توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طباعة ضرورة نقد الذات

  مصر اليوم -

طباعة ضرورة نقد الذات

فهمي هويدي

لا يستطيع المرء أن يكتم دهشته حين يقرأ فى صحف الصباح تصريحا منسوبا إلى أحد المسئولين بالإخوان يقول فيه إن الجماعة تطالب بست (فى قول آخر بثمانى) حقائب فى الحكومة التى دعا الرئيس مرسى إلى تعديلها. ليس العدد سبب دهشتى لكنها الفكرة ذاتها. ذلك أننى استغرب أن تفكر أية قيادة فى الإخوان فى زيادة تمثيلها فى الحكومة، فى حين تتراجع شعبيتها فى الشارع. وسواء كان ذلك راجعا إلى أخطاء وقعت فيها الجماعة وأدت إلى إضعاف أو هدم جسورها مع القوى السياسية الأخرى، أو إلى كثافة الإعلام المضاد، فالنتيجة واحدة. بالتالى فما ينبغى أن تنشغل به الجماعة فى الوقت الراهن هو تقوية الحكومة وتعزيزها بأرفع الكفاءات إلى جانب كيفية ترميم علاقتها مع الآخرين. وليس تكثيف وجودها فى السلطة. وكان ظنى ــ ورجائى ــ أن تجرى قيادة الجماعة فى هذه المناسبة نقدا ذاتيا شجاعا أولا، لتقييم الثمن الذى دفعته الجماعة من جراء تحالفها مع السلفيين. وثانيا لتحرى الأسباب التى أدت إلى انفضاض كثيرين من حولها أشخاصا كانوا أم أحزابا. وفى ذات الوقت تفكر جديا فى تصحيح ذلك الموقف وإعادة مد الجسور مع بقية القوى السياسية، أو على الأقل مع الأطراف الذين لم يكونوا خصوما لها. وفى هذه الحالة فإن التفكير الذى أتصوره سديدا ينبغى أن يتجه إلى توسيع ضم الآخرين المعارضين للحكومة إلى جانب إعلاء قيمة الكفاءة فوق الانتماء للجماعة. لقد كان لى فى وقت مبكر تحفظ على فكرة تشكيل الإخوان للحكومة أيا كانت الأغلبية التى تمتعوا بها فى الانتخابات النيابية، لأسباب تعلقت بالملاءمة السياسية والخبرة العملية. واقترن ذلك التحفظ بتحذير الإخوان من ثلاث فتن باتوا يتعرضون لها، حصرتها آنذاك فى فتنة الأغلبية وفتنة السلطة وفتنة الإعلام. لكن الأمور اتخذت مسارا آخر، ففاز الإخوان بالرئاسة، ولم يشكلوا حكومة إخوانية لكن رئيس الجمهورية كلف شخصية غير إخوانية برئاستها. واختار لها خمسة من الإخوان من بين 35 وزيرا فى الحكومة. ومع ذلك فقد غابت عنها القوى السياسية الأخرى بعد اعتذارها عن عدم المشاركة. وحتى إذا كان الاعتذار غير برىء (سمعت من أحد المعتذرين قوله إن حزبه أراد للإخوان أن يشربوها وحدهم) فقد كان يتعين على الإخوان أن يضموا إلى الوزارة أكبر عدد من الخبراء ذوى الكفاءات المستقلة التى يمكن أن يمثل وجودها إعلانا جادا ومقنعا عن أنها حكومة وحدة وطنية وليست حكومة الإخوان. ورغم أن المأزق الاقتصادى الذى تواجهه مصر الآن كان ينتظر أية حكومة أخرى، فإن الرأى العام سيظل يربط بين ذلك المأزق وبين جماعة الإخوان دون غيرها. لست فى وارد تقييم موقف الجماعة، الذى أرجو أن تمارسه قياداتها وقواعدها، لكننى أقول بسرعة إن كثيرين من المتحدثين باسمها استسلموا للفتن الثلاث التى حذرت من الوقوع فيها، الأمر الذى يسوغ لى أن أقول إنهم كانوا ولا يزالون ظالمين ومظلومين. وفى هذا الصدد فإننى لست أبرئ المعارضين الذين كان أكثرهم حريصا على تصفية الحساب معهم وإفشالهم. بأكثر من حرصه على التعويل على ما هو إيجابى فى محيطهم لصالح تحقيق أهداف الثورة وإقالة البلد من عثرته. من ثم فإن منهم من ظل مشغولا بهزيمة ما سمى بالإسلام السياسى بأكثر من انشغاله بالانتصار للثورة وإعلاء مصلحة الوطن. لن أستغرب إذا قيل إن الخبر الذى نشرته الصحف عن مطالبة الإخوان بذلك العدد من الحقائب الوزارية غير صحيح، وأنه جزء من حملة التشويه التى يتعرضون لها عبر وسائل الإعلام المنحازة. وهو أمر ليس مستبعدا لأننا نتابع أصداء هذه الحملة منذ تولى الدكتور مرسى منصبه. وقد قرأنا قبل أيام قليلة فى عناوين تحذيرية صارخة أن الإخوان طلبوا ترخيص 470 قطعة سلاح، وانهالت علينا التعليقات والرسومات الكاريكاتورية المنددة بالمطلب والمستهجنة له، إلى أن كذبت وزارة الداخلية الخبر. ومع ذلك ظل التنديد مستمرا. ليست تلك هى الحالة الوحيدة بطبيعة الحال لأن حرب الشائعات تعد أحد الأسلحة الفتاكة المستخدمة فى التجاذب السياسى الذى تشهده مصر. إلا أن ما شجعنى على التعليق على خبر الحقائب الوزارية والاستطراد فيه أن أحدا من الجماعة لم يكذبه حتى الآن. ولا أخفى أننى انتهزتها فرصة لتنبيه الإخوان وتحذيرهم خصوصا أن ثمة انتخابات نيابية فى الطريق، حيث سيتعرض الجميع للامتحان، الذى فيه يكرم الحزب أو يُهان. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طباعة ضرورة نقد الذات طباعة ضرورة نقد الذات



GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 09:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 09:18 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 09:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 09:15 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

سيدفع الثمن الأغنياء والفقراء على حد سواء

GMT 09:14 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«خليها تعفن»!!

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon