توقيت القاهرة المحلي 09:57:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التبرير الفكري للاحتلال

  مصر اليوم -

التبرير الفكري للاحتلال

بقلم:عمرو الشوبكي

ممارسات دولة الاحتلال فى غزة تقول إنه سواء قبلت إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة أو لا، فإن موقف فصائل المقاومة المسلحة وحاضنتها الشعبية سيظل كما هو فى معاداة إسرائيل ومواجهتها بالقوة المسلحة وبالعمليات الانتحارية بسبب بنية هذه الفصائل العقائدية، بما يعنى أن السياق السياسى والاجتماعى المحيط لن يغير فى النصوص الفكرية والعقائدية لهذه التيارات لأسباب هيكلية وأحيانا «جينية».

والحقيقة أن الجدل الذى دار حول التعامل مع الجماعات الراديكالية بمختلف تنوعاتها سواء كانت فصائل المقاومة الإسلامية المسلحة أو التنظيمات الثورية فى أوروبا وأمريكا الجنوبية ممتد فى الأوساط الأكاديمية والسياسية منذ عقود، والنقاش الذى دار منذ تسعينيات القرن الماضى فى الأوساط البحثية الفرنسية حول ظاهرة «الإسلام السياسى» تركز فى جانب مهم منها عن أيهما له «الغلبة» وسيعيد بناء أو تفكيك أيديولوجيات التيارات الإسلامية المتشددة بمختلف تنوعاتها: هل السياق (Contexte) أم النص ( Texte) بمعنى أنه لكى تراجع هذه التيارات توجهاتها وأفكارها هل سيكون ذلك بفضل السياق الاجتماعى والسياسى المحيط بها عبر اتخاذ إجراءات وسياسات تدفعها نحو الاعتدال أو التطرف؟ أم سيكون بفضل مراجعة تفسيرات النص الدينى بصورة معتدلة ترشد الخطاب الدينى وتجدده، وهناك أخيرًا من دمج بين المفهومين واعتبر أن السياق يمثل عاملًا رئيسيًا فى تشكيل تفسيرات النص دون أن يلغى ذلك أن بنية الأخير وطبيعته تحدد مساحة الاستجابة للسياق المحيط.

وقد ظلت الأوساط اليمينية والمحافظة وبقايا المدارس الاستشراقية القديمة ومعها معظم النخب الإسرائيلية الحالية تعتبر أن النص العقائدى للتيارات الإسلامية هو بمفرده الذى يفسر ممارساتها وخياراتها السلمية أو العنيفة بصرف النظر عن السياق المحيط.

والحقيقة أن معظم الكتابات العلمية فندت النظريات التى فصلت بين النص والسياق، كما أن الواقع العملى أثبت أيضا أن السياق السياسى والاجتماعى والإقليمى يمكن أن يعيد تأسيس وبناء هذه الأيديولوجيات فى كثير من التجارب، وإنه لا يمكن القول إن واقع الاحتلال والإبادة الجماعية والخطاب العنصرى والتحريضى الذى تمارسه منظومة الحكم فى إسرائيل سينتج خطابًا فلسطينيًا مدنيًا ومسالمًا إنما بلا شك سيجعل من اعتماد الوسائل العنيفة والعودة لتفسيرات دينية تبرر العنف و«الجهاد ضد المحتلين» غالبًا.

إن الترويج الإسرائيلى لمسألة أن العنف مسألة أصيلة لدى ثقافة الفلسطينيين ويجب عقاب الجميع نساء وأطفالا ومدنيين لأن المشكلة ليست فى السياق أى الاحتلال إنما فى قيمهم ودينهم وثقافتهم، وفيما تسميه «بالعنف الإسلامى» والقيم الثقافية التى تحرض ضد دولة إسرائيل وتنسى أو تتناسى أن الجانب الرئيسى الذى يقف وراء وجود أيديولوجيا المقاومة العنيفة هو ليس ضد دولة طبيعية ولا ضد ديانة إنما ضد دولة احتلال ترتكب جرائم إبادة جماعية وتجويعا وقتلا للمدنيين لم يشهدها العالم منذ قرون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التبرير الفكري للاحتلال التبرير الفكري للاحتلال



GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt