توقيت القاهرة المحلي 10:04:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... الوشاية علانية

  مصر اليوم -

لبنان الوشاية علانية

بقلم:مصطفى فحص

المهامُّ الطبيعية للجيوش هي الدفاع عن الحدود الوطنية، ومنع الغزاة من احتلالها. وحالةُ الجيش اللبناني لا تختلف عن بقية جيوش العالم في المهام والواجبات، فهو يواجه اعتداءاتٍ إسرائيلية يوميّة داخل أراضيه، ولا يمكن تسميتها إلا بالعدوانية، مهما كانت المبررات، فهي انتهاكٌ صريح للسيادة الوطنية. لذلك كان من الطبيعي جداً أن يسمّي الجيش أو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمور بأسمائها. وبالنسبة لأغلب اللبنانيين، لم تزل إسرائيل عدوّاً وهي تحتل أراضي لبنانية، وتخرق أجواءه، وتقوم بعمليات عسكرية داخل أراضيه.

فمن الطبيعي جداً أن يتحدث بيانُ الجيش عن العدوّ الإسرائيلي وأن يتحرك على الحدود، ولكن لبنان المدمَّر والمنهار اقتصادياً ومالياً وعسكرياً غير قادر أصلاً على أي مواجهة عسكرية، لا بقوته الرسمية ولا بقوة أي جماعة مسلحة تحت أي تسمية كانت، التي تسببت حساباتها الخاطئة وتقديرات القوة المبالغ فيها في هزيمة قاسية بحرب الإسناد التي خاضتها، وقد تتسبّب في خسائر أخرى قاصمة إذا استمر السير على المنوال السابق.

مَن يُتابع واشنطن وإدارة البيت الأبيض يدرك مبكراً طريقة مقاربتها للأوضاع اللبنانية بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهزيمة حرب الإسناد، وهي واضحة وصريحة بحجم انحيازها. وهذا لا يعني الاستسلام أمام مطالبها، لكن المطلوب، قبل أن نقع في مأزق العلاقة مع واشنطن، أن نتخلى أولاً - بوصفنا طبقة سياسية مسلّحة- عن التشاطر والاعتقاد بأننا قادرون على كسب الوقت أو اللعب على التناقضات الداخلية الأميركية، مثل التباينات بين إدارة البيت الأبيض ووزارتي «الخارجية» و«الدفاع»؛ حيث توجد أصوات ترفض الضغط على الجيش اللبناني وقيادته، ولكنها في الجوهر مجتمعة على اعتباره مقصّراً في تنفيذ وعوده بسبب قيادته السياسية.

فلا يمكن للدولة، مهما كانت ضعيفة، أن تبقى عالقة بين المطالب الأميركية وضغوط «حزب الله». ويبدو أن الأمين العام الجديد، الشيخ نعيم قاسم، كمن وصل إلى موقعه نتيجة انتخابات داخلية. فيما الحقيقة أن الحزب وقيادته الجديدة بحاجة إلى التخلي عن حالة الإنكار، والاعتراف بهزيمة حرب الإسناد، ومراجعة نتائجها، أما الخطابات أو التصريحات التي تصدر عنهم كأنها تفرض شروطاً على اللبنانيين، يمكن أن تشكّل ذريعة للعدوّ ليستخدمها حجة لتصفية حساباته، ليس فقط مع الحزب، بل مع لبنان.

أزمة الثقة بين لبنان والمجتمع العربي والدولي لا يمكن معالجتها، كما جاء على لسان رئيس الجمهورية جوزيف عون، باتهام بعض «الوشاة» بأنهم يضرّون بسمعة الدولة ومؤسساتها في واشنطن وبقية العواصم. معالجة الأزمة ليست بالتماس الأعذار الداخلية، ولا بالاكتفاء بتذكير الخارج بخطاب القسم والبيان الوزاري. فليس المطلوب صداماً داخلياً، ولا صراعاتٍ أهلية جديدة، بل المطلوب داخلياً كان واضحاً: دفع الأطراف إلى تسوية وطنية تنقذ لبنان والعهد. لذلك ليس من مصلحة أحد تقطيع الوقت مرة أخرى، بانتظار نضوج تسوية إقليمية يعتقد البعض أنها قد تمرّر سلاح «حزب الله». والنتيجة الآن أن الوقت قد ضاق على الجميع، وبات لبنان دولةً وشعباً ومؤسساتٍ في مواجهة تحديات قد تكون وجودية بالنسبة لأهل الجنوب إذا نفّذ العدو تهديداته.

أمّا الوشاية، في حالتنا يا فخامة الرئيس، فليست سرية، أي ليست فقط ما يُقال ضد عهدك في الأروقة المغلقة، بل هي أيضاً علانية، وعلى لسان كل مَن يُعلن عصيانه قرارات الدولة. أمّا الحكومة، يا دولة الرئيس، المعنية بنزع السلاح، فهي معنيّة أيضاً باحتضان أهالي حامليه. فهَيبة الدولة مطلوبة، لكنّ لها دوراً أساسياً في تضميد جراح أهل الجنوب بعد مقتلتهم، وليس تضميد الجراح السياسية للذين تسببوا في هذه المقتلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الوشاية علانية لبنان الوشاية علانية



GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt