

ومالكولم إكس كان من أهم أنصار القضية الفلسطينية. فهو حين زار القاهرة عام ١٩٦٤ والتقى عبدالناصر، قابل أيضًا بعض مؤسسى منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد زيارته للقاهرة زار غزة، والتقى بأهلها وتحاور معهم. وهى الزيارة التى دفعته لكتابة مقال لصحيفة «الإيجيبشيان جازيت» المصرية نُشر فى ١٧ سبتمبر ١٩٦٤ بعنوان «المنطق الصهيونى». وفى المقال، فند المنطق الصهيونى ووصف الصهيونية بأنها «نوع جديد من الاستعمار» هدفه تقسيم العالم العربى، «وغرس بذور الفتنة بين الزعماء الأفارقة، والخلافات بين الأفارقة والآسيويين». ولم يخف مالكولم أن الحج وزيارته للأزهر ولغزة فضلًا عن زياراته لكثير من الدول الإفريقية أحدثت تغييرًا راديكاليًا فى فكره تجسد فى نشاطة السياسى حتى اغتيل بعد زيارته للقاهرة بشهور قليلة.

ولعلها مفارقة جديرة بالتأمل أن تحل مئوية مالكولم إكس وغزة تُباد بشرًا وحجرًا. والسؤال: لو كان مالكولم بيننا اليوم، تُرى ماذا كان سيقول ويفعل؟!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو أن «مالكولم إكس» في غزة لو أن «مالكولم إكس» في غزة



GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt