توقيت القاهرة المحلي 21:53:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

٦ x ٦ مكرر؟

  مصر اليوم -

٦ x ٦ مكرر

حسن البطل

حجران صغيران مكعبان أبيضان لهما ستة سطوح لكل واحد .. مبرقشان بـ ٢١ نقطة سوداء. طاولة مستطيلة ذات درفتين، وفي كل درفة ١٢ خانة.. هذا ملعب آخر من لاعبين اثنين، كما ملعب رقعة الشطرنج من لاعبين اثنين، كما مستطيل اخضر لكرة القدم به حشد وحارسان. طاولة زهر وحجرا نرد، ولا بد من كأس شاي أو فنجان قهوة، او نَفَس أركيلة..ولا بد لي من "دقّ" واحد او اثنين يومياً، بين ساعات العصر وساعات المغرب. الحياة لعبة نرد، أو أن الموت رمية نرد احياناً، أو بين الحياة والموت كم دق طاولة زهر، او هذا الشطرنج الآخر، الذي نصفه حظ ونصفه خبرة ومهارة لا حظ، بل مخاطرة محسوبة وذكية، في رقعة الشطرنج، لكن لك نصف حظ ونصف شطارة في رمية نرد طاولة الزهر. المقهى، مقهاي، مستطيل كطاولة الزهر، ولي في هذا الركن مكان أثير مع "العم ابو الياس" وركن آخر غير أثير مع فريق متغير في لعبة الورق. على جدران مقهاي صور راحلين أعرف معظمهم، فقد لعبت معهما لعبة المهارة والحظ. كان واحدهما نقيباً وشيخاً للمعلمين، وكان ثانيهما نقيباً شاباً للمسرحيين. كنت غرّاً في لعبة طاولة الزهر في مقاهي دمشق، وكنت ماهراً فيها لكن في حديقة بيتي ببيروت .. وفي رام الله متى أصبح معلماً؟ او متى أتغلب على المعلم المحنك أبو الياس؟ الشباب في المقهى يلعبون على مربعات الشطرنج، والكهول يلعبون وفي ايديهم اوراق الشدة .. ولعبة طاولة الزهر هي، غالباً، للشيوخ او للكهول.. ونادراً للشباب النزقين .. او للسياح الأغرار! يقولون: تتعلم اللغة على مدى العمر، او تتعلم صقل مفرداتها كما يصقل الماس، وهكذا تتعلم لعبة طاولة الزهر: الدفاع والهجوم، وفي رقعة الشطرنج "كش شاه" وفي لعبة نرد الطاولة تحتاج الى عبقرية "كلاوزفيتز" في الاستراتيجية لتخرج من سجن "خانة الدوبارة". مرتان في عمري خرجت من "خانة الدوبارة". والضربة الباترة، كالمقصلة على رقبة الرأس، هي احتلال احجار الخصم لخانة "اليك" في رقعتك. كنت شاباً في بيروت وكان اللاعبون كهولاً او عواجيز. كنت المهزوم دائماً في اللعبة مع "إيلي" واحياناً أتعادل مع "ايليا" لكن اللعبة كانت سجالاً مع حليم. جميعهم ماتوا بعد خروجي من بيروت .. ومات ايضاً محمود درويش هنا. في القصر على التلة ودعنا درويش بقصيدة "لاعب النرد". كم اشتقت الى طريقته "الارهابية" في اللعب كما في بيروت، او كما كان يلعبها مع أدونيس في بيتنا. كان رهانهما دائماً على "مئتي ليرة" أكبر قطعة نقدية آنذاك، وكان يحلو لدرويش ان يتبرع بها الى ادونيس إن استطاع ان يهزمه، ودائماً كانا يلعبان المباراة مع كأس من هذا "الكورفوازييه" الفرنسي الملكي خماسي النجوم. أحياناً، كان درويش يأتي الى بيتي فقط ليلعب معي دقّ طاولة "ارهابي"، كما كنت ألعبها مع "الارهابي" يعقوب اسماعيل قبل وفاته بالسرطان، الذي يطل ساخراً عليّ وعلى ابو الياس من جدار المقهى. لا أعرف إن كان في بيت محمود طاولة زهر أم لا، فلم أزره فيه، بل زرته في مكتبه، او نلتقي في غرفة رئيس التحرير. مراراً قلت لمحمود درويش: أشتاق للعبة دقّ طاولة معك .. وكان يقول: "تفضل"، وكنت أخجل من القول: لا أعرف بيتك، وأنت لا تأتي الى مقاهيّ حيث طاولات الزهر. قد يقول لك الحاسوب ما هي احتمالات احجار الزهر وقمتها هي "شيش بيش" وهو اسم آخر للعبة، وأنت تلعب بالاحتمالات وضدها ايضاً. "الحبسة" ضربة. وفك "الحبسة" ضربة مضادة اقوى. حرب احجار ونقلات من ساحتك الى ساحة الخصم. ابيض ضد أسود، او اسود ضد أبيض. في مستقبل كرة القدم هناك "معادلة صفرية" وهناك تعادل في الأهداف، او مطر من الأهداف.. وهناك في "الشطرنج" غالب ومغلوب، لكن هناك تعادلا نادرا .. لكن في لعبة الزهر او النرد او "الشيش بيش" إما قاتل (فائز) وإما مقتول (خاسر) والسباق - المعركة هو الوصول الى خمسة أهداف .. ولو بغالبية حجر أسود او حجر ابيض واحد. روعة اللعبة في احتمالاتها المراوغة، فقد يخسر الذي يبدو رابحاً، او يربح الذي يبدو خاسراً .. وفي المربع الرابع لا مكان سوى للحظ، الذي يفك "الحبسة" .. او لا يفكها! "من أنا لأقول لكم ما أقول لكم"؟ هكذا قال في "لاعب النرد" لكن الحجارة المراوغة هي التي تقول ما هي "لعبة النرد". نقلاً عن  جريدة "الأيام" الفلسطينية .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

٦ x ٦ مكرر ٦ x ٦ مكرر



GMT 20:05 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

من أكثر تهوراً... البرهان أم «حميدتي»؟

GMT 19:57 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

اجتياح رفح لن يكون النهاية

GMT 19:55 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

البحث عن «رشيد»

GMT 19:54 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

ضعها في رقبة القانون

GMT 19:50 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎خطوة أمريكية مهمة.. ولكن

GMT 03:29 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كلمة بايدن متنزلش الأرض أبدًا!

GMT 03:27 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

الدنيا بخير

GMT 03:25 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

لا «نزوح» نحو ترامب ولكنهم قد يمتنعون

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:01 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

"مهرجان بالشباب تحيا الأمم" يكرم الفنانة وفاء صادق

GMT 02:14 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أكرم حسني يعرب عن سعادته بنجاح مسلسل "الوصية"

GMT 02:47 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة يارا تغني شارة المسلسل المصري"نصيبي وقسمتك 2"

GMT 19:21 2017 الأربعاء ,02 آب / أغسطس

كنزي عمرو دياب تواصل الجدل بملابسها الجريئة

GMT 14:46 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon