توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل ويتكوف الغامضة

  مصر اليوم -

رسائل ويتكوف الغامضة

بقلم - عماد الدين حسين

كيف نفهم كلام ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط فى حواره شديد الأهمية مع الإعلامى الأمريكى المعروف تاكر كارلسون؟
كلام ويتكوف متداخل ومربك وشديد الغموض حينا وشديد السفور حينًا آخر. ويمكن لكل طرف أو جماعة أو دولة أن تفسره بالطريقة التى تروق لها. بل واقتطاع كلمات وعبارات وأفكار من سياقها للتدليل على توقعات معينة فى المستقبل، وهو ما فعله بفجاجة شديدة العديد من المواقع العربية المشبوهة التى تتلقف أى عبارة من هنا أو هناك للإساءة إلى مصر بكل الطرق.
ومن الواضح أن ويتكوف يتحدث بنفس منهج رئيسه ترامب الذى يقول كل شىء وعكسه، ونتذكر أن  ترامب طالب يوم 29 يناير بتهجير كل الفلسطينيين من أرضهم فى قطاع غزة، ثم عاد قبل أسبوعين للقول: «إنه لا أحد سيطرد أحدا من غزة».
لكن خطورة كلام ويتكوف أنه يمهد بالإعلام العديد من نوايا الإدارة الأمريكية خصوصا تجاه المنطقة العربية.
وما فهمته بصفة عامة من هذا الحوار الطويل هو أن إدارة ترامب متماهية بصفة كاملة فى محاولة تطبيق الخطط والمشاريع الإسرائيلية وجوهرها تهجير أكبر قدر من الفلسطينيين من الضفة وغزة وتصفية القضية الفلسطينية وترغيب كل دولة توافق على هذا التصور ومعاقبة وتهديد أى دولة تعارضه.
هو يفترى على مصر ويكذب بقوله إن نسبة البطالة فيها تصل إلى 45٪ والخطر هنا ليس كذبه عن جهل، بل تعمده الكذب للإيحاء بأشياء أخرى. فمثلا كان يمكنه أن يطلب معدل البطالة الفعلى أو حتى النسبى من العديد من الإدارات الأمريكية أو حتى من صندوق النقد.
والدلالة التى انتبه لها كثيرون أن كلامه  دليل واضح على أن مصر رفضت كل الإغراءات والتهديدات الأمريكية والإسرائيلية بتصفية القضية الفلسطينية.
لا أحد ينكر وجود أزمة اقتصادية فى مصر، لكن مؤسسات التمويل الدولية خصوصا صندوق النقد والبنك الدوليين يتحدثان بصورة دورية عن أن مصر تسير بخطى جيدة إلى حد كبير فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، والسؤال هنا: هل نصدق ويتكوف أم هذه المؤسسات وهى تهيمن عليها أمريكا إلى حد كبير أيضا؟!
لا أحد ينكر وجود تأثيرات سلبية كثيرة للعدوان الإسرائيلى على الداخل فى غالبية الدول العربية والإسلامية، خصوصا دول الجوار، لكن ما لم يدركه ويتكوف بوضوح هو أن هذا الداخل صار يعارض السياسات الأمريكية بشكل كبير، ناهيك عن العداء الواضح للسياسات الإسرائيلية وبالتالى فإن المتضرر الأكبر من العدوان ليس فقط الحكومات والأنظمة، ولكن بالأساس أمريكا وإسرائيل.
والخلاصة هنا أن محاولات أمريكا فرض التطبيع على الدول العربية من دون حل القضية الفلسطينية لن تمر، وحتى إذا تم فرض معاهدات أو اتفاقيات فمصيرها إلى زوال. ستحاول أمريكا بكل الطرق أن تفرض التطبيع على سوريا ولبنان، لكن السؤال هو عن مدى صمود مثل هذا التطبيع القسرى شعبيا. لكن الأكثر لفتا للنظر حديثه الإيجابى جدا عن أحمد الشرع أو «أبو محمد الجولانى» بأنه تغير إلى حد كبير وصار غير معارض لإسرائيل. وهنا لا يمكن فصل كلامه عن سوريا والجولانى بكلامه عن تركيا وهى الراعى الرسمى للشرع ونظامه.
هو قال نصا: «ترامب يحظى بعلاقة خاصة جدا مع أردوغان وستكون هذه العلاقة رأس مال مهما جدا، وهناك الكثير من الأخبار الإيجابية والخير القادم من تركيا، وسوف نسمع عن ذلك فى الصحافة خلال الفترة المقبلة».
أما كلام ويتكوف عن إيران وخلاصته أنه لن يسمح لها بامتلاك سلاح نووى فهو طبيعى ومنطقى ويتماشى مع السياسة الأمريكية التى تكرره بصورة شبه يومية.
جوهر حوار ويتكوف أنه يقدم لنا رؤية السياسة الخارجية الأمريكية الخاصة بمنطقتنا، وهى لا تختلف كثيرا عن رؤية بنيامين نتنياهو وائتلافه المتطرف.
هم يريدون تطبيق المشروع الصهيونى القديم، ولكن بأسلوب مكشوف وفج وبالقوة، بعد أن حاولوا ذلك كثيرا خلال العقود الماضية.
ظنى أنه مطلوب من كل الدول العربية المعنية أن تقرأ بهدوء كلام ويتكوف والرسائل الغامضة والسافرة داخله وأن تسعى بكل الطرق إلى الاستعداد للأيام والأسابيع والشهور المقبلة، فمن الواضح أنها شديدة الصعوبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل ويتكوف الغامضة رسائل ويتكوف الغامضة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt