توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا ينطفئ الفرح بالعهد الجديد...

  مصر اليوم -

حتى لا ينطفئ الفرح بالعهد الجديد

بقلم طلال سلمان

انطفأ الفرح بانتهاء دهر الفراغ في مواقع السلطة العليا: رأس الدولة، والحكومة، وعودة الروح ـ موقتاً ـ إلى المجلس النيابي، مباشرة بعد انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

يوماً بعد يوم، يشعر اللبنانيون الذين افترضوا أنهم قد استطاعوا، أخيراً، ان يعرفوا طريقهم إلى «غد طبيعي»، في دولة عادية، مكتملة المؤسسات، ولو شوهاء، وبعيدة عن تمثيل طموحات شعبها «الأممي»، بشيء من خيبة الأمل يتكاثف على مدار الساعة ليعيدهم إلى حيث كانوا قبل الحدث الخطير: النجاح في انتخاب رئيس للجمهورية في المجلس النيابي الذي كان يرفض الاعتراف بشرعيته، مع أنه عضو فيه، بل ورئيس كتلة نيابية وازنة... والمباشرة في استشارات (ملزمة) لاختيار رئيس جديد للحكومة، كانت نتيجتها ـ هي الأخرى ـ العودة إلى الماضي بأمل الاندفاع إلى المستقبل المنشود.

وفي الاستشارات، كما على هامشها، استعيدت المشاهد والتصريحات المألوفة، مع إضافة نوعية من «القوات»، قدمت فيها نفسها كالشريك الكامل «للرئيس» في عهده الميمون، باعتبارها الصوت المثبت لشرعيته «المارونية» ـ كأنما هو يحتاجها ـ مطالبة بتعويضها «حقها المغبون» منذ ما قبل السجن إلى ما بعد «دولة معراب».

وكان ذلك مؤشراً جديداً على أن «العهد الجديد» يستكمل إطلالته الأولى بالوجوه القديمة ذاتها معززة بحزب منفوخ يريد تثبيت الشراكة مع «صاحب العهد» من موقع التمثيل الماروني، لاغياً كل من عداه من الموارنة بل من المسيحيين... وقافزاً من فوق الحقيقة الثابتة عن الحلف الاستثنائي بين «العماد» العائد من المنفى زعيماً لكثرة من المسيحيين و «السيد» الذي كان وما يزال يمثل الوجه الأنقى للمجاهدين من أجل تحرير الأرض والإرادة في لبنان من محتلها الإسرائيلي ومن مكبليها بقيود الطائفية والمذهبية... وان هذا الحلف الذي طمس صفحة «التمرد» وفتح أمام «الجنرال» الطريق إلى الرئاسة، كان الأساس في قيام «العهد الجديد»، خصوصاً وقد تعزز بإقدام الرئيس الحريري على تنكب هذا الترشيح بالاضطرار المجزي والذي سيعيده إلى رئاسة الحكومة.

هكذا يبدأ «العهد الجديد» بوجوه قديمة، ويباشر «التغيير» بالعودة إلى الوراء و «الإصلاح» برجال معروف فسادهم وموصوف.. فيهم بعض المحسوبين عليه مباشرة، وفيهم من هو محسوب على حلفائه الطارئين.

فالحاضر الأشوه انتخب الماضي المتمرد على «بعض» النظام قبل أن يقاتل الطموح إلى التغيير بالشعار المستنفر للعصبيات، وأخطرها الطائفية.

من التظاهرة التي تستدعي ذكريات «الحربين»، ولو بالملابس المدنية والعلم اللبناني (من دون إصلاح أو تغيير)، إلى «علم الماضي» ذي الأبعاد القياسية والذي أفردت له صدارة القصر الجمهوري، أمس، في احتفال يستعيد الماضي على حساب الحاضر والمستقبل، إلى هجوم بعض الأنسباء والأقربين والمعاونين القدامى، إلى «تطهير» دوائر القصر الجمهوري من «الغرباء»... كل ذلك لا يبشر لا بإصلاح ولا بتغيير... حتى ليمكن القول إن الحاضر الأشوه قد انتخب الماضي المتمرد على «بعض النظام»، قبل أن يعود إلى الاعتراف باتفاق الطائف بعد 27 عاماً شهدت، عقب إنهاء «التمرد»، عهدَين استثنائيين تم تمديد المدة الطبيعية (6 سنوات) لكل منهما ثلاث سنوات إضافية، مع عهد باهت أعقبه فراغ رئاسي لمدة سنتين وتسعة أشهر إلا قليلاً.

وها هي «حرب» الحكومة الجديدة تستعيد تقاليد التأليف المعهودة التي تذهب بتوقعات الإصلاح والتغيير جميعاً، مستنفرة الطوائف والمذاهب عبر «الثقل النوعي» الذي تحاول «القوات» فرضه على «العهد الجديد» من موقع الشراكة الكاملة بوصفها تمثل عموم المسيحيين، من الموارنة إلى الكاثوليك فإلى الأرثوذكس، ومن دون أن تنسى الأرمن (وإن كانت تتقصد أن تنسى سليمان فرنجية عن طريق تصنيفه «عدواً للعهد»، مع أنه منه وفيه بقوة الحليف المشترك الذي كان صاحب الأسبقية في إسقاط «الفيتو» عن الجنرال العائد زعيماً شعبياً بدل معايير «الزعامة» في الوطن الصغير).

مرة أخرى يثبت هذا النظام الفريد أنه عصي على الإصلاح والتغيير، وأن التجربة الفريدة التي قادها الرئيس (اللواء) فؤاد شهاب والتي نجحت جزئياً، قبل أن يلتهمها أركان النظام الفريد، قد دفعته إلى اليأس فرفض التمديد والتجديد واعتكف حتى مات كمداً، وحيداً إلا من زوجته الفرنسية الوفية التي قدمت نموذجاً غير قابل للتكرار في وطن الأرز!
عشتم وعاش لبنان... في ذكرى استقلاله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا ينطفئ الفرح بالعهد الجديد حتى لا ينطفئ الفرح بالعهد الجديد



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt