توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الرئاسة.. والطوائف والشارع

  مصر اليوم -

عن الرئاسة والطوائف والشارع

بقلم طلال سلمان

كل انتخابات رئاسية تضع البلاد على حافة الحرب الأهلية: تحتدم المنافسات بين أقطاب الطائفة الممتازة الذين يرى كل منهم انه الأجدر بالرئاسة والقيادة ودخول التاريخ..

في العام 1943 كان المرشح الأقوى، كما يروي الساسة من معاصري تلك الفترة، اميل اده.. لكن كلمة السر (البريطانية آنذاك) جاءت ببشارة الخوري، الذي طمع في ولاية ثانية فخلعته المعارضة في منتصف ولايته الثانية في العام 1952. ورفض اللواء فؤاد شهاب ان يتولى المنصب الفخم فجاء كميل شمعون (المعارض) رئيساً. ومع التحولات الخطيرة التي شهدتها المنطقة آنذاك (وحدة مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة على حدود لبنان)، وطرح مشاريع أحلاف أميركية مع بعض عواصم المنطقة، وصل اللواء شهاب إلى رئاسة الجمهورية بدعم أميركي ـ عربي معلن لينهي حالة «عصيان» رفضاً لتمديد ولاية شمعون. أما في العام 1964 فقد اختار شهاب المرشح الأضعف (شعبياً) شارل حلو فتم تنصيبه رئيساً.

في العام 1970 ردت «المعارضة» ممثلة بالحلف الثلاثي (الماروني) أي ريمون اده وبيار الجميل وكميل شمعون، بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً سنة 1970 وكان الصوت المرجح لكمال جنبلاط...

لا يمكن اعتبار الصراع حول الرئاسة سبباً مباشراً في انفجار الحرب الأهلية في العام 1976 ولكن الخلافات السياسية كانت قد بلغت ذروة الاحتدام، خصوصاً مع التأثير المباشر للمقاومة الفلسطينية التي كانت قيادتها قد استقرت مع مقاتليها في لبنان... وهكذا أمضى الرئيس الياس سركيس سنوات ولايته محاولاً الحد من الخسائر طالما تعذر الحل.

بعد ذلك سيكون الاجتياح الإسرائيلي بتداعياته السياسية الصوت المرجح في انتخاب بشير الجميل رئيساً، فلما اغتيل تم انتخاب شقيقه أمين رئيساً ـ بديلاً.

... وكان ما كان من تمسك أمين الجميل بحلم التمديد حتى اليوم الأخير من ولايته التي حفلت بكوارث وطنية عدة. وقبيل منتصف الليلة الأخيرة وبعد تبخر أمله بالتمديد استدعى الرئيس المنتهية ولايته، قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون وعيّنه رئيساً لحكومة من أعضاء المجلس العسكري الذي يرئسه. لكن الأعضاء الثلاثة المسلمين أعلنوا رفضهم هذا القرار... وصار للبنان «حكومتان»: الشرعية التي كانت قائمة برئاسة الرئيس سليم الحص، والعسكرية بنصف أعضائها المسيحيين برئاسة العماد عون. ومعروف أن الوضع سرعان ما انفجر بـ «حرب التحرير»، التي شنها العماد تحت عنوان المطالبة بإجلاء الجيش السوري الذي كان قد دخل بقرار من جامعة الدول العربية تحت غطاء قوات الردع العربية في العام 1976، وقبل ان تتوقف «حرب التحرير» هذه، تماماً، تفجرت «حرب الإلغاء» بين العماد عون و «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع.

مع نهاية العام 1983 عُقد مؤتمر جنيف للمصالحة الوطنية، برعاية سورية ـ سعودية مشتركة (تحت المظلة الأميركية)... ثم عُقدت جولة ثانية لهذا المؤتمر في لوزان في ربيع 1984 ثم كانت الجولة الثالثة والحاسمة في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في خريف 1989. وتنفيذاً للتوافق فيها تم انتخاب المرحوم رينيه معوض رئيساً للجمهورية في مطار القليعات العسكري في عكار. لكن أيادي الإجرام اغتالت هذا الرئيس التوافقي يوم عيد الاستقلال (22 ت2) في بيروت، فعقد المجلس النيابي جلسة استثنائية أخرى في فندق شتوره بارك أوتيل تم فيها انتخاب الراحل الياس الهراوي رئيساً.

ولقد تم تمديد ولاية الهراوي لثلاث سنوات.

بعد ذلك ستعجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس جديد، فتجد الحل في اختيار قائد الجيش العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية. وحين استصدر القرار الدولي 1559 حول لبنان ضغطت دمشق لتمديد ولاية الرئيس لحود لثلاث سنوات أيضاً.

مع انتهاء ولاية لحود شغر موقع الرئاسة لستة أشهر ونيف. وحين حصلت واقعة 5 أيار الشهيرة رد عليها «حزب الله» في السابع من أيار 2007 لمنع كشف خطوط الاتصال البري بين قيادة المقاومة ومجاهديها على امتداد جبهة المواجهة مع العدو الإسرائيلي.
استمر الشغور في موقع الرئاسة حتى تلاقى الأطراف السياسيون المختلفون في مؤتمر الدوحة في الثلث الثاني من أيار 2007، حيث توافقوا على انتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان الذي انتهت ولايته قبل سنتين ونصف السنة تقريباً، دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد.

وها ان لبنان في قلب الفراغ منذ ذلك الحين، مع كل ما يسببه ذلك من خلل بسبب غياب الرئيس الأول الذي لا يستقيم الحكم من دونه.. كما ان خلو المنصب يُشعر الطائفة المارونية بالغبن وترى فيه مساً بكرامتها.

وها هي المنافسة على موقع الرئيس تحتدم مجدداً، خصوصاً مع التحول في موقف الرئيس سعد الحريري من إعلان التأييد للنائب سليمان فرنجية، إلى إعلان تزكية ترشيح النائب ميشال عون.

على ان احتدام المنافسة يتجاوز الأشخاص إلى الكتل السياسية التي يلف الغموض مواقف معظمها، وكل كتلة تنتظر إعلان موقف الكتلة الأخرى لتقرر موقفها... وتنفرد الكتلة العونية بالتهديد بالنزول إلى الشارع إذا لم يتم انتخاب العماد عون رئيساً.

... ومعروف ان في لبنان شوارع سياسية عدة وليس شارعاً واحداً.

ربما لهذا يرى البعض ان «الشارع» ليس أفضل صندوق انتخاب للرئيس الجديد... وهكذا ينتهي عصر الفراغ برئيسين بدلاً من واحد، ومعهما طبعاً، الرئيس الجامع المانع الرادع... إلا بإذن الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الرئاسة والطوائف والشارع عن الرئاسة والطوائف والشارع



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt