توقيت القاهرة المحلي 10:18:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المستعار أصيلاً

  مصر اليوم -

المستعار أصيلاً

بقلم: سمير عطا الله

عندما تقرأ في سيَر الشعراء والفنانين الكبار، تلاحظ قاسماً مشتركاً فيما بينهم، وهو أنّهم اختاروا ذلك الدرب الشائك، خلافاً لإرادة أهاليهم. كان المسرح والشِعر مهنة الفقراء والصعاليك، وغالباً ما ينتهي بأهله إلى التشرّد والفقر، فالحياة العائلية المكسورة. وحتى بعدما أصبح الفنّ مزدهراً، والشعر قابلاً للحياة العاديّة، ظلّ الأهل المحافظون، يشكّكون في عادات وأخلاق الشعراء والفنّانين. فهم من زواج إلى طلاق، ومن هجر إلى منفى، ومن بلد إلى آخر.
كان الأبّ عادة هو المتشدّد الذي يمنع ابنه من الاتجاه نحو المهنتين البائستين. كما حدث مثلاً مع والد يوسف وهبي الذي أصبح أشهر فنّاني مصر في عصره. وقد اختار الشعراء أو الفنّانون أسماء مستعارة لكي يبعدوا عن عائلتهم سمعة التهتّك. هكذا حدث مع أشهر شاعر في أميركا اللاتينية، وأحد أهمّ الشعراء في العالم. يروي بابلو نيرودا، أنّه عندما كان في الرابعة عشرة، كان والده يضطهد أي عمل أدبي يقوم به، ويحذّره دائماً من أنّه لا يريد لابنه أن يكون شاعراً على الإطلاق. ولهذا أخذ الفتى يبحث عن اسم مستعار يحتمي به. فعثر بطريق الصدفة، في إحدى المجلّات، على اسم نيرودا التشيكي دون أن يعرف عنه شيئاً. وهكذا تبنّاه وأخفى الأمر عن والده. لكنّه لن يستطيع أن يخفي هذا الاسم عن العالم أجمع فيما بعد.
كان علي أحمد سعيد يحمل القصائد التي يكتبها إلى رؤساء التحرير لنشرها. وشعر بعد فترة أنّهم عندما يرونه، لا يتكبّدون حتى قراءة ما يكتب، ففكّر أن الحلّ الوحيد هو البحث عن اسم مستعار مؤقّت يعود بعده إلى اسمه الحقيقي. لكنّ الاسم الحقيقي أصبح الاسم المستعار. وصار أدونيس معروفاً بهذا الاسم، حتى بين أصدقائه وعائلته، وعند الأديبة خالدة سعيد، التي تزوّجت ذات يوم من شابّ يُدعى علي أحمد سعيد. مَن منّا يهمّه أن يعرف الاسم الحقيقي للمتنبّي أو البحتري أو ابن الرومي، أو الجاحظ. وقد عُرف أشهر شعراء فلسطين تحت اسم «أبو سلمى»، وأصبح الاسم الأصلي هو الغريب الذي لا يريده أحد. تضمّ لائحة الأسماء «الحرَكية» في الغرب عدداً لا يُحصى. ولكلّ اسم قصّة تُروى. وأكثر هذه القصص، أنّ أصحابها كانوا أعضاء في حركات وطنية إبّان الحروب. فاتّخذوا أسماء يُعرفون بها بين الرفاق. فلمّا انتهت الحروب، كانوا - وكان أصدقاؤهم - قد نسوا الاسم الذي وُلدوا به.
بدأنا بالقول إنّ أكثر علامات الصعلكة والفشل، كانت التمثيل والشِّعر. ولعلّ أشهر فاشل في التاريخ على الإطلاق، كان شاعراً وممثّلاً معاً. كان يكتب مسرحياته بنفسه. ويكتب بعضها باسم مستعار. وعاش حياته يكافح خلف اللقمة من أجل رفع العوَز عن عائلته. لقد عرفتَه طبعاً، إنّه وليم شكسبير الذي يحلّ أوّلاً عبر التاريخ في مبيع النسخ، وأما الثاني فهو شاعر أيضاً، الإسباني سرفانتس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المستعار أصيلاً المستعار أصيلاً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات النجمة إليسا تعكس إحساسها الموسيقي

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 22:06 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مصطفى شعبان يحسم عودته للسينما بعد غياب 14 عاما
  مصر اليوم - مصطفى شعبان يحسم عودته للسينما بعد غياب 14 عاما

GMT 12:28 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:43 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

الأرصاد المصرية تكشف موعد تحسن الأحوال الجوية

GMT 12:38 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

معسكر مغلق لـ سموحة قبل مواجهة طلائع الجيش

GMT 05:32 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

تحقيق دولي يكشف عن مافيا متخصصة في صيد نمور الجاكوار

GMT 03:11 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

اتحاد اليد الجزائري متمسك بالمدرب الفرنسي بورت

GMT 23:25 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

كورونا في بريطانيا.. حصيلة الوفيات تتخطى حاجز الـ100 ألف

GMT 01:11 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

مصر تهزم بيلاروس بعد جارتها روسيا في كرة اليد

GMT 03:10 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسباب الشعور بآلام أسفل الظهر عند الجلوس

GMT 20:49 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل بسكويت الشوفان في المنزل

GMT 07:01 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

استنشاق 5 روائح يساعد في إنقاص الوزن تعرف عليها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon