توقيت القاهرة المحلي 08:36:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عام الريح

  مصر اليوم -

عام الريح

بقلم: سمير عطا الله

الغريب في هذه المهنة «أن كل شيء يتحوّل إلى أدب» كما قال غارسيا ماركيز، العائد إلى بلدته بعد غياب. وإني خجل بالاعتراف أنه منذ تحول كورونا إلى وباء، لم أعد أتابع ضحاياه بقدر ما صرت أبحث عن أفضل المقالات وأجمل العناوين وأكثر التغطيات مهنيّة. وقد صُعقت بقوة الأدب، لا برهبة الحدث، عندما قرأت عنوان «نيو ستيتسمان» البريطانية «كورونا يغلق العالم». إذا كانت غاية العنوان الإخباري في الصحافة إيجاز الحدث في كلمات، فقد أوجز واضع العنوان وصف مرحلة تاريخية، في ثلاث كلمات. أي كلمة رابعة لا مكان لها ولا معنى.
هنا، الصحافة في ذروة امتحانها: ليس في المسألة رمز أو تلميح. بعوضة في حجم بعوضة تخاطب الذاهبين إلى المريخ والعائدين من القمر والمبحرين في أعالي المحيطات، قائلة، حاولوا أن تضبطوني. وأنتم من تظنون أنكم أسياد العالم، اعترفوا بأنكم تخافونني مثل قنبلة هيروشيما.
أفقت أمس لأجد أن العالم الغبي والعادي والبسيط لا وجود له. أول وأبسط عمل أقوم به هو الذهاب إلى المكتبة لشراء الصحف. أُلقي تحية الصباح، وأختار ما أريد، وأشكر وأمضي. أمس وجدت أمام المكتبة صفاً من الناس، وبابها مفتوح نصف فتحة، وكل مشترٍ يقول ما يريد، فيسلّم إليه من خلف الباب. لا وقت للتحيتين، في الوصول وفي المغادرة. ولا وقت للترحيب العفوي بالجميع، أهلين وسهلين.
والمدينة فارغة مثل الحرب، وخائفة أكثر مما في الحرب. بيروت التي كانت تقسم إلى شرق وغرب بمجرد خناقة في الطريق، يتحكم بجهاتها الأربع ذعر واحد. من صفات الأوبئة الجائحة، أنها تمحو الماضي وتزعزع المستقبل. مجموعة ضعفاء، وما من قبضاي واحد. والزعران في بيوتهم مثل الصالحين والطيّبين. وما من مكان يهربون إليه في قصور الطوارئ في باريس ولندن. المطار مغلق في وجه الجميع.
عبر القرون، نشأ شيء عُرف «بأدب الأوبئة». منها ما سمي «الموت الأسود» وما سماه جاك لندن «الموت الأحمر» عن الوباء الذي ضرب لندن أوائل القرن الماضي. وفي نهاية الرواية يتطلع إلى هذا العالم ويقول «زبد، لا شيء إلا الزبد».
يذهب الكثير من العرب للعلاج في ألمانيا، ما بين مستشفيات ميونيخ الفائقة التقدم وجنات المدينة وجمالها. شعرت بالخوف عندما سمعت الفراو ميركل تعلن خوفها وتُغلق حدود ألمانيا مع أرقى جوار في العالم. ذات مرات كنت أحلم بالتجوّل عبر تلك الحدود وأتأمل الشرفات المليئة بأحواض «الجيرانيوم» الأحمر، والواقفات خلفها مثل زينة للزهر.
أعادنا كورونا إلى أحزان القرون الوسطى وملاحم الإغريق وأساطير الآلهة الغاضبة والمجهول القادم في عام الريح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام الريح عام الريح



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon