توقيت القاهرة المحلي 11:35:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طرق لها تاريخ

  مصر اليوم -

طرق لها تاريخ

بقلم - زاهي حواس

قبل أن يصنع الإنسان السفن ويركب البحار ويكتشف ما وراءها كانت الأرض هي مسرح نشاطه الوحيد؛ سكن السهول والجبال والصحراء، وتكيَّف مع مختلف البيئات الجافة والمطيرة؛ الحارة والباردة بل المتجمدة كذلك. وفي كل مكان على سطح الأرض عاش فيه الإنسان كان الانتقال من مكان إلى مكان ومن موطن إلى آخر يستلزم الكثير من الإعداد والإمكانات التي تختلف حسب الهدف من هذا الانتقال وصبغته (هجرة، تجارة، سياحة دينية أو ثقافية... إلخ).
لقد تميزت الجزيرة العربية بأن موقعها في قلب العالم القديم وحضاراته مما جعلها ومنذ فجر التاريخ معبراً ومحطة تلاقٍ مهمة بين تلك الحضارات وثقافاتها. وفي العصور القديمة وقبل ظهور الإسلام كانت القوافل التجارية تنقل منتجات الهند وبلاد فارس من الشرق إلى الغرب عبر الطرق البحرية ثم طريق القوافل الشمالي الذي يعبر من شرق إلى غرب شبه الجزيرة العربية وصولاً إلى بلاد الشام ومنها إلى الجنوب حيث مصر وكذلك كانت تجارة أفريقيا تدخل إلى الجزيرة العربية من الجنوب وتصل شمالاً إلى سوريا وبلاد النهرين. هذا التفاعل الحضاري والنشاط التجاري بين حضارات العالم القديم كان من الأسباب القوية التي تسببت في نهضة ورقيّ حضارات الجزيرة العربية القديمة. وكما كانت سبب تقدمها وثرائها كانت بالمثل من أسباب انهيارها وضعفها وقيام ممالك وحضارات متعاقبة، وذلك عندما كان الوهن يضرب، لسبب أو لآخر، النشاط التجاري عبر الجزيرة العربية وتتوقف أو تضعف أعداد القوافل وحركة التجارة.
وبعد ظهور الإسلام أصبحت كل من مكة والمدينة المنورة مركزاً لوصول ليس فقط قوافل التجارة من الشمال والجنوب والشرق والغرب بل قوافل الحج من كل مكان في العالم، وبالتالي ظهر نوع جديد من طرق القوافل يسمى «طرق الحج والتجارة»، ومن الأقاليم التي تنطلق منها صوب مكة والمدينة المنورة تسمى أيضاً «طريق الحجاز».
هذه الطرق كانت إلى وقت قريب تمثل شرايين حيوية لربط البلدان المجاورة والبعيدة بكلٍّ من مكة والمدينة وعلى امتدادها كانت تقوم مدن وقرى تمثل محطات لتقديم كل الخدمات اللوجيستية سواء لقوافل الحج أو التجارة. وعبر التاريخ كان الخلفاء والملوك والأمراء بل الأعيان كذلك يقومون على تمهيد وتعبيد وتجهيز تلك الطرق وإنفاق ما يلزم عليها لكي تظل جاذبة للقوافل وآمنة للناس وأموالهم. ويعد الطريق المعروف بـ«درب زبيدة» من الأمثلة الجيدة على تلك الطرق، حيث كان هو طريق الحج والقوافل الذي يربط بين الكوفة في العراق ومكة المكرمة ماراً بالكثير من المدن المهمة في الأراضي السعودية والعراق. يصل طول هذا الطريق إلى نحو 1400 كم، وبذلك فهو واحد من أطول طرق الحج التي كان لها تأثير ثقافي وتجاري وروحي مميز، وهذا هو ما شجع هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية بتوجيه من سمو وزير الثقافة على تبني مبادرة لتأهيل الدرب والاهتمام به وترميمه والمحافظة عليه، وتسجيله في قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو كملف مشترك مع جمهورية العراق.

شهد «درب زبيدة» الكثير من المراحل التاريخية المختلفة لكنه وصل إلى أوج أهميته خلال العصر العباسي. ولعل من المهم أن نعرف أن زبيدة هي زبيدة بنت جعفر زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، والتي أوقفت على هذا الطريق الكثير من الأوقاف الخيرية لخدمة الحجيج وكذلك كل المسافرين على هذا الطريق ودوابهم أيضاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرق لها تاريخ طرق لها تاريخ



GMT 00:12 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

قمّة المنامة!

GMT 00:12 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

عادل إمام ونصف قرن على عرش النجومية

GMT 16:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:00 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة
  مصر اليوم - الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة

GMT 09:02 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 2

GMT 15:01 2021 الإثنين ,26 تموز / يوليو

أحمد مجدي يشارك كواليس مسلسل "الآنسة فرح "

GMT 11:30 2021 الأحد ,18 إبريل / نيسان

تعرف على مدة غياب هاري كين عن صفوف توتنهام

GMT 12:55 2021 الثلاثاء ,13 إبريل / نيسان

المؤشر نيكي يرتفع 0.23% في بداية التعامل في طوكيو

GMT 21:24 2021 السبت ,27 آذار/ مارس

علامات مراهقة المرأة في فترة الأربعين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon