توقيت القاهرة المحلي 10:04:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن حلب... وخناجر القتلة باسم الإسلام

  مصر اليوم -

عن حلب وخناجر القتلة باسم الإسلام

بقلم طلال سلمان

يفيض الحزن، كما الدم، عن حدود الوطن العربي...

يطوف في زوارق الخطر حتى الغرق في البحار البعيدة هرباً من الوطن الذي كان نشيداً للأمة بأمنياتها وأحلامها بعنوان فلسطين...
تفيض دماء السوريين (والعراقيين واليمنيين والليبيين و...) عن حدود أرضهم المحروقة فتغمر الدنيا...

تسقط البيوت والجامعات، المدارس والمستشفيات، الكنائس والمساجد، والأشجار التي تموت واقفة...

تسقط النساء والصبايا منتظرات الفرح. يسقط الأطفال. يسقط الرجال، شيوخاً وشبانا كانوا عدة المستقبل الأفضل. تسقط الآمال مضرجة بدماء الغد. تسقط الأحلام السنية بسكاكين وحوش الماضي قتلة الحاضر بالأمس والمستقبل بالحاضر.

تسقط المدن مضرجة بأهلها. تسقط أشجار الزيتون والبرتقال وتنطرح الثمار تحت أقدام القتلة. يسقط الياسمين اغتيالاً بالرصاص المسموم. تتهاوى شجيرات الورد بضغط الدوي القاتل...

... ويأتي الدور على أم المدن حلب الأعرق والأعظم رصيداً بالتاريخ كما بالشعر، بالفن كما بالتجارة، بالصناعة كما بالعمران، بالأديان جميعاً، باللغات جميعاً وإن ظل للمتنبي فيها الصدارة مثيراً غيرة أبي فراس الحمداني، وسيف الدولة ينتشي طرباً بالشعر وهو يخوض منتصراً معاركه ضد الغزاة المتسترين بالدين. بالأمس كان الغرب خلف الصليب، ثم تلاه الترك خلف الهلال... وصمدت حلب بأهلها ولأهلها، وبمن اختار أن يرمي سيفه ليكون من أهلها.

تفيض دماء الأهالي عن بلاد الشام.

يخرج أهالي بلاد الشام من «شام الله في ملكه» إلى الأقطار الشقيقة فإذا المنافي أرحم منها. أُسقطت عنهم هويتهم التي اصطنعت التاريخ وصنفهم الأخوة الأشقاء «نازحين»، وداروا بلوائحهم يستعطون الغرب، بينما أصحاب العباءات المقصبة والعُقل المطرزة بالذهب يشكون العَجْزَ في الدخل القومي نتيجة انخفاض أسعار النفط لا ارتفاع منارات القصور والاستراحات الملكية في الصحراء وارتفاع أسعار الأبنية التاريخية في لندن وباريس والرباط وطنجه وماربيا وكان، حيث صار سعر اليخت يكفي لإطعام شعب اليمن.
الشهباء، أم المدن، النغم المنشي حتى الشجن، يا ليل الفرح، يا عين الطرب، يا مصدر الشهادة لصاحب أو صاحبة الصوت الآخذ إلى النشوة، يا أرغن الغناء وقيثارته وعوده بأصوات الشيوخ ومداحي النبي...

كيف يكون التحرير بالأَغراب الذين نذرهم «الخليفة» الدعي لتدمير الحضارة في بلاد الشام جميعاً من بغداد إلى الموصل ومن سامراء إلى الرمادي ومن الرقة إلى حمص وحماه، قبل حلب ومعها يُقتل إسلام محمد بن عبدالله بالذين لا يعرفون لغة القرآن، فإذا عرفوا الحرف سقط منه المعنى، ولا يعرفون من الدين إلا تكفير المؤمنين، ويكرهون المدن وبيوت التاريخ وأعمدة الحضارة فيدمرون كل مَن وما فيها، يسبون النساء ويدربون الفتية على الذبح، يغتالون أنهر الخصب ويقتلون القمح والزنبق، يدمرون الجسور ويحاولون إطفاء الشمس بخناجرهم ويعسكرون الأطفال ليرسلوهم إلى الموت...

بأي دين يجيء هؤلاء السفاحون قتلة القرآن الكريم بالآيات المشرقة بمعنى الإيمان، ذابحو الإنجيل المقدس بسيف التكفير، مدمرو الحضارة وبُناتها الأوائل في أرض الرافدين وسائر بلاد الشام، وقد أسقطوا منها فلسطين بالقصد، ودمروا ما عجزت عن تدميره إسرائيل، وحاولوا إبادة مَن قاتل أنواع الاستعمار المختلفة من العثمانيين إلى البريطانيين و(البرتغاليين) والفرنسيين... فضلاً عمن تستر بالصليب ليموه احتلاله ثم استعماره للأرض المقدسة.

... لكن النهاية تقترب، وسيُفرَض على أبناء هذه الأرض أن يعيدوا تعميرها، مرة أخرى، فهؤلاء «النازحون» يضمون بين طوابيرهم الناجين من الغرق واضطهاد ذوي القربى وعنصرية الأغراب، آلافاً مؤلفة ممن أسهموا في بناء بلادهم والعديد من الأقطار الشقيقة بخبراتهم وكفاءاتهم وعرق الجبين.

الخلود للشهداء الذين افتدوا الأمة جميعاً في بلاد الشام من أقصاها اليمني إلى أرض السواد إلى قلبها الدمشقي وصولاً إلى طرابلس الغرب في ليبيا النازفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حلب وخناجر القتلة باسم الإسلام عن حلب وخناجر القتلة باسم الإسلام



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt