توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على موعد مع الانتظار

  مصر اليوم -

على موعد مع الانتظار

بقلم: خولة مطر

بين رئيس وآخر، زعيم وآخر، مسئول وآخر، حبيب وآخر، آخر وآخر يبقى الانتظار. ربما هو طبع البشر أن يتأملوا خيرا أو أن يخافوا شرا من القادم ولكنهم فى مجمل الأوقات يبحثون عن من يطمئنهم أو يخفف عنهم أو حتى أن يجعلهم يتخطون مرحلة صعبة وكثيرا ما يكون خيارهم الوحيد هو الانتظار!!!
***
العالم اليوم فى تلك اللحظة أى لحظة الترقب والانتظار.. فى البدء كان الخوف من الفيروس وبعدها أصبح القلق من اللقاح وما بينهما مرت مياه كثيرة تحت ذاك الجسر وحده فيما العالم يتحول حوله منذ سنين بل ربما عقود..
***
وحتى لا يكون الفيروس هو مفرق اللذات ومفسد عاما بأكمله، أى 2020، الذى اتفق البشر فى كل حدب وصوب على أنه عام يريدون له الرحيل سريعا وأن يمحى من دفاتر أو كتب حياتهم.. الفيروس ليس وحده خالق لحظة الانتظار الطويلة، بل كثيرون غيره ساهموا فى خلق تلك الفترة الممتدة وكل له سببه.. بعضهم ينتظر الرئيس الأمريكى القادم، بل ربما معظمهم وهم يجمعون ويطرحون ويخمنون ويحللون ثم يلجأون إلى المنجمين الذين تربعوا على عرش اللحظة الآن.. وآخرون يترقبون بشديد من القلق أو الانبهار، ما يحدث من تقاربات و«صداقات» جديدة بل «غزل»!! وما بينهما يبقى هو، أى المواطن، فى منطقتنا يحسب حياته بعدد الدقائق والساعات التى يقف فيها عند المخبز أو محطة البنزين أو أمام مكتب المسئول «المستجد» على الوظيفة، قليل الخبرة كثير الاستعلاء ووهم المعرفة!!! وآخر يراكم الملايين، بل يصفها طبقات فوق بعض وكلما كثرت الأصفار أمام أرقام حساباتهم قالوا «هل من مزيد» أو رفعوا شعارهم الممجوج «هذا من فضل ربى».
***
وما بينهما انقرضت الطبقة الوسطى تدريجيا كحيوانات الباندا وقبلها الديناصورات حتى تصور أحدهم أن متاحف عواصمنا ستضيف قسما خاصا بين التحف والآثار يتناول تفاصيل ما كان يعرف بالطبقة الوسطى التى كانت يوما ميزان أى مجتمع وصمام أمانه..
***
الانتظار كان يقال إنه يميت اللحظة أو ربما للبعض يحييها.. بعضهم ينتظر الحياة وآخرون فى ترقب للموت وما بينهما مزيد من الانتظار..
زمان كان الانتظار ربما لحب قادم، لعشق قد يعود، لصديقة تعود بعد غياب، لمصالحة بعد خصام أو خلاف، لاكتشاف ما كان أمام الأعين ولم تره، لمكالمة لم تأتِ، ورسالة لم تكتب أو محيت قبل أن ترسل، لفرحة أو فرح!! كان الانتظار كل ذلك حتى كتب الرائع محمود درويش قصيدته الشهيرة وعنونها «فى الانتظار» وقال:
فى الانتظار، يُصيبُنى هوس برصد
الاحتمالات الكثيرة: ُربَّما نَسِيَتْ حقيبتها
الصغيرة فى القطار، فضاع عنوانى
وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها
وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف/
وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ
نحو الجنوب كى تزور الشمس، واتَّصَلَتْ
ولكن لم تجدنى فى الصباح، فقد
خرجت لأشترى غاردينيا لمسائنا وزجاجتينِ من النبيذ
وربما اختلفت مع الزوجِ القديم على
شئون الذكريات، فأقسمت ألا ترى
رجلا يُهدِّدُها بصُنع الذكريات
ويزيد فى خيالاته حتى يصل إلى: وربَّما ماتَت،
فإن الموت يعشق فجأة، مثلى،
وإن الموتَ، مثلى، لا يحبُّ الانتظار
***
أما الآن فالانتظار هو من ترامب إلى بايدن ومن الكورونا إلى لقاحها، ومن الإغلاق الكلى أو الجزئى وما بينهما، أو هل نفتح محلات الحلاقة أولا أم البارات والحانات والمطاعم؟؟ والانتظار هو أن الأعياد قادمة فنشترى الهدية من على النت أم ننتظر حتى يقرروا أن الموت قادم ربما بحمى أو ربما بأمعاء خاوية حتى الجوع!!! الانتظار بين اقتصادات تموت أو تدفن حية وأخرى تعيش على موت الآخرين!! بين من يحارب ليبقى حتى ما بعد اللقاح فربما ينجو من المجزرة الاقتصادية أو آخر ينتظر أن تفتح الحدود أو المصارف أبوابها أو ترضى بأن تعطى المودعين أموالهم بعد طول انتظار!!
***
انتظار هو واللحظة تمتد وتطول والجميع يداعب أجهزته التى أصبحت هى الصديق، والرفيق، والحبيب والزوج والمسلى أو الأراجوز حتى يأتى «الفرج» أو ربما نعتاد الانتظار حتى نمرض به أو منه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على موعد مع الانتظار على موعد مع الانتظار



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt