توقيت القاهرة المحلي 08:35:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا الآن؟

  مصر اليوم -

لماذا الآن

بقلم عمرو الشوبكي

لم يكن يتصور أكثر المعارضين شراسة للنظام الحالى أن يتوالى مسلسل الأخطاء وسوء الأداء والتخبط مثلما نشاهد الآن، وحتى فى اللحظات التى كان ينتظر فيها المؤيدون إنجازاً على الأرض عقب توقيع اتفاقات مع السعودية تدعم الاستثمار وتعطى دفعة لاقتصادنا المريض، يفاجأ الجميع بقرارات سيادية وفرمانات حكومية بالتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير تعقّد الأمور وتدل على انعدام الرؤية السياسية.

وشهدت الصحف والمواقع الإلكترونية فى مصر جدلا غير مسبوق حول أحقية أى من البلدين فى الجزيرتين، وأحاديث متناقضة لخبراء عسكريين سابقين وسياسيين ومؤرخين حول الموقف منهما، فهناك وثائق وخرائط عثمانية (مثل تلك التى صدرت فى عام 1906) أكدت أن هذه الأرض مصرية، فى حين أن هناك وثائق أخرى أشارت إلى ملكيتها للسعودية، بما يعنى أن الموضوع ليس بسهولة حسمه.

والمدهش أن جزءا كبيرا من الصحف ووسائل الإعلام المصرية التى ظلت تصدّع الشعب المصرى بهتافات وطنية صارخة تبارت فجأة، وفى هذا التوقيت بالذات، لشن حملة إعلامية موجهة وغير مسبوقة فى تاريخ أى بلد (وبكل أسف رخيصة) لكى تثبت أن الجزيرتين ليستا أرضاً مصرية.

وقد شهدنا منذ أن أصدرت الحكومة يوم السبت الماضى بيانها الأفشل وقالت إن الجزيرتين تقعان داخل الحدود الإقليمية للسعودية، ردود فعل غاضبة من قطاعات واسعة داخل المجتمع المصرى، اعتبرت أن الجزيرتين مصريتان، وأن ما فعله الحكم هو تخلٍ عن السيادة الوطنية.

وشهدنا تحولات حلزونية مدهشة، معظمها لتصفية حسابات سياسية، حتى لو كانت على جثة الوطن وكرامة شعبه، فاكتشف الإخوان فجأة قيمة عبدالناصر (الذين لم يفعلوا شيئا إلا سبّه) ونشروا خطابه الذى يقول فيه إن تيران مصرية، وهناك أنصاف المعارضين الذين يرغبون أن يصبحوا مؤيدين فقالوا إنها أرض سعودية، وهناك المؤيدون الذين صدّعونا بخطابهم الوطنى وصوتهم العالى وتباروا لإثبات أنها ليست أرضاً مصرية.

ويقيناً فإن كثيرين مثلى لا يستطيعون حسم موضوع ملكية وسيادة هذه الأرض فى ظل هذا التضارب والاستقطاب الحاد، لأن الأمر يحتاج إلى بحث عميق ونقاش خبراء أعمق حول تلك القضية الشائكة شديدة الحساسية فى بلد تاريخه وشرعية حكمه قائمة على تحرير الأرض والسيادة الوطنية الكاملة وغير المنقوصة على كل شبر من الأرض المصرية.

والسؤال المطروح: لماذا طرح موضوع ترسيم الحدود الآن، وتحديدا فى الوقت الذى تقدم فيه السعودية مساعدات ومنحاً اقتصادية كبيرة لمصر حتى خلقت صورة أمام قطاع من الرأى العام (وظّفه البعض بالطبع) بأن الأخيرة تبيع أرضها من أجل الأموال؟!

صادم أن تختار الدولة والرئاسة والحكومة هذا التوقيت لإعادة الجزيرتين، وكأن أحد شروط المساعدات السعودية هو تنازل مصر عن جزء من أرضها.

إن أصعب شىء على أى بلد أن يتنازل عن جزء من أرضه، كما يرى بعض المصريين، أو يرجع الحق لأصحابه، كما يرى جزء آخر، وفى الحالتين فى لحظة ضعف ووهن وأزمة اقتصادية وسياسية.

قضية الجزيرتين يجب ألا يكون لها أدنى علاقة بالمساعدات الاقتصادية ولا التحالف السياسى بين مصر والسعودية، إنما هى مسار طويل من المفاوضات والوثائق الدامغة بين بلدين شقيقين، يُحسم من خلالها موقف جزيرتى تيران وصنافير، لا أن نصبح الصبح ونجد هناك رئيسا قرر وحكومة أعلنت أنهما ليستا مصريتين، وعلى الكل أن يطيع وينفذ.. فهذا هو الفشل بعينه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الآن لماذا الآن



GMT 06:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 02:28 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 03:05 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 04:43 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

بين احتجاجين

الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:57 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

فنانة لبنانية أنهكها العمر ولم تعد تستطيع الحراك

GMT 05:22 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

سان جيرمان يُغري أنطونيو كونتي براتب ضخم

GMT 05:34 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

كايا جيربر تخطف الأنظار بإطلالة من "شانيل"

GMT 11:10 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

لورا ويتمور تجذب الأنظار إلى إطلالاتها السوداء

GMT 09:40 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تعرفي على كيفيّة العناية بالشعر القصير لينمو بكثافة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon