توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيار فؤاد شهاب… ونجاة لبنان

  مصر اليوم -

خيار فؤاد شهاب… ونجاة لبنان

بقلم - خيرالله خيرالله

يفترض بلبنان إعداد نفسه لكلّ الاحتمالات والمفاجآت على الصعيد الإقليمي، بغضّ النظر عمّا إذا كانت سوريا ذاهبة إلى استقرار أو إلى مرحلة من الاضطرابات الداخلية. لم يزدهر لبنان يوماً إلّا في ظروف تحصين وضعه الداخلي، وذلك عن طريق إبقاء نفسه بعيداً عن التأثير المباشر لأوضاع سوريا عليه.

 

 

نجح الرئيس كميل شمعون في ذلك نسبيّاً، لكنّ المواجهة مع جمال عبدالناصر وتمسُّك شمعون بسياسة موالية للغرب، علاوة على استعدائه مجموعة من السياسيين اللبنانيين في مستوى صائب سلام وكمال جنبلاط وغيرهما… ورفض حسم موضوع التجديد بعد انتهاء عهده، جعل لبنان على شفير حرب أهليّة سُمّيت أحداث 1958. تدخّلت سوريا، وكانت في وحدة مع مصر، بكلّ الوسائل المتاحة من أجل التخلّص من كميل شمعون. شمل ذلك إرسال مسلّحين إلى لبنان وأسلحة وذخائر وأموال.

بقي لبنان في منأى عن النفوذ المباشر لحاكم سوريا إبّان الوحدة مع مصر (1958 – 1961). ما لبث جمال عبدالناصر نفسه أن فهم خصوصيّة الوضع اللبناني بعدما تولّى فؤاد شهاب الرئاسة. اعتبر الزعيم العربي أنّه شفى غليله برحيل كميل شمعون عن موقع رئيس الجمهوريّة. رتّب فؤاد شهاب البيت الداخلي اللبناني، ورتّب في الوقت ذاته طبيعة العلاقات اللبنانيّة – العربيّة على الرغم من الشخصيّة الطاغية لجمال عبدالناصر. حرص على أن يكون اللقاء التاريخي مع الزعيم العربي في خيمة نُصبت عند الحدود بين البلدين، نصف الخيمة في الأراضي السورية والنصف الآخر في الأراضي اللبنانية. بالطبع، رافق فؤاد شهاب رئيس الوزراء وكان الحاج حسين العويني. بالطبع أيضاً، قدّم فؤاد شهاب تنازلات كثيرة لجمال عبدالناصر شملت جعل السفير المصري في بيروت عبدالحميد غالب شبيهاً بمفوّض سامٍ.

يفترض بلبنان إعداد نفسه لكلّ الاحتمالات والمفاجآت على الصعيد الإقليمي، بغضّ النظر عمّا إذا كانت سوريا ذاهبة إلى استقرار أو إلى مرحلة من الاضطرابات الداخلية
عجز النّظام الجديد

وضع لقاء الخيمة الذي انعقد في 9 شباط 1959 الأسس الصحّيّة، وغير الصحّيّة أحياناً، لعلاقات بين لبنان وسوريا، وحتّى بين لبنان ومصر، وذلك على الرغم من سقوط مشروع الوحدة المصرية – السوريّة في 28 أيلول 1961. بقي لبنان مزدهراً وبقي حالة فريدة من نوعها في المنطقة. كان أهمّ ما قام به لبنان، وقتذاك، ترتيب أوضاعه الداخلية بمعزل عن التقلّبات السوريّة. أهمّ ما فعله لبنان عدم مشاركته في حرب 1967. لم تحتلّ إسرائيل شبراً من أرضه… إلى أن جاء اتّفاق القاهرة في خريف عام 1969 الذي فُرض عليه في ضوء التشرذم الداخلي. تمثّل هذا التشرذم في الانقياد السنّيّ وراء الشعارات الفارغة من جهة، والجهل المسيحي بخطورة الرغبة في الوصول إلى موقع رئيس الجمهوريّة بأيّ ثمن من جهة أخرى.

ترافق توقيع اتّفاق القاهرة مع بداية صعود نجم حافظ الأسد في سوريا، كوزير للدفاع تولّى في 1967 تسليم الجولان إلى إسرائيل.

في الوقت الراهن، تشير أحداث السويداء، حيث يقيم معظم دروز سوريا، وما تخلّلها من أعمال عنف ذات طابع مذهبي وتدخّل إسرائيلي مباشر، إلى تراجع قدرة النظام الجديد برئاسة أحمد الشرع عن بناء الثقة بينه وبين مختلف مكوّنات الشعب السوري. لا يتعلّق الأمر بالدروز فحسب، بل بالمسيحيين والعلويين وقسم لا بأس به من سُنّة المدن.

أكثر من ذلك، توجد مشكلة حقيقية ما زالت قائمة مع الأكراد، خصوصاً مع “قوّات سوريا الديمقراطيّة” (قسد) التي لا تزال قوّة عسكرية لا يمكن الاستهانة بها في شمال سوريا وشمال شرقها. لا يزال البحث جارياً، على الرغم من تدخّلات المبعوث الأميركي توم بارّاك، عن صيغة تعايش بين النظام الجديد و”قسد” في ظلّ انعدام الثقة بين الجانبين.

ترافق توقيع اتّفاق القاهرة مع بداية صعود نجم حافظ الأسد في سوريا، كوزير للدفاع تولّى في 1967 تسليم الجولان إلى إسرائيل
لبنان أوّلاً

ما الذي يستطيع لبنان عمله في ظلّ الظروف الراهنة؟ الأكيد أن ليس في استطاعة البلد غير التخلّص من سلاح “الحزب”، الذي هو سلاح إيراني أوّلاً وأخيراً، والعودة إلى تجربة فؤاد شهاب، بمعنى أنّ المطلوب التطلّع إلى ما يجري في سوريا، كما يقترح المبعوث الأميركي توم بارّاك، ولكن من دون السقوط في فخّ الرهان على أنّ سوريا ذاهبة “غداً” إلى مرحلة استقرار.

يوجد وضع جديد في سوريا. ليس أمام لبنان سوى التعامل مع هذا الوضع الجديد بحسناته وسيّئاته. من أهمّ الحسنات أن لا عودة إلى النظام العلويّ وحكم آل الأسد والرهان على حلف الأقليّات. من السيّئات أن إسرائيل لا تزال ؤافضة لاستقرار سوريا إلا بشروطها.

إقرأ أيضاً: أكراد سوريا: انقسام غربي حول المستقبل

هل يستطيع لبنان أن يضع نفسه تحت رحمة ما يحصل في سوريا؟ الجواب لا وألف لا. لذلك لا بديل من إعادة ترتيب الوضع اللبناني عبر استعادة تجربة فؤاد شهاب التي حقّقت سنوات طويلة من النموّ والازدهار، بما في ذلك في عهد شارل حلو بين 1964 و1970. كان هذا العهد، في بدايته فقط، امتداداً لعهد فؤاد شهاب. استطاع شارل حلو تفادي خوض حرب 1967، الخاسرة سلفاً، لكنّه سقط في امتحان اتّفاق القاهرة الذي هو في أساس خراب البلد.

في ضوء ما تشهده سوريا والتناقضات التي يتميّز بها كلام توم بارّاك يجد لبنان نفسه أمام أزمة وجوديّة بالفعل لا ينقذه منها غير خيار تجربة فؤاد شهاب وإن في ظروف إقليميّة مختلفة. لن يتجاوز هذه الأزمة في غياب رفع شعار “لبنان أوّلاً”. نعم، “لبنان أوّلاً”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيار فؤاد شهاب… ونجاة لبنان خيار فؤاد شهاب… ونجاة لبنان



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt