توقيت القاهرة المحلي 12:09:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«العظَمَة» الأمريكية التي يقصدها ترامب!

  مصر اليوم -

«العظَمَة» الأمريكية التي يقصدها ترامب

بقلم:منار الشوربجي

يظن البعض أن معاداة ترامب لما يعرف ببرامج «التعددية والمساواة والدمج» فى جوهره يستهدف بالأساس المثليين والمتحولين جنسيا. وهو ظن ليس صحيحا بالمرة. ومن يحتاج للدليل ما عليه إلا أن يتابع القصف المنظم للتعليم، والذى كان آخره إصدار أمر تنفيذى موجه للوزيرة «باتخاذ الإجراءات اللازمة لتيسير إغلاق الوزارة وإعادة صلاحيات التعليم للولايات». وكلمة «تيسير» متعمدة، بالمناسبة، لتجنب المخالفة الصريحة للدستور الذى يعطى سلطة إلغاء أى وزارة أو هيئة تنفيذية للكونجرس وحده، لا للرئيس. والقرار يأتى ضمن سلسلة من الإجراءات والقرارات التنفيذية التى تطال مؤسسات التعليم كافة من الحضانة للجامعة.

فالجامعات كلها تلقت تهديدات بوقف المنح والعقود الفيدرالية إذا لم تلتزم برغبات ترامب سواء فيما يتعلق بالحريات الأكاديمية أو معايير الالتحاق والتوظيف. وقصف الحريات الأكاديمية بدأ باعتقال مناصرى فلسطين، ثم طال غيرهم بترحيل طلاب وباحثين أو منع دخولهم البلاد لأسباب أخرى. فلم يسمح، مثلا، لباحث فرنسى بدخول أمريكا بعدما وجدوا على هاتفه رسائل ينتقد فيها ترامب! والمدارس بمراحلها المختلفة تواجه التهديد نفسه إذا لم تلتزم بمعايير جديدة للمناهج الدراسية، وأخرى للتوظيف والتحاق الطلاب. أما المناهج الدراسية، فالمطلوب أن يحذف منها أى سرد أمين للتاريخ الأمريكى بدءا بمذابح السكان الأصليين ووصولا للفصل العنصرى. أما معايير التوظيف وقبول الطلاب فى الجامعات والمدارس فهى التى تهدف لإلغاء برامج «التعددية والمساواة والدمج».

فعلى مدار عقود طويلة، ظل الهدف الأهم لليمين الأمريكى هو التراجع عن كل مكتسبات حركة الحقوق المدنية والتى منحت الحقوق المتساوية للأقليات العرقية والإثنية والدينية، ثم شملت لاحقا فئات أخرى مهمشة، كالفقراء وذوى الاحتياجات الخاصة، وسط مجتمع ظل طويلا يقوم على تقنين الفصل العنصرى ثم التمييز. وأهم تلك المكتسبات كان قانون الحقوق المدنية لعام ١٩٦٤ والذى كانت نتيجته إنشاء هيئات متعددة، فضلا عن مكتب للحقوق المدنية بكل وزارة فيدرالية مسؤوليته رقابية للتأكد من تنفيذ قانون والتحقيق فى حالات التمييز.

وهى رقابة «فيدرالية» لأن حكومات الولايات هى التى قننت تقليديا التمييز وشجعته، الأمر الذى كان يستحيل معه القضاء على الفصل العنصرى والتمييز دون تدخل فيدرالى. لذلك، لم تكن مصادفة أن يستهدف ترامب الحكومة الفيدرالية منذ اليوم الأول. فاستهدافها ليس بريئا ولا هدفه تقليص الإنفاق، وإنما لأن الحكومة الفيدرالية ظلت هى الضامن الرئيسى لحقوق الأقليات. بل إن أول المستهدفين بالإغلاق كان مكاتب «الحقوق المدنية» فى كافة الوزارات والهيئات الفيدرالية! ووزيرة التعليم حين أصدرت أمرا بإلغاء المكتب التابع لوزارتها أمرته بتحويل حالات الطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة لوزارة الصحة! لكن وزارة الصحة نفسها تخضع للمعايير الجديدة، فالباحثون بالمعهد الفيدرالى للصحة، مثلا، وللإبقاء على التمويل.

لم يعد بإمكانهم إجراء بحوث موضوعها يذكر كلمه «المرأة»، بما فى ذلك أبحاث سرطان الرحم والثدى، لأن المرأة من الفئات التى صار قانون ١٩٦٤ يحميها من التمييز! وإلغاء وزارة التعليم وإعادة الأمر «للولايات» وفق الأمر التنفيذى يعنى إطلاق يد الأخيرة فى التمييز، لأن الدور الرئيسى لوزارة التعليم «الفيدرالية» رقابى، كما تقدم، فضلا عن أنها المسؤولة عن تقديم المنح والقروض للطلاب غير القادرين من أجل استكمال تعليمهم. أما المناهج الدراسية، فالخطاب الموجه للمؤسسات التعليمية قال صراحة إن تلك المؤسسات عليها أن تتوقف عن «تسميم عقول الطلاب عبر تلقينهم زورا أن الولايات المتحدة قامت على العنصرية الهيكلية والمؤسسية»!

باختصار، أمريكا «العظيمة» التى يريد ترامب وأنصاره «العودة إليها» هى فى الحقيقة أمريكا الخمسينيات، زمن الفصل العنصرى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العظَمَة» الأمريكية التي يقصدها ترامب «العظَمَة» الأمريكية التي يقصدها ترامب



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt