توقيت القاهرة المحلي 08:16:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لا يعرفه «السيسى»

  مصر اليوم -

ما لا يعرفه «السيسى»

عمار علي حسن

درس المشير عبدالفتاح السيسى مقررات فى علم الاستراتيجية، وبالقطع فى العلوم العسكرية، لكن يبدو أنه لم يدرس شيئاً عن «الرأى العام»، ولم يقرأ عن دور «الأفندية» فى بناء مصر الحديثة. وهذه ليست معلومات لدىّ، إنما هى استنتاج من خطاب الرجل وطريقة تصرّفه وتعامله على مدار الشهور القليلة الفائتة حين سطع نجمه بقوة بعد اختباء أو توارٍ طويل بحكم موقعه وطبيعة مهمته. ورغم أن الرجل تولى منصب مدير المخابرات الحربية فإن الجيش ليس به «رأى عام» بالمعنى العلمى، وهذا سمت الجيوش فى كل أرجاء الأرض، فالانضباط وصرامة التعليمات والتراتبية ووحدة الهدف وحيز الاهتمامات المحدد بدقة، حالت دون ولادة هذا الشىء فى صفوف القوات المسلحة، مثلما يكون فى رحاب الحياة المدنية المعقدة والمركبة والمتنوعة. فـ«السيسى» يتصرف، على ما يبدو، وكأن الرأى العام المصرى كتلة صماء ثابتة، وبالتالى فإن الشعبية الجارفة التى وُلدت له عقب إطلاق خريطة الطريق وعبّرت عن هذا بتلبية ندائه فى 26 يوليو الفائت بنزول عشرات الملايين إلى الشوارع، ستظل على حالها إلى الأبد، ولن تنزف بمرور الوقت نتيجة ما يقال عن تردده أو حيرته أو نظراً إلى تحمله جزءاً كبيراً من مسئولية ما يجرى الآن فى الساحة السياسية أو الدعاية السوداء التى تطلق ضده من قِبل جماعة الإخوان وأتباعها، وأبعدها تأثيراً عليه فى سباق الرئاســة تــلك التــى تصفــه بأنـه رجل فى عنقه دم، وسيظل طيلة الوقت مطلوباً للثأر، وهذا سيؤثر على موقعه كرئيس. ما لا يعرفه «السيسى» الآن أن شعبية أى شخص، سياسياً كان أو قائداً عسكرياً، لا تبقى على حالها الذى كانت عليه وقت الجيشان العاطفى، ولن تبقى إن نزل الرجل إلى حلبة السياسة، حيث سيراه الناس فى زى مدنى وينتظر بعضهم أن يسمعوا منه كلاماً مختلفاً، يضاهونه بما فى رؤوسهم من مقياس على رئيس الجمهورية المنتظر، وحيث سيتاح لمنافسيه أن ينتقدوه، بل يهاجموه أحياناً، إن وجدوا أن هذا فى صالحهم. وهذا المخاض إما أن يخرج منه «السيسى» معززاً شعبيته وإما العكس، والأمر متوقف على أدائه. الشىء الآخر الذى لا يعرفه «السيسى» أنه يبدو غير معنى برأى أو موقف جماعات المثقفين ومنتجى المعرفة والعلماء وقادة الرأى العام والمنخرطين فى الحياة الحزبية ونشطاء السياسة وقطاع من شباب الثورة قدر عنايته بموقف عموم الناس أو «أولاد البلد». ففى الانتخابات يتساوى صوت الفرّان والفلاح والنجار والكوّاء مع صوت الروائى وعالم الفيزياء والطبيب الماهر والسياسى البارع. أما بعد الانتخابات فيختلف الأمر، إذ تكون قدرة هذه النخب على الفعل أوسع بكثير من قدرة الطبقات البسيطة. وهنا أتذكر ما كان يقوله الرئيس السادات: «لا يزعجنى العمال والفلاحون، إنما الأفندية»، وبالطبع فإن الحركة الطلابية والقيادات الفكرية والسياسية هى التى زعزعت عرش «السادات»، فاعتقلهم، فتمهد الطريق أمام اغتياله. ولا يعنى هذا أن هناك مهنة أرقى من غيرها، فكلنا يؤدى دوره، والمهم أن يتقن عمله، ومن الضرورى، بل من النبل، أن يلتفت الحاكم إلى بسطاء الناس واحتياجاتهم، لكن حين يدير الدولة، ويُسيّر الأمور، لن يستطيع هذا دون تعاون النخب أو «الأفندية» معه. كثيراً ما قلت طيلة الشهور الفائتة إن القوات المسلحة حين تتحدث فى بياناتها عن الشعب، تقصد به: عموم الناس خارج التشكيلات الثورية والقوى الحزبية، وهذا يصلح بالقطع للجيش، الذى ينظر إلى القاعدة الشعبية العريضة باعتبارها حاضناً له، وهذه حقيقة، لكنه لا يصلح لمن ينتقل من موقعه كقائد عسكرى إلى رأس الحياة السياسية. على «السيسى»، إن حسم أمره نهائياً وترشح لانتخابات الرئاسة، أن يراجع هذين الأمرين، وإلا سيدفع ثمناً باهظاً. وفى النهاية، أتمنى لمن يختاره الشعب المصرى رئيساً، كل النجاح والتوفيق من أجل مصلحة مصر العريقة العظيمة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا يعرفه «السيسى» ما لا يعرفه «السيسى»



GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 01:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

فيلبي وحفيدته سارة... وإثارة الشجون

GMT 01:36 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 00:10 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

قواعد اللعبة تتغير من حولنا!

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon