توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوح.. رسالة إلى مجهول

  مصر اليوم -

بوح رسالة إلى مجهول

بقلم:جميل مطر

حلقة اليوم (الأربعاء) من الانطباعات لم أكتبها، ولا أتبناها، ومع ذلك أعترف بأننى وصاحبة الرسالة وشخصا مجهولا شركاء بمعنى أو آخر وشركاء فى مرحلة أو أخرى. استجبت، بعد تردد، لرغبة فى نشرها وأنا أعلم كم ستكون قاسية على صاحبتها الأيام القادمة. فيما يلى نص رسالتها إلى المجهول.
«هل تريد أن تعرف ما أشعر به الآن؟ اعتذرت عن العشاء عند أختى. وذهبت إلى مقهى وحدى. كعادتى. اصطحبت صديقى الوفى واللدود. اللابتوب. وكالعادة كنت الوحيدة الوحيدة...
هل تريد أن تعرف ما الذى يجول فى خاطرى فى هذه الأيام؟ أن أقص شعرى من جديد. ربما ليس إلى مستوى القصر الذى اعتدت عليه فى الماضى. لكننى أشعر برغبة شديدة فى قصه...
هل تريد أن تعرف ما هى ملابسى المفضلة منذ مدة؟ قميص البولو والشورت والحذاء الرياضى، وبالطبع حقيبة الظهر...
هل تريد أن تعرِف ما أريده فى هذه الفترة؟ ألا يلاحظ أحدٌ وجودى..
هل تريد أن تعرف لِمَ أرتدى هذه الأيام الفساتين القصيرة مع كعبٍ عالٍ بعض الشىء؟ لأرفع من معنوياتى كما علمتنى... لأرفعها من الحضيض الذى نزلتُ إليه أو أنزَلتُها إليه...
هل تريد أن تعرف لِمَ برأيى أهمل مظهرى ولا أعتنى بجسدى؟ لأننى ببساطة ربما وجدت أن شيئا لم يتغير... لم يتغير أى أمر...
صحيحٌ كما قلت إن فى وسعى أن أكون اجتماعية لأقصى الحدود عندما أرغب فى ذلك أو عندما أجد نفسى وسط مجموعة... صحيحٌ أننى لا أتردد فى التواصل مع الآخرين عندما أحتاجهم لعملٍ ما أو لأمرٍ فى معرض العمل، لكن باستثناء ذلك، لم أخرج من القوقعة التى عشت فيها لسنوات طويلة. لا زلت إلى حد كبير تلك الفتاة/المرأة المتوحشة التى كنتها لسنوات طويلة. تلك الفتاة المتقوقعة على نفسها، التى تعيش فى فقاعة لا تغادرها إلا لماما... لا أصدقاء لديها من أقرانها وقريناتها... وحيدة هى كانت وما زالت.
تجربة الأسبوع الماضى فى المستشفى كانت كفيلة بإعادة ذكريات كنت أعتقد أننى طويت صفحتها، أنها أصبحت خلفى.
لم يتغير شىء. لم يتغير شىء. الفرق الوحيد هو أننى الآن لست أحتاج أحدا على الصعيد المادى. ذلك هو الفرق الوحيد...
وجدت نفسى وحيدة وضعيفة... جسديا على الأقل. غير قادرة على النهوض بمفردى أو قضاء حاجة لوحدى.
استذكرت الماضى حينها وفكرت فى المستقبل. هكذا كنت وهكذا سأبقى على ما يبدو. أنا مع أنا... فكرت حينئذ أن أفضل ما يمكننى أن أقوم به هو أن أجنى المال وأضع ما تمكن جانبا لكى أدفع لمن يهتم بى فى شيخوختى... إن بقيت على قيد الحياة.
جُل ما كنت أحتاجه بكل جوارحى حينها أن أجد من يمسك يدى. أن يحضننى. أن يواسينى. لم أكن أتبكبك على نفسى بحسب عبارتك المفضلة.
خسرت مبيضا. أعرف أن المبيض الآخر ما زال موجودا ويمكنه أداء وظيفة الاثنين... لكننى خسرت جزءا من جسدى لم أتقبله إلا قبل ثمانى سنوات... هى سنواتٌ ثمانٍ فقط لم أمقته فيها، ولم أحمل فيها هذا الجزء من جسدى كل علل حياتى. سنوات ثمانٍ شعرت فى خلال معظمها أننى امرأة. وها قد فقدته...
استُؤصِل هذا المبيض ولم أعرف إلا قبل دقائق قليلة من ذلك أن هذا الاحتمال وارد... هل برأيك أن وجود والدتى بجانبى فى ذلك الوقت كان ليخفف من هول ما كنت أشعر به؟ لا، كما أخبرتك، كانت لتندب حظها لأن احتمال أن تُنجِب ابنتها قد اضمحل... كانت لتلومنى لأننى وضعتها فى هكذا موقف... كما فعلت من قبل... كلماتها قبل 23 عاما لا تزال عالقة فى ذهنى.. أعرفها جيدا... أعرف أنها لا تفعل ذلك عن سوء نية، لكنها كانت لتفعله... ولم تكن لتفهم ما كنت أشعر به. وربما ما من أحد آخر كان ليفهم باستثنائك...
وجدت نفسى وحيدة... بقيت لساعات بعد الجراحة دون إجابة من الممرضين والممرضات عن أسئلتى... وإن كنت فى قرارة نفسى أعرف الإجابة... أدركتها وحدى عندما استفقت من البنج... لا أذكر سوى أننى كنت أبكى. بكيت لساعات طويلة يومها. كنت أغفو وأستيقظ... ظننت أحيانا أننى أعيش كابوسا.. تلك الساعات ذكرتنى بتلك الأيام والشهور فيما مضى، عندما لم أكُن أفقه شيئا عن جسدى أو الطب وعندما كنت أعيش فى الخوف والمجهول...
مُجددا، ربما كانت من أكثر اللحظات فى حياتى التى احتجت فيها إلى من يُمسِك بيدى... وما أكثرها كانت هذه اللحظات فى حياتى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوح رسالة إلى مجهول بوح رسالة إلى مجهول



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt