توقيت القاهرة المحلي 01:26:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عصا منير عبدالنور

  مصر اليوم -

عصا منير عبدالنور

سليمان جودة

ما فهمته، مما سمعت وقرأت، صباح أمس الأول، حول القانون الذى صدر بقرار من الرئيس عدلى منصور، بخصوص تعاقدات الدولة، أن هذا القانون يريد أن يحقق هدفين فى وقت واحد، أولهما ضمان استقرار العقود التى تكون الدولة طرفاً فيها، من خلال أى جهاز من أجهزتها، وثانيهما ضمان حماية المال العام، بالقدر نفسه، من أى إهدار. فهمت هذا، من خلال اتصال من الوزير منير فخرى عبدالنور، ومن خلال أوراق وصلتنى منه، وتضم بياناً أصدره هو، كوزير للتجارة والصناعة والاستثمار، كما تضم مذكرة إيضاحية كتبها، وكذلك نص القانون الذى صدر عن رئاسة الجمهورية، ونشرته الجريدة الرسمية يوم 22 إبريل الحالى، وأصبح معمولاً به، منذ اليوم التالى لنشره! والقصة، لمَنْ لم يتابعها منذ بداياتها، أن العقود التى كانت الدولة توقعها، مع أى طرف آخر، كانت تتعرض على مدى سنين مضت لطعون قضائية، وكان القضاء فى بعض حالاته، يحكم بفسخ التعاقد، لأن فيه شبهة إهدار للمال العام. وقد لاحظت الدولة، فيما يبدو، أن الأمر قد زاد على حده الطبيعى، وأنه إذا كان هناك شخص جاد فى ممارسة حقه فى الطعن، حفاظاً على مال عام يراه مهدراً فإن هناك، فى المقابل منه، أشخاصاً غير جادين، بما أدى فى النهاية إلى حدوث شيئين فى غاية الخطورة، أولهما أن الذين كان القضاء يحكم بفسخ تعاقداتهم مع الدولة، قد لجأوا إلى التحكيم الدولى، وطلبوا مبالغ خرافية، على سبيل التعويض، وثانى الأشياء، أن عدم الرشد فى ممارسة حق الطعن على تلك العقود، من جانب أى مواطن، قد جعل مستثمرين كثيرين يحجمون عن المجىء إلينا، بما أدى إلى أن نخسر، كدولة، فرصاً استثمارية مهمة نحن أحوج الناس إليها. لذلك، صدر القانون بقرار من الرئيس، ولذلك أيضاً، فإنه جعل حق الطعن على مثل تلك العقود، مقصوراً على طرفيها، وهو ما رأى فيه البعض، تحصيناً للفساد بشكل من الأشكال. غير أن الوزير عبدالنور يرى، فى اللحظة نفسها، أنه غير صحيح أن القانون يحصن الفساد، لأن الصحيح هو أنه، كقانون، ينظم فى تقدير عبدالنور، عملية الطعن، ولا يمنعها، ولا يحصن بالتالى أى فساد قد يشوب أى عقد من العقود. وربما يكون الشىء الذى يدعم كلام الوزير، أن القانون يقول العبارة التالية فى صدر مادته الأولى: مع عدم الإخلال بحق التقاضى لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل التعاقد، يكون الطعن.. إلى آخره. إذن، فالقانون يستهل مواده الثلاث المنشورة، بهذه العبارة، فى صدر مادته الأولى، وهى عبارة - كما يقول نصها - تؤكد على عدم الإخلال بحق التقاضى. ولابد أن يقال هنا إن مشروع القانون كان قد أعده وزير الاستثمار السابق، أسامة صالح، وأن «عبدالنور» لم يكن ليتحمس له أبداً، حين تولى الوزارة، فى حكومة محلب، ما لم يكن على يقين بأن مناخ الاستثمار فى حاجة إليه، وما لم يكن على يقين مماثل، بأنه، كقانون، يكفل فى الوقت ذاته حماية المال العام.. فتاريخ الوزير، الذى نعرفه، يقول بأنه يستحيل أن يكون مع إهدار قرش واحد، من مال الدولة، فضلاً عن أن يكون الإهدار بالملايين، أو بالمليارات! ولكن ما سمعته، فى الصباح نفسه، من الدكتور على الغتيت، وهو قانونى له اسمه المعتبر، يقول بأن القانون فى حاجة إلى شىء يتبعه، وهذا الشىء الذى ندعو الوزير عبدالنور إلى أن يتبناه بسرعة، وبقوة، هو إنشاء مجلس مستقل تكون له مهمتان محددتان لا ثالث لهما، إحداهما مراقبة ومراجعة عقود الدولة، قبل توقيعها، والمهمة الثانية، مراقبة التنفيذ بعد توقيع العقد، خصوصاً التنفيذ من جانب الطرف الآخر، الذى تقول لنا التجربة، بامتداد الأعوام الماضية، إن هذا الطرف لم يكن يبالى، بعد توقيع العقد، بحق الدولة، ولا بأى التزام من التزاماته! والمجلس الذى يقترحه الدكتور الغتيت، والذى أؤيده فيه تماماً، ليس مجلساً قانونياً فقط، وإلا فمجلس الدولة موجود.. وإنما هو مجلس نوعى، يضم رجالاً يكونون على «وعى» بمهمتهم، وما يراد منهم، قبل أن يكونوا ملمين بالقانون.. مجلس نوعى يراجع العقود، ويراقبها، موضوعياً، من شتى النواحى، خصوصاً السياسية، والاقتصادية، وغيرهما، قبل القانونية. وأظن أن مجلساً بهذه المواصفات، يمكن أن يكون عصا قوية، يتكئ عليها «عبدالنور» وهو يعمل، فى ظل قانون يمكن أن يجلب له - كما نرى - وجع الدماغ، أكثر مما يحقق له راحة البال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصا منير عبدالنور عصا منير عبدالنور



GMT 00:46 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الأهم من الوعي بالقضية البناء عليه

GMT 00:44 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

معضلة إسرائيل الوجودية

GMT 20:12 2024 السبت ,04 أيار / مايو

دراسة عن الشرق الأوسط.. كوابح ومحفزات

GMT 20:10 2024 السبت ,04 أيار / مايو

الدكتور موافى حزين!

GMT 20:07 2024 السبت ,04 أيار / مايو

الأول من رمضان

GMT 20:06 2024 السبت ,04 أيار / مايو

مأزق البرهان

GMT 20:04 2024 السبت ,04 أيار / مايو

إشكالية الزمن!

GMT 16:35 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

6 خطوات لتجنب الوقوع في أخطاء فواتير الكهرباء

GMT 10:40 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كهربا يستعد للمشاركة مع الأهلي في «موقعة الوداد»

GMT 06:41 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

الطب الشرعي يوقع الكشف على ابنة نهى العمروسي

GMT 22:53 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

الصين تسجل 22 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 07:42 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

10 نجوم بالمجان في دوري أندية أوروبا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon