توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الديموقراطية «تحت»...

  مصر اليوم -

الديموقراطية «تحت»

بقلم طلال سلمان

أثبت اللبنانيون عبر الانتخابات البلدية، إيمانهم بالديموقراطية، برغم أنف نظامهم الفريد في بابه، والطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة بأسباب حياتهم.

ذهبوا إلى صناديق الاقتراع فانتظموا طوابير أمام مراكزها، واحتموا بالساتر ليختاروا من شاءوا من المرشحين، سواء بصلة القربى أو بالاقتناع بأهلية مرشحيهم، ثم واصلوا حياتهم الطبيعية بهدوء وراحة بال بعدما أدوا «واجبهم» الانتخابي..

وهكذا أكدوا، مجدداً، أن العيب «فوق» وليس فيهم، وبالتالي فإن من يقاتل «الديموقراطية» ويحولها إلى مدخل إلى الخلافات والصدامات ومشاريع الحرب الأهلية، هم «الناس اللي فوق»، وأن «الرعايا» إنما قد اختلسوا لحظات فرح وهم يمارسون حقهم الطبيعي في اختيار من يرون فيه الكفاءة والاستعداد لخدمة مدنهم وبلداتهم والقرى.

طبيعي أن تكون العائلية وروح القبيلة قد لعبتا دوراً في خياراتهم، لكن كلاً منهم قد اختار من يقتنع بهم من «المرشحين»، ثم تلقى النتائج بالرضا والقبول وتصرف بموجب قاعدة «إن غداً يوم آخر»!

مع هذا فإن الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة تهرب من «كأس» الانتخابات، وتلجأ إلى التمديد بعد التمديد للمجلس النيابي الذي دخل في الشيخوخة... ثم أنها تهرب من واجبها في انتخاب رئيس للبلاد، مع وعيها بأن أداءها هذا الواجب لن يفجر الحرب الأهلية ولا هو سيأخذ إلى الفتنة الطائفية، ولن يتسبب في أزمة دولية خطيرة يتواجه فيها الطاغوت الأميركي مع الدب الروسي مثلاً.

إن الانتخابات البلدية تفضح الطبقة السياسية وخيانتها لأبسط واجباتها في دعم الاستقرار وتعزيز الدولة باستكمال مؤسساتها الشرعية باختيار رأسها، بما يحصن الوحدة الوطنية بالرئيس الذي تستشعر طائفته بأن تغييبه افتئات على حقها المؤكد دستورياً والضروري لانتظام الحكم وخروجه من الغيبوبة نتيجة الفراغ في رأس السلطة.

خلاصة الكلام أن الشعب هو الديموقراطي وأن الطبقة السياسية هي المعادية للديموقراطية.. وموضوع الشغور الرئاسي مجرد نموذج للدلالة على أن أهل النظام هم المعادون للديموقراطية، ومن هنا تهربهم من القيام بأبسط واجباتهم.. انتظاراً لكلمة السر التي يفترض أن تأتي من البعيد، حتى لو تسربلت بالعباءة المذهبة، ونطقت الإنكليزية بلكنة بدوية!

* * *
خطأ لا يمكن الدفاع عنه..
شهدت القاهرة في الأيام القليلة الماضية أحداثاً في غاية الخطورة، وهي ما تزال ـ حتى الساعة ـ مفتوحة على المجهول: فقد اقتحمت قوات الشرطة والمباحث مبنى نقابة الصحافيين في القاهرة بذريعة القبض على زميلين لجآ إليها، ليتجنبا اعتقالهما مع استعدادهما للمثول أمام محكمة المطبوعات في الموعد المقرر لها. وعندما حاول النقيب وبعض أعضاء مجلس النقابة حماية زميليهما، متعهدين بتأمين حضورهما المحاكمة، متجاوزين الاعتراض المبدئي على «المطاردة» واقتحام النقابة، اندفعت السلطة في «حماية الديموقراطية» إلى حد اعتقال النقيب وأمين سر النقابة وأبقتهما ليلة في «التخشيبة».. وقد حن عليهما رجال المباحث فاستضافوهما في غرفة جانبية وليس مع الموقوفين بتهم شتى، أبسطها النشل وأخطرها ما يمس بالأخلاق العامة.

إن هذه الواقعة خطيئة وليست خطأً إجرائياً.. ولم يحدث أن ارتكب أي نظام في مصر، لا في العهد الملكي ولا في زمن جمال عبد الناصر، ولا حتى في زمن السادات، فضلاً عن عهد حسني مبارك وبعده حكم الإخوان المسلمين مثل هذه الجريمة بحق حرية الصحافة (ضمن ظروفها المعلومة التي تداري فيها غضب السلطان باعتباره «المالك» قانوناً، أو المتكرم على بعض حاشيته من أغنياء الانفتاح ونهب المال العام بالسماح لهم بإصدار صحف معظم رساميلها خليجية، وكذا محطات التلفزة..).

للتوضيح فإن الزميلين المطلوبين لم يرتكبا جريمة خطيرة تتطلب مثل هذه المطاردة الشرسة، كائنة ما كانت المقالات أو العبارات التي نشراها عبر أجهزة التواصل الاجتماعي. ليسا أعضاء في تنظيم سري يتآمر على النظام لإسقاطه، ولا يمكن أن يشكلا مصدر خطر على النظام، كما أنهما ليسا من «الإخوان»، ولا هما من تجار المخدرات وأصحاب السوابق.

إنها غلطة فاحشة تسيء إلى النظام وتصوره ضيق الصدر بالحرية، وغضبه السريع ليس شهادة له بالحزم بل بالرعونة وتعظيم ما هو عادي بطبيعته.

الأخطر: إنها إساءة إلى تاريخ مصر التي كانت رائدة في مجال الصحافة (والثقافة عموماً)، وقد أسهم صحافيوها في بناء المؤسسات الصحافية العربية، لا سيما في الجزيرة والخليج... بل كان لهم، أيضاً، دور مذكور في نهضة صحافة لبنان، لا سيما في الستينيات.
وبالتأكيد فإن القيادة في مصر التي تتبدى مرتبكة في كثير من قراراتها لم تكن بحاجة إلى هذا الخطأ الذي لن تستطيع الدفاع عنه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديموقراطية «تحت» الديموقراطية «تحت»



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt