توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب والقضية الفلسطينية

  مصر اليوم -

ترامب والقضية الفلسطينية

بقلم : مصطفي الفقي

 إننى ممن يؤمنون أن المسئول القوى  والمهاب من أطراف مختلفة يكون أنفع لنفسه ولمن حوله، ونقيس على هذه القاعدة وضع الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية "دونالد ترامب" وأبادر فأقرر بداية أن قراءتى لتاريخه الشخصى وتجربة الفترة الأولى لحكمه تؤكدان معًا أنه حليف قوى لإسرائيل وداعم شرس للدولة العبرية على حساب العرب والفلسطينيين وغيرهم، ومع ذلك فإننى أتصور أن مثل هذا الرجل القوى ضدنا والمنحاز بشدة لأعدائنا يمكن أن يكون هو الفرصة الأفضل لكسر الجمود فى مفاوضات التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، ونعلم أن للرجل شطحاته وأفكاره الغريبة التى تبدو خارج السياق وكأنه طائر جارح يغرد خارج السرب، فالرجل الذى كان صاحب فكرة صفقة القرن هو نفسه الذى يملك فى حسابه الشخصى مليارات الدولارات وهو أيضًا رجل الأعمال الذى خبر الأسواق العربية والغربية معًا وترك بصمات قوية فى علاقاته التى لا تخلو من العنف، بل تبدو صدامية فى كثيرٍ من الأحيان، ولا أظنه سوف يتوقف عن ابتزاز الدول الثرية ماليًا أو المتميزة إستراتيجيًا، وهاهو يسعى حثيثًا للاستحواذ على كل شيء بل يسعى إلى فرض سيطرة على ربوع العالم، ولديه انحياز واضح للرجل الأبيض.
ولا أستطيع أن أزعم إمكان التعميم فيما نقول فقد تكون للرجل بعض الحسنات، وأنا كمصرى أذكر له موقفه العادل نسبيًا من الأزمة بين القاهرة وأديس أبابا حول الإجراءات الأحادية من جانب حكومة آبى أحمد فى أزمة السد الإثيوبى، فقد كاد ترامب فى رئاسته الأولى يصل إلى تسوية مقبولة للطرفين ولكن إثيوبيا وجدت من يهمس لها بألا تمضى فى ذلك الطريق لأن القضية ليست المياه وحدها ولكنها محاولة خنق مصر والتأثير على عملية التنمية فى أرضها، فالسد الإثيوبى كيدى بامتياز وليس تنمويًا فقط،إن الرئيس الأمريكى القوى الذى يحمل رقم 47 من بين سكان البيت الأبيض سوف يكون قادرًا أكثر من غيره على حسم القضايا الدولية المعقدة  وفك طلاسم الأزمات السياسية الكبرى التى تضرب الكون فى كل اتجاه. كما أن الرجل يملك خلفية اقتصادية على مستوى الفكر والممارسة معًا تسمح له بأن يكون قادرًا على تقديم تلك الحلول الاقتصادية المقبولة لكثير من المشكلات المعقدة، ولذلك فإن موجة القلق المشوب بنزعة التشاؤم فى استقبال دونالد ترامب قد تكون غير مبررة بعمومها، ولكنها مقبولة فى بعض بنودها، ويتذكر المصريون أن الكيمياء الشخصية بين الرئيس الأمريكى الجديد والرئيس المصرى الحالى ترقى إلى درجة القبول المشترك وتعطى أملاً فى دور مصرى أكثر فاعلية وتأثيرًا فى المنطقة العربية ونطاق الشرق الأوسط بشكل عام، وأنا لا أبالغ هنا إذا سجلت شعورى العميق بأن الحاكم المتشدد يكون أكثر قربًا فى تحقيق النتائج من ذلك الذى يبدو متساهلاً ولا يدرك المعنى الحقيقى للمسئولية التاريخية التى يحملها.
 ولقد قرأت بعض ما روى عن الإمام أحمد بن حنبل من أن حاكمًا به بعض الهنات ولكنه ينفع الناس ونفسه خير من آخر لا ينفع أحدًا، ولنتذكر فى تاريخنا المعاصر أن الرئيس الراحل أنور السادات وقع اتفاقية السلام مع الإرهابى الإسرائيلى المتشدد مناحم بيجن فى ظل حكومة الليكود التى تقع فى أقصى يمين الخريطة الحزبية للدولة العبرية.
 بقيت نقطة مهمة يجب ألا تغيب عن تفكيرنا وأعنى بها أن قدرة الرئيس الأمريكى الجديد ترامب على الضغط على إسرائيل ويمينها المتطرف من المتشددين دينيًا سواء فى حكومة نيتانياهو أو غيره من المتطرفين أقوى جدا من ضغوط الرؤساء الأمريكيين السابقين المؤيدين لإسرائيل جميعًا وبغير استثناء ولكن بدرجات متفاوتة، فالأمر الذى لا خلاف عليه هو أن قوة الضغط على إسرائيل لابد أن تأتى من حاكم متشدد تجاه العرب وصديق وفى لإسرائيل فى الوقت نفسه، وقد يقول البعض إن جو بايدن كان صهيونيًا حتى النخاع ولكن لم تتحقق له القدرة فى الضغط على إسرائيل حتى اللحظات الأخيرة من حكمه، وذلك يؤكد الشعور أن قرار إيقاف إطلاق النار فى غزة قد جاء بسبب وصول ترامب إلى السلطة وليس بسبب رحيل بايدن عنها، إننى لا أدعى أن ترامب قديس وأن من سبقه هو إبليس، ولكننى أزعم أن طريقة الاستقبال العربية للرئيس الأمريكى الجديد إذا اتسمت بالحنكة والحصافة والذكاء مع شيءٍ من الاعتدال الذى لا يمس الثوابت العربية والقومية فإنها قد تؤتى ثمارها الحقيقية للقضية الفلسطينية المزمنة وهى قضية الأحرار فى كل مكان، بل قد تنال الاهتمام الأكبر من الرئيس الأمريكى الجديد خلافاً لكثير من التوقعات المتشائمة من جانب العرب، وفى علم السياسة لايمكن التنبؤ الكامل بما يمكن أن يحدث فى الأيام المقبلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب والقضية الفلسطينية ترامب والقضية الفلسطينية



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt