توقيت القاهرة المحلي 01:42:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم يُرتكب من جرائم باسم الأهداف النبيلة

  مصر اليوم -

كم يُرتكب من جرائم باسم الأهداف النبيلة

وائل عبد الفتاح

لا فرق بين فاشية وطنية أو دينية. كلتاهما تبدأ من فكرة عن طريق المجد، ثم تضع خريطة طريق للوصول إلى استعادة هذا المجد، وهنا يضع الفاشى أصابعه فى مساحتك الشخصية. فى النكتة، سألت المذيعة: مصر بالنسبة لك إيه؟ قال لها المسطول الأول: مصر هى أمى. فاستدارت وسألت زميله: وانت.. مصر بالنسبة لك إيه؟ فرد بسرعة: «أنا مابتكلمش عن أم واحد صاحبى». هذه أقصى سخرية من الوطنية القديمة التى تعتبر أن الوطن هو الأم. والشعب عائلة واحدة. وهى وطنية تغوى الحالمين والرومانسيين والمثاليين.. لكنها فى الحقيقة وطنية موروثة من الأنظمة الفاشية.. تربى المواطن على أنه مجرد رقم فى عائلة كبيرة. وطنية تقوم على التعصب الأعمى، وعلى فكرة القطيع الذى لا يفكر.. الفرد يلغى اختلافه ويحتمى وسط القطيع.. وينتمى إليهم. هكذا كان يمكن للسادات أن يعتبر نفسه مصر، وأى نقد له هو «إساءة إلى مصر»، وبنفس المنطق فإن المنتمين إلى وطنية القطيع تنتابهم هستيريا جماعية عندما يعرى أى أحد الفضائح التى يتواطأ الجميع للتستر على وجودها، بهذه الثقافة، ووطنية تربت على يد العسكر، وهدير القطيع.. نتصور أحيانا أننا فى المدينة الفاضلة كلما ارتكبت السلطة جرائم ضد الحرية الشخصية أو الاختلاف فى التفكير. عقلية السلطة ترى فى الشعب قطيعا واحدا.. وعلبا متشابهة. ترص على رفوف فتبدو تشابهاتها أقوى ومصدر فخر.. ومن هنا فإن الضباط أيام مبارك «المعادى للتنظيمات الإسلامية» كانوا يقيمون حملات كل رمضان للقبض على المجاهرين بالإفطار. الضباط يريدون توصيل رسالة عليا بأنهم يمثلون دولة إسلامية وينافسون بذلك الإخوان المسلمين ومن ينازعهم فى هذه الصورة لدى الناس. إنها رغبة الدولة الشمولية فى أن تكون ليبرالية «توزع منح الديمقراطية على شعبها الطيب المسكين» واشتراكية «لا تغفل عينها عن أى محتاج من طبقات محدودى الدخل» وقومية «تلعب الدور المصرى فى أمة العروبة.. ليس المهم ماذا تلعب المهم أنها تلعب».. دولة كل شىء.. تجمع كل المتناقضات.. بل إنها تخترع المعارضة ولا تكتفى بتشكيل الحكومة فقط. فى نفس الوقت فإن الضابط حينما يلقى القبض على الفاطر فى رمضان أو على شخص لا يعجبه منظره.. فإنه يوقظ قانونا قديما ومهجورا أقر فى عصر الملك فؤاد «الثلاثينيات» عندما كان يريد أن يكون خليفة المسلمين.. وفى نفس الوقت يخرج شحناته المكبوتة فى فرض موديل أخلاقى كما هى عادة خريجى الثقافة المحافظة. فمن يتصورون أنهم حراس أخلاق لا منفذو قانون فى الحقيقة يطبقون أخلاقهم وكتالوجا يجعل منهم سلطة، فالإسلامى الذى يحتل مكانا بقوة السلاح ثم ينفذ جرائم مثل فرض الجزية «أى تجريد مواطن من مواطنته» أو حرق كنيسة أو قتل دون محاكمة أو سرقة محلات للاستحلال أو غيرها من جرائم تتم تحت أغراض نبيلة هى إعادة المجد للإسلام. وكذلك الضابط الذى يعذب مواطنا أو يضعه فى ثلاجة القسم ليقيم حفلته المسائية عليه أو يقتله أو يفتش سيارته، متبرما من وجود كتب أو زجاجة بيرة أو أى شىء لا يقع تحت طائلة القانون، لكنه يستفز أخلاق البيه الضابط حارس الأخلاق والوطنية. هذه الحراسة خارج القانون تتخذ من الفكرة النبيلة ستارا لجريمة الاعتداء على حرية الفرد.. وهى أكبر جريمة دفعت البشرية ثمنها ملايين الضحايا، وتعلمت منها الدول، لكن هناك من يبرر للجريمة باسم الأهداف النبيلة. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم يُرتكب من جرائم باسم الأهداف النبيلة كم يُرتكب من جرائم باسم الأهداف النبيلة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon